بدأت في الهند عمليات تفكيك ناقلة نفط خاضعة للعقوبات الأمريكية تُدعى (Contract II)، وذلك بعد بيعها في صفقة شابتها بنود غير معتادة، من أبرزها مهلة سداد تمتد إلى 180 يومًا، وهو ما يعد استثناءً في هذا النوع من العمليات ويعكس الضغوط المتزايدة على السفن العاملة ضمن ما يُعرف بـ«أسطول الظل».
وكانت الناقل قد أُدرجت على قوائم العقوبات الأمريكية في عام 2019 بسبب تورطها في تجارة النفط الإيراني، ورست السفينة في أواخر يونيو الماضي على شاطئ ألانج، أحد أكبر مراكز تفكيك السفن في العالم، والواقع في ولاية جوجارات غرب الهند، والذي بات وجهة مفضلة لسفن «أسطول الظل» التي تواجه تضييقًا متزايدًا بفعل العقوبات الغربية.
وبحسب وثيقة البيع، فقد أبرمت الصفقة في 20 مايو بين شركة «ثاوزند مايلز شيب مانجمنت» المسجلة في سيشل كبائع، وشركة «شانتاماني إنتربرايز» الهندية كمشترٍ، وتتضمن الاتفاقية شروطًا مالية نادرة، حيث مُنح المشتري مهلة تمتد نحو ستة أشهر لسداد قيمة السفينة البالغة 14.04 مليون درهم إماراتي نحو 3.82 مليون دولار، دون فرض أي فوائد، وفقًا لـ «بلومبرج».
اللافت أن هذه المهلة طويلة جداً مقارنة بالمألوف في قطاع تفكيك السفن، حيث عادة ما تُدفع المستحقات خلال أيام أو أسابيع من التسليم، ويرى خبراء أن هذه الشروط تشير إلى رغبة ملحّة من البائع للتخلص من الناقلة بأي ثمن، خاصة في ظل القيود المفروضة على السفن الخاضعة للعقوبات.
وقال أندرو ويلسون، رئيس قسم الأبحاث في شركة "BRS Shipbrokers"، إن أي بائع لا يقبل عادة الانتظار كل هذه المدة للحصول على مستحقاته، إلا إذا كان في وضع ضعيف ويحتاج للتخلص من السفينة سريعًا، مشيرًا إلى أن استخدام الدرهم الإماراتي كعملة للصفقة يعد أمراً غير مألوف، إذ تُعقد معظم هذه الصفقات بالدولار الأمريكي.
ورغم أن استخدام شركات واجهة أمر معتاد في صفقات «أسطول الظل»، فإن شركة «ثاوزند مايلز» لا تمتلك أي وجود إلكتروني معروف، ولا تتوفر عنها معلومات اتصال، ما يثير تساؤلات حول هوية المالك الحقيقي.
ووفق مصادر في القطاع، فإن عقد البيع لم يتضمن أية تفاصيل مصرفية كالمعتاد.
من جانبها، أكدت شركة «شانتاماني» أن الصفقة تمت وفق القوانين الهندية، وأن السفينة استوفت كل المتطلبات الجمركية والرسمية.
ويأتي ذلك في وقت تتوسع فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في فرض العقوبات على السفن المتورطة في تجارة النفط الروسي والإيراني والفنزويلي.
فبحسب بيانات «BRS»، ارتفع عدد الناقلات الخاضعة للعقوبات من 191 في العام الماضي إلى 886 ناقلة حالياً، ما يشكل نحو 78% من «أسطول الظل».
وقال تشارلي براون، كبير المستشارين في منظمة «متحدون ضد إيران نووية»، إن الصفقة تندرج ضمن نمط متكرر من محاولات إخفاء الهوية وتفادي التتبع، مؤكداً أن شروط الدفع الطويلة واستخدام شركة واجهة يعكسان رغبة في تعقيد عملية الربط بين الناقلة ومالكيها الحقيقيين، مع إغراء المشترين بصفقة منخفضة السعر.
وبحسب متابعين للقطاع، فإن السعر الذي بيعت به السفينة كان مخفّضًا مقارنة بالسوق، استنادًا إلى أسعار خردة الفولاذ في الهند، ما يعكس مساعي البائع للخروج من الصفقة بأي ثمن، مقابل استفادة حوض التفكيك من ربح جيد في سوق تعاني من التباطؤ.
وقد بدأت بالفعل هذا الأسبوع عمليات تفكيك السفينة، وذلك بعد مرور أكثر من شهر على رسوها، وهي الفترة المعتادة لتفريغ الوقود واستكمال التراخيص اللازمة، وتشير هذه العملية إلى واقع جديد تواجهه ناقلات «أسطول الظل» القديمة: إما المنافسة في سوق شديدة الرقابة أو الخروج النهائي عبر التفكيك.