تترقب الأوساط الاقتصادية المحلية والدولية قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اجتماعها المقرر يوم الخميس المقبل 28 أغسطس 2025، وسط حالة من الجدل حول ما إذا كان البنك سيواصل نهج التثبيت أم يتجه إلى خفض جديد لأسعار الفائدة، خاصة في ظل تراجع معدلات التضخم وتحسن بعض المؤشرات الاقتصادية.
رجّحت 8 بنوك أن يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بمقدار لا يقل عن 100 نقطة أساس خلال الاجتماع المقبل، بينما توقع مصرفان آخران أن يُبقي المركزي على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير، حسبما أظهر استطلاع أجرته «الشرق» مع 10 بنوك استثمار.
أسعار الفائدة في البنك المركزي المصري
تبلغ أسعار الفائدة الأساسية في الوقت الراهن 24% على الإيداع و25% على الإقراض لليلة واحدة، وذلك بعد أن خفض البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين منذ بداية عام 2025، بواقع إجمالي 325 نقطة أساس، في أول خفض من نوعه منذ أكثر من أربع سنوات ونصف.
وتوقع محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين في إي إف جي القابضة، أن يخفض المركزي أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس في الاجتماع المقبل، مستندًا إلى قراءة التضخم الإيجابية لشهر يوليو، والتي أظهرت غياب أي ضغوط سعرية كبيرة عقب تعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة.
وأضاف أبو باشا أن صعود الجنيه أمام الدولار، إلى جانب احتمالية خفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للفائدة في سبتمبر، عوامل تدعم قرار الخفض.
معدل التضخم في مصر
بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 13.9% في يوليو الماضي، مقابل 14.9% في يونيو.
وأكد البنك المركزي أن المعدل السنوي للتضخم مرشح للاستقرار عند مستوياته الحالية حتى نهاية العام، قبل أن يبدأ بالتراجع تدريجيًا خلال 2026، مرهونًا بتغير أسعار السلع غير الغذائية والإجراءات الحكومية المرتبطة بالمالية العامة.
توقعات بخفض حتى 200 نقطة أساس
من جانبه، توقع هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس، أن تعود لجنة السياسة النقدية لمسار التيسير النقدي بخفض يصل إلى 200 نقطة أساس.
وأوضح جنينة أن سعر الفائدة الحقيقي، الذي يعكس الفارق بين معدلات الفائدة والتضخم، يقف عند مستوى إيجابي يبلغ 10%، إلى جانب تباطؤ وتيرة التضخم واستمرار تحسن أداء الجنيه أمام الدولار.
وأشار إلى أن المبادرة الحكومية الأخيرة لخفض أسعار السلع الأساسية بنسبة تتراوح بين 10% و20%، ساهمت في تخفيف الضغوط السعرية، لافتًا إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار السجائر لم تُحدث أي تأثير يذكر على التضخم.
كما توقع أن يواصل المركزي سياسة الخفض التدريجي حتى نهاية العام، ليصل إجمالي التخفيضات في 2025 إلى نحو 725 نقطة أساس.
مؤشرات إيجابية تدعم التيسير النقدي
في سياق متصل، قالت آية زهير، رئيسة البحوث في زيلا كابيتال، إن خفض الفائدة بواقع 100 نقطة أساس بات السيناريو الأكثر ترجيحًا في ظل تراجع التضخم للشهر الثاني على التوالي، وسلبية التضخم الشهري، ما يعكس انحسار الضغوط السعرية على المدى القصير.
وأكدت زهير أن ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية إلى مستويات مريحة يمنح المركزي مساحة للتحرك دون التأثير على جاذبية الاستثمار في أدوات الدين المحلي، مضيفة أن تحسن قيمة الجنيه المصري، واستقرار أسعار الطاقة، وعدم تأثر التضخم بالزيادات الأخيرة في أسعار السجائر، كلها عوامل تساند قرار الخفض.
وأشارت إلى تراجع عقود مقايضة مخاطر الائتمان (CDS)، ما يعكس تحسن ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
بدوره، توقع أحمد أبو حسين، رئيس مجلس إدارة كايرو كابيتال، أن يقدم المركزي على خفض جديد بواقع 100 نقطة أساس، مستندًا إلى حزمة مؤشرات إيجابية، أبرزها رفع القيود المفروضة على استخدام بطاقات الائتمان، وتأجيل الحكومة لأي تحريك في أسعار الطاقة، وهو ما يمنح الأسواق فترة من الاستقرار تدعم التوجه نحو خفض الفائدة.
دعوات لتثبيت أسعار الفائدة
على الجانب الآخر، خالفت سلمى طه، رئيسة قطاع الأبحاث في نعيم للوساطة المالية، التوقعات السائدة، مرجحة أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، مشيرة إلى اعتزام مصر إصدار صكوك بقيمة مليار دولار ما بين سبتمبر وأكتوبر المقبلين.
وأوضحت طه أن الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة قد يكون ضروريًا لضمان عوائد جاذبة للمستثمرين الأجانب، وحماية تدفقات النقد الأجنبي.
كما توقع مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في عربية أون لاين، الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة، في ظل الضبابية التي تسيطر على الأسواق العالمية وارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، ما قد يدفع الفيدرالي لتأجيل بدء دورة التيسير النقدي.
ورجح شفيع أن يبدأ المركزي المصري دورة الخفض التدريجي في أكتوبر المقبل، عبر خفض بواقع 100 نقطة أساس، يتبعه خفضان آخران في نوفمبر وديسمبر، ليصل إجمالي الخفض خلال 2025 إلى ما بين 600 و700 نقطة أساس.
قرارات لجنة السياسة النقدية في 2025
1-في 20 فبراير 2025، أبقى المركزي أسعار الفائدة عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض، في أول اجتماعات العام.
2- في 17 إبريل 2025، خفض المركزي الفائدة 225 نقطة أساس لتصل إلى 25% للإيداع و26% للإقراض.
3- في 22 مايو 2025، واصل خفض الفائدة بواقع 100 نقطة أساس.
4- في 10 يوليو 2025، قرر الإبقاء على الأسعار عند 24% للإيداع و25% للإقراض.