قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن المال الحلال ليس هو الغاية وحده، وإنما المقصود أن يكون المال حلالًا طيبًا، موضحًا أن المال الطيب هو الذي يُكتسب من طريق مشروع ويُصرف في أوجه ترضي الله، كالإحسان إلى الأهل، والإنفاق على الفقراء، والعمران، وتحقيق الاستخلاف في الأرض، بينما من يأخذ ماله من مصدر مشروع ثم يصرفه في معصية أو ضرر، فإن ماله لا يُعد طيبًا.
وأضاف العالم الأزهري، خلال حوار مع الإعلامية إيمان رياض، ببرنامج "من القلب للقلب"، المذاع على قناة "mbc masr2"، اليوم الاثنين، أن القرآن الكريم وجهنا إلى أهمية تحري المصدر في قول الله تعالى: "ولا تقف ما ليس لك به علم"، أي لا تقف عند أمر ليس لك فيه علم أو بينة، مشددًا على أن المسلم مطالب بأن يتوقف مع كل مال يدخل جيبه، ويتأمل مصدره، هل هو من كسب طيب أم لا.
وأشار إلى أن بعض الناس، خصوصًا من فئة الشباب، يتجهون اليوم إلى الربح السريع من خلال السوشيال ميديا والرقمنة، وهذا أمر لا يُرفض من حيث المبدأ، لكن له ضوابط شرعية وأخلاقية يجب مراعاتها، مبينًا أن كل من يقدم محتوى مرئي أو مسموع ويتقاضى عليه أجرًا، يجب أن يراعي كل كلمة يقولها، لأنها تحولت إلى مال، كما ينبغي إخراج حق الدولة من الضرائب، وتجديد النية في تقديم المحتوى، ليكون بغرض منفعة الناس لا مجرد الكسب.
وتابع أن الكسب من الإنترنت أو المنصات الرقمية ليس حرامًا في ذاته، لكن الخطورة تكون في نوعية المحتوى، موضحًا أن من يقدم محتوى هادفًا، يُعلّم الناس أو يُضحكهم في إطار مباح، له أجر وأجرة، بينما من ينشر الإسفاف أو يظهر ما لا يجوز إظهاره، خاصة الفتيات اللاتي يقدمن أنفسهن في محتوى مخالف للآداب بدعوى جذب المتابعين، فإن هذا لا يُعد كسبًا طيبًا.
ولفت إلى أن الشهرة والانتشار الكبير في بداية هذا النوع من المحتوى قد تكون فتنة واختبارًا، وقد يظن الإنسان أنه ناجح، لكنه يغضب الله، داعيًا الشباب إلى أن يربطوا ما يفعلونه بنية صالحة ودعاء صادق، بأن يكون ما يقدمونه نافعًا للناس ومكسبًا للأجر.
وحذر من الانخراط في التسويق أو الدعاية لمنتجات مجهولة أو مضرة دون تحقق، مشيرًا إلى ضرورة التثبت من اسم الشركة، ونوع المنتج، وفعاليته الحقيقية قبل الترويج له، لأن التسبب في تضليل الناس يدخل في باب الكسب غير الطيب، وقال إن هذا الالتزام لا يخص فقط صناع المحتوى، بل كل من يتعامل مع المال.
وأشار إلى أن كل من يسعى إلى تقديم رسالة نفع، حتى لو كانت بسيطة، له أجر عظيم، وإن الأصل أن نكون على وعي دائم بأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن كل ما نفعله في حياتنا، من كسب أو إنفاق أو محتوى، يجب أن يكون خالصًا لله ونقيًا من الشبهات.