في ظل الاهتمام السعودي المتصاعد بصناعة الألعاب الإلكترونية واستضافة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، تظهر قصص تلهم الأجيال الجديدة حول كيفية تحويل الشغف إلى إنجازات عملية، كان من أبرزها قصة السعودي عبدالحليم السليماني، الذي تمكن من بناء واحدة من أضخم مجموعات ألعاب الفيديو في العالم من حيث الحجم والتنوع، بعدما جمع أكثر من 13 ألف لعبة و350 جهاز ألعاب على مدار 25 عامًا، ليصبح مشروعه الأضخم في الخليج والسابع عالميًا، بقيمة سوقية تتجاوز مليوني ريال.
شغف الطفولة يتحول إلى استثمار
بدأت رحلة السليماني، الذي يعمل رئيسًا لتطوير الأعمال في شركة تقنية بالرياض، بهواية بسيطة منذ الطفولة في جمع الألعاب، قبل أن تتحول هذه الهواية إلى مشروع ثقافي واستثماري يهدف إلى الحفاظ على التراث الرقمي وتقديم تجربة تفاعلية للأجيال الجديدة.
يقول السليماني: "في الماضي كانت الألعاب زهيدة الثمن ولا تجد من يهتم بها، واليوم تحولت إلى قطع نادرة بأسعار مرتفعة جدًا، وبعضها يُباع بعشرات الآلاف". وأضاف أن قيمة مجموعته ارتفعت بشكل كبير مع توجه شركات الألعاب إلى التحول الرقمي، مما جعل الألعاب الفيزيائية أكثر ندرة وقيمة في السوق.
السوق السعودي للألعاب.. أصول ثقافية واستثمارية
منذ دخول أجهزة الألعاب إلى السوق السعودي في الثمانينات مع أجهزة أتاري ونينتندو وسيجا، ثم انتشار الإنترنت وبروز أجهزة "إكس بوكس" و"بلايستيشن" في الألفية الجديدة، نما قطاع الألعاب ليصبح جزءًا من الاقتصاد الإبداعي، ويضيف السليماني: "قطاع الألعاب واعد للغاية، وعلى المستوى الشخصي مربح جدًا، خاصة من خلال متجري الإلكتروني، ولكنه يظل بالنسبة لي أصلًا استثماريًا وثقافيًا أكثر من كونه مصدر دخل أساسي".
مشروع لمتحف وطني للألعاب
يخطط السليماني حاليًا لتأسيس متحف وطني سعودي للألعاب الإلكترونية ليكون وجهة ترفيهية وسياحية، تعرض الألعاب والأجهزة التي جمعها على مدار عقود، حيث تلقى عروض شراء مغرية من مقتنين عالميين لكنه رفضها مؤكدًا: "هذه المجموعة مكانها الطبيعي السعودية.. أراها فخرا لبلادي ويجب أن تُعرض هنا".
جمهور الألعاب القديمة.. بين النوستالجيا والاستثمار
يشير السليماني إلى أن السوق الخليجية تشهد طلبًا متزايدًا على الألعاب القديمة، وينقسم جمهورها إلى ثلاثة فئات: هواة الجمع الباحثين عن النوادر، والمهتمين بالنوستالجيا من عاشوا تجارب الثمانينات والتسعينات، والمستثمرين الذين ينظرون للألعاب كأصول ثقافية تزداد قيمتها بمرور الوقت، حيث أشار إلى أن بعض الألعاب التي كانت تُباع بـ50 دولارًا سابقًا أصبحت تُعرض اليوم بأكثر من 10 آلاف دولار، خصوصًا إذا كانت في حالتها الأصلية أو مغلقة (Sealed).
تحديات التجميع والصيانة
من أبرز التحديات التي واجهها السليماني أثناء تجميع مجموعته كانت تكاليف الشحن الدولي وخطر تعرض الأجهزة للكسر، بالإضافة إلى صعوبة صيانة الأجهزة القديمة، لكنه تمكن من التغلب على ذلك بتعلم صيانة الأجهزة بنفسه، وتجهيز مساحات عرض داخل منزله، حيث يزور مجموعته شركات تقنية ومؤسسات ترفيهية ويصوّر معها منشئو المحتوى على "يوتيوب"، ليُظهروا للعالم أن هذه المجموعة الفريدة مقرها مدينة جدة.
رؤية شغوفة لمستقبل الألعاب في السعودية
في ختام حديثه، أكد السليماني أن شعوره تجاه هذه المجموعة مزيج بين الشغف والرؤية، معتبرا أن القطاع فرصة استثمارية كبيرة ضمن الاقتصاد الإبداعي في المملكة، خاصة في ظل تصاعد الاهتمام بالتراث الرقمي وتجارب الزائر التفاعلية، قائلا: "يمكن لهذا الشغف أن يتحول إلى مشروع تجاري ناجح، يقدم تجربة ترفيهية وثقافية للأجيال الحالية والقادمة".