اقتصاد منطقة اليورو يواصل الصمود رغم تراجع توقعات خفض أسعار الفائدة


الجمعة 25 يوليو 2025 | 05:30 مساءً
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد
محمد شوشة

كشفت مجموعة من البيانات الاقتصادية الصادرة اليوم الجمعة، عن صمود اقتصاد منطقة اليورو في وجه حالة عدم اليقين العالمية، وعلى رأسها الحرب التجارية المتصاعدة، حتى في الوقت الذي بدأ فيه صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي بتقليص رهانات الأسواق بشأن مزيد من خفض أسعار الفائدة.

أسعار الفائدة في البنك المركزي الأوروبي

كان البنك المركزي الأوروبي قد أبقى أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه يوم أمس الخميس، في خطوة عززت توقعات المستثمرين بأن دورة التيسير النقدي، التي امتدت لعام كامل وأدت إلى خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2% من 4%، قد تكون اقتربت من نهايتها، خاصة في ظل تقييم متفائل نسبيًا لأداء الاقتصاد.

وجاء هذا التفاؤل مدعومًا ببيانات قوية، أبرزها تسجيل الإقراض المصرفي لأسرع وتيرة توسع خلال عامين، إلى جانب نتائج استطلاع رئيسي أجراه البنك المركزي الأوروبي أشار إلى تحسن متوقع في النمو الاقتصادي وتوجه التضخم نحو النسبة المستهدفة، كما أظهر استطلاع منفصل لمؤسسة "إيفو" الألمانية ارتفاعًا للشهر السابع على التوالي في مؤشر مناخ الأعمال، مما يعكس أداء قويًا لأكبر اقتصاد في الكتلة الأوروبية، رغم التحديات التجارية.

اقتصاد منطقة اليورو

أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، إلى أن أداء منطقة اليورو خلال الربع الأخير كان أفضل قليلاً من التقديرات السابقة، ما ساهم في خفض الأسواق لتوقعاتها بشأن خفض إضافي في أسعار الفائدة، وباتت احتمالات التحرك نحو خفض جديد هذا العام تُقدّر بـ50% فقط، بعد أن كانت الأسواق تتوقع خفضًا كاملًا قبل أيام قليلة فقط.

ورغم هذه المعطيات، يبدي صناع السياسة النقدية الأوروبيون حذرًا أكبر من المستثمرين، فقد حذّر رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فيليروي دي جالهاو، من استمرار المخاطر السلبية على النمو، مشيرًا إلى أن البراغماتية الرشيقة في ضوء البيانات والتوقعات أصبحت ضرورة في بيئة متقلبة. 

وأكد أن النمو الضعيف، وارتفاع قيمة اليورو، والتداعيات المحتملة للرسوم الجمركية تشكّل عوامل تضغط على الأسعار، وقد تعيد التضخم إلى مستويات منخفضة للغاية.

وأضاف فيليروي: "في ظل ارتفاع اليورو، واحتمالات تأثير الرسوم الأمريكية، لا يُتوقع أن نشهد تسارعًا في التضخم، بل على العكس، قد يتراجع عن هدف 2%".

من جهته، أكد رئيس البنك المركزي الفنلندي، أولي رين، على أهمية التحلي بالصبر، مشيرًا إلى أن قيمة الانتظار أصبحت مرتفعة جدًا، محذرًا من التراخي في اتخاذ القرار، لا سيما في ظل عدم اتضاح السياسات الأمريكية الحالية.

مستقبل أسعار الفائدة في 2025

على صعيد توقعات المؤسسات المالية، بدأت عدة بنوك عالمية بمراجعة مواقفها، فقد ألغت مؤسسات مثل جولدمان ساكس، وبي إن بي باريبا، ونومورا، وكومرتس بنك، توقعاتها لمزيد من تخفيضات الفائدة هذا العام، بينما قام بنك جيه بي مورجان بتأجيل توقعه لخفض إضافي من سبتمبر إلى أكتوبر المقبل.

في المقابل، لا تزال بعض البنوك الكبرى، مثل بنك أوف أمريكا، وباركليز، ويونيكريديت، تتوقع تحركًا جديدًا في سبتمبر، رغم اعترافها بتراجع احتمالات هذا التحرك مؤخرًا.

وبين مؤشرات الاقتصاد المتماسكة، وحذر صانعي السياسات، وتذبذب توقعات السوق، يبقى المشهد النقدي في منطقة اليورو مرهونًا بتطورات الاقتصاد العالمي، والقدرة على التعامل مع تقلباته دون اللجوء إلى المزيد من التيسير النقدي.