تشهد صناعة الصواريخ الغربية انتعاشًا غير مسبوق خلال الفترة الحالية، مدفوعة بارتفاع حاد في الطلب على أنظمة الدفاع الصاروخي والأسلحة الاعتراضية، في ظل تزايد التوترات الجيوسياسية وتصاعد الإنفاق العسكري في العديد من مناطق العالم، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
صناعة الصواريخ الغربية
أكدت شركات السلاح الأمريكية، وعلى رأسها لوكهيد مارتن وRTX، أن الطلبيات الجديدة على أنظمة مثل "باتريوت"، و"ثاد"، وصواريخ "سايدويندر" (AIM-9X) تشهد تصاعدًا كبيرًا، في وقت تتباطأ فيه قطاعات أخرى من الصناعة الدفاعية، مثل الطائرات والمروحيات، وفقًا لـ «الشرق بلومبرج».
وأعلنت شركة لوكهيد مارتن، الثلاثاء الماضي، عن ارتفاع مبيعات قسم الصواريخ وأنظمة التحكم في الإطلاق بنسبة 11% خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهو القسم المسؤول عن تصنيع منظومات باتريوت وصواريخ ثاد المتطورة.
وكشفت شركة RTX (رايثيون سابقًا) عن نمو إيرادات وحدة رايثيون بنسبة 8%، بدعم من ارتفاع مبيعات أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك "باتريوت" و"ناسامز" (NASAMS).
وطلب الجيش الأمريكي من شركة "لوكهيد" رفع إنتاج صواريخ PAC-3 إلى أربعة أضعاف، وهو ما يعكس التوسع المتسارع في الطلب، وتتوقع الشركة أن تصل الطلبيات المتراكمة إلى مستوى قياسي جديد بنهاية العام الجاري.
كما صرحت شركة RTX أن حجم الطلبيات المتراكمة لديها بلغ 63.5 مليار دولار حتى نهاية يونيو، مدفوعة بعقود ضخمة لتزويد البحرية الأمريكية بصواريخ SM-3 وصواريخ سايدويندر.
وقال نيل ميتشل، المدير المالي للشركة، إن الطلب على الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي قوي للغاية، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع العملاء الأوروبيين ما تزال مستمرة، ضمن خطة لتوسيع الحضور في السوق الدولية.
الشراكات الأمريكية الأوروبية
تسعى شركات الدفاع الأمريكية إلى تعزيز الشراكات مع أوروبا، في ظل تنامي الإنفاق العسكري بالقارة، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وتهدف هذه الشركات إلى ضمان موقعها كمورد رئيسي في ظل منافسة متزايدة من الشركات الأوروبية المحلية.
من جهته، قال لويس رامبو، الباحث في مشروع الدفاع الصاروخي التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إن القتال في أوكرانيا والشرق الأوسط تسبب في استنزاف مخزونات الصواريخ الغربية، ما أدى إلى زيادة مفاجئة في الطلب أثقلت القاعدة الصناعية الأميركية.
وأوضح رامبو أن هذه الطفرة تمثل استجابة سريعة للأزمات، لكنها تطرح تساؤلات حول مدى استدامة التمويل والاستثمار على المدى الطويل.
وفي الوقت الذي تسجل فيه صناعة الصواريخ ازدهارًا، تواجه قطاعات أخرى في الصناعات الدفاعية الأميركية صعوبات واضحة. فقد أعلنت "لوكهيد مارتن" عن خفض في القيمة بقيمة 1.8 مليار دولار في برامج الطائرات والمروحيات، خاصة في وحدة "سكَنك ووركس" السرية التي تعمل على تطوير الطائرات المتقدمة.
توسع الصادرات الأمريكية تتوسع وتراجع الروسية والصينية
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، ارتفعت صادرات الأسلحة الأمريكية بنسبة 21% بين عامي 2015 و2024، في وقت شهدت صادرات روسيا والصين تراجعًا ملحوظًا، نتيجة الحروب والضغوط الاقتصادية.
أما على صعيد التكنولوجيا، فتواجه شركات تصنيع الطائرات تحديات متزايدة نتيجة تغير أنماط الطلب العالمي وارتفاع تكاليف البحث والتطوير، في حين تُعيد الطائرات المسيّرة تشكيل استراتيجيات تسليح الجيوش حول العالم.
وقد تحقق شركات صناعة الصواريخ مكاسب إضافية من مشروع "القبة الذهبية" للدفاع الصاروخي، الذي أطلقه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بهدف تعزيز قدرات الولايات المتحدة في مواجهة الصواريخ الباليستية والأسلحة الفرط صوتية.
ورغم أن البنتاجون لم يكشف بعد عن تفاصيل التصميم النهائي للمنظومة، إلا أن دعوة ترامب إلى تشغيل النظام قبل نهاية ولايته قد تُعزز فرص شركات مثل لوكهيد وRTX، في الفوز بعقود كبيرة لنشر مزيد من أنظمة الاعتراض الصاروخي خلال فترة وجيزة.