قال الباحث في الشؤون الاقتصادية الأوروبية ريان رسول إن التوقعات التي كانت تشير في وقت سابق إلى عدم حدوث أي تخفيض في أسعار الفائدة خلال العام الجاري، بدأت تتغير بشكل لافت بعد صدور بيانات سوق العمل الأمريكية الأخيرة، والتي وصفها بـ"الصادمة".
وأضاف رسول في مقابلة مع "العربية بيزنيس" أنه "قبل ظهور هذه الأرقام الأخيرة، كان هناك شبه إجماع بين المحللين بأننا لن نشهد أي تخفيض هذا العام، وأن التخفيضات ستبدأ من العام المقبل بواقع أربع مرات. لكن مع صدور بيانات التوظيف التي سجلت 258 ألف وظيفة فقط في مايو ويونيو – أي بمعدل أقل بـ130 ألف وظيفة تقريبًا من التوقعات – ومع أرقام يوليو التي أظهرت إضافة 73 ألف وظيفة فقط مقابل 100 ألف متوقعة، فإن هذه البيانات تضع ضغوطًا متزايدة على الاقتصاد الأمريكي".
وأشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يقع بين مهمتين أساسيتين: الأولى هي كبح التضخم، والثانية هي ضمان استقرار سوق العمل وتحقيق أعلى نسبة تشغيل ممكنة. وتابع: "أرقام البطالة ارتفعت إلى 4.2%، كما أن معدل التشغيل بلغ 62.2%، وهو أقل من المتوقع، ما يفتح الباب لتخفيضين في الفائدة هذا العام، الأول في سبتمبر والثاني في نوفمبر، وكل منهما بـ25 نقطة أساس".
ولفت إلى أن "ما يميز الموقف الحالي هو أن للمرة الأولى منذ عام 1993، صوت عضوان في مجلس الاحتياطي الفيدرالي – أحدهما نائب الرئيس – لصالح خفض الفائدة بـ25 نقطة أساس في الاجتماع الماضي، وهو ما عارضته لجنة السوق المفتوحة، مما يزيد من الضغوط على جيروم باول في الاجتماع المقبل للموافقة على التخفيض".
ضغوط مماثلة على بنك إنجلترا.. وتوقع بتخفيضين قبل نهاية العام
وحول توقعاته بشأن السياسة النقدية في المملكة المتحدة، أوضح رسول أن "أرقام البطالة في بريطانيا بلغت 4.7%، إلى جانب وجود ضعف في التوظيف والوظائف الشاغرة، بينما انكمش الاقتصاد البريطاني لشهرين متتاليين بنسبة 0.1% و0.3% في أبريل ومايو".
وتابع: "بناءً على هذه المؤشرات، ومع تصريحات رئيس بنك إنجلترا الأخيرة، يبدو أن هناك نية واضحة للقيام بتخفيضين في أسعار الفائدة، الأول في سبتمبر والثاني في نوفمبر، كل منهما بـ25 نقطة أساس. وبهذا، من المتوقع أن تنخفض الفائدة من 4.25% إلى 3.75% قبل نهاية العام".
كما أشار إلى أن "بعض المحللين يتوقعون تخفيضًا ثالثًا العام المقبل ليصل معدل الفائدة إلى 3.5%، لكنه يرى أن هذا السيناريو أقل ترجيحًا في الوقت الراهن".
الاتحاد الأوروبي تحت تهديد الإغراق السلعي.. ومخاوف من انكماش التضخم
وفيما يتعلق بالوضع في منطقة اليورو، قال ريان رسول إن البنك المركزي الأوروبي سيظل على الأرجح محافظًا على سياسة نقدية لينة في ظل الضغوط الناتجة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأوضح: "الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط غير مباشرة لكنها ملموسة نتيجة هذه الحرب، خاصة أن الصين تعد من أكبر المصدرين إلى أوروبا، حيث تشكل المنتجات الصينية نحو 70 إلى 80% من الواردات الصناعية الأوروبية".
وأضاف أن "الصين تسعى حاليًا لإيجاد أسواق بديلة لبضائعها بعد فرض قيود أمريكية، وقد يكون السوق الأوروبي هو البديل الأبرز، مما يعزز احتمالات الإغراق السلعي. ويأتي هذا في وقت ارتفع فيه اليورو أمام اليوان بنسبة تقارب 10% خلال الأشهر الستة الماضية، مما زاد من رخص الأسعار الصينية".
وأشار إلى أن "هذا الوضع قد يؤدي إلى تراجع التضخم الأوروبي إلى مستويات تتراوح بين 1.5% و1.7%، وهي أقل من المستهدفات، خاصة إذا زادت صادرات دول البريكس مثل البرازيل وجنوب أفريقيا إلى الاتحاد الأوروبي، ما يعمق التحديات التي تواجه الصناعات الأوروبية، لا سيما في مجالات الإلكترونيات والمعدات الصناعية".