قال المهندس جمال عسكر، خبير صناعة السيارات، إن استمرار الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ تولي الرئيس دونالد ترامب سدة الحكم، تسببت في "لخبطة كبيرة جدًا" في سوق السيارات على مستوى العالم، لا سيما الأسواق الأمريكية، الأوروبية، والصينية، وهو ما أدى إلى خسائر جسيمة تكبدتها كبريات شركات السيارات العالمية.
وأشار عسكر في مداخلة مع قناة إكسترا نيوز، إلى أن تداعيات هذه السياسات الجمركية ظهرت بوضوح في أداء شركات مثل "جنرال موتورز" و"فورد" في الولايات المتحدة، وكذلك "فولكس فاجن جروب" في ألمانيا. ولفت إلى أن دولًا كفرنسا وصلت إلى حافة الانهيار الاقتصادي، بينما بدأت ألمانيا تعاني من أزمات كبيرة في قطاع السيارات نتيجة تلك السياسات الحمائية.
وأكد أن الهدف من هذه الرسوم هو كبح جماح الصعود الصيني، في ظل تصدر الصين للمرتبة الأولى عالميًا في قطاع صناعة السيارات، مدعومة بامتلاكها ما يزيد عن 24 ضعف ما تملكه الولايات المتحدة من المعادن النادرة المستخدمة في صناعة البطاريات الكهربائية والرقائق.
وأوضح عسكر أن الصين بدأت بالفعل في تشديد القيود على تصدير هذه المعادن النادرة، معتبرًا إياها "كارت تفاوض" تستخدمه بكين للحصول على مكاسب استراتيجية في ملفات أخرى.
وعن الخيارات المتاحة أمام الاتحاد الأوروبي، أوضح عسكر أن بعض الشركات الكبرى بدأت بالفعل في افتتاح مصانع لها داخل الولايات المتحدة أو الصين، في محاولة لتفادي تأثير الرسوم. وأشار إلى أن الصين تلعب دورًا محوريًا في دعم صناعتها للسيارات الكهربائية، بينما تأخر العالم كثيرًا في مجاراتها.
وفي السياق نفسه، أكد أن أوروبا – وخاصة دول حلف الناتو – ستواجه صعوبات متزايدة على مستوى الصناعة وارتفاع معدلات البطالة نتيجة إغلاق عدد من مصانع السيارات.
وأضاف عسكر أن الصين تستحوذ على حصة متزايدة من السوق العالمي للسيارات، حيث صدّرت العام الماضي 27.8 مليون سيارة، وتستهدف الوصول إلى 30 مليون سيارة هذا العام، بإنتاج سيارة كل 30 ثانية تقريبًا.
وأكد أن الإجراءات الأمريكية الحالية سيكون لها تأثير سلبي مباشر على المواطن الأمريكي "الاند يوزر"، وقد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار وخفض القدرة الشرائية، في حين تواصل الصين توسعها العالمي وتقديم منتجات ذات جودة عالية وضمان ممتد وبأسعار تنافسية.
أما عن تأثير تلك التحولات على سلاسل الإمداد، فذكر عسكر أنه لا يتوقع أزمات كبيرة في الإمدادات، لكن المشكلة الأساسية تكمن في تراجع أرباح مصانع السيارات الغربية، على عكس الصين التي توسع أسواقها عالميًا وتنوع شرائح مستهلكيها، مما يمنحها قدرة كبيرة على تجاوز هذه الأزمات.
وفي ختام حديثه، شدد عسكر على أن "الخاسر الأكبر من السياسات الجمركية الأمريكية هي الولايات المتحدة وأوروبا"، وأن الصين – رغم تأثرها جزئيًا – ستظل الأقل تضررًا، نظرًا لاستراتيجياتها التوسعية المدروسة عالميًا.