قال خبير النفط الكويتي محمد الشطي إن تلاشي المخاوف الجيوسياسية في منطقة الخليج العربي أسهم في استقرار أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الأسواق امتصت بالفعل علاوة المخاطر التي كانت مرتبطة بإمكانية إغلاق مضيق هرمز أو تأثر الإمدادات من الخليج العربي.
وأوضح الشطي، في مقابلة مع قناة العربية Business، أن السوق كان قد شهد في السابق تأرجحًا في الأسعار تراوح بين 81 دولارًا للبرميل نزولاً إلى 65 دولارًا، نتيجة المخاوف المرتبطة بإغلاق الخليج العربي الذي يمر عبره ما يقارب 23 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمنتجات البترولية إلى الأسواق العالمية، خصوصًا في آسيا. وأشار إلى أن تحذيرات دولية صدرت في حينه، معتبرة أن إغلاق مضيق هرمز يشكل "خطًا أحمر"، وهو ما أسهم في تهدئة التوترات وتراجع الأسعار.
وأكد أن الدول المستفيدة من استمرار حركة الشحن، مثل الصين وغيرها من الدول الآسيوية، ساعدت في تعزيز الاستقرار، لافتًا إلى أن السوق استوعب حقيقة أن سيناريو الإغلاق لم يعد واردًا حاليًا. كما أشار إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي حول رغبته في عدم تجاوز الأسعار حاجز 70 دولارًا للبرميل، إلى جانب الإعلان عن هدنة وصُلح بين الأطراف المتنازعة في المنطقة، كانت عوامل داعمة لانخفاض الأسعار.
ورغم ذلك، شدد الشطي على أن العوامل الجيوسياسية "لا تزال قائمة"، خصوصًا مع استمرار الحديث عن احتمالية تجدد الصراع بين إيران وإسرائيل، وهو ما قد يدفع بالأسعار نحو الارتفاع مجددًا إذا ما تحول إلى تهديد فعلي. وأضاف: "في الوقت الراهن، لم تعد هناك علاوة فعلية مضافة بسبب هذه التهديدات، لكنها تظل عاملاً يمنع هبوط الأسعار أكثر".
أساسيات السوق تدعم الأسعار
وفيما يتعلق بأساسيات السوق، أكد الشطي أن هناك مؤشرات قوية تدعم استمرار الأسعار في نطاق مستقر، مشيرًا إلى بيانات المخزونات الأمريكية التي أظهرت تراجعًا موسميًا حادًا، هو الأدنى منذ 11 عامًا، نتيجة لانخفاض متواصل على مدى 4 إلى 5 أسابيع في مخزونات النفط، البنزين، والمقطرات.
وأشار إلى أن هذا الانخفاض يعكس تحسن ميزان العرض والطلب، لا سيما مع تعافي الطلب العالمي بدفع من التفاهمات الاقتصادية الدولية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، بالإضافة إلى أوروبا، والتي انعكست إيجابًا على توقعات مؤسسات اقتصادية كبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بشأن نمو الاقتصاد العالمي.
كما لفت إلى أن فصل الصيف يشهد عادة زيادة في الطلب على وقود السيارات والطائرات، وهو ما يعزز استهلاك المنتجات النفطية، بالتوازي مع عودة المصافي من برامج الصيانة وتحقيقها لهوامش تشغيل مرتفعة مقارنة بالأشهر الماضية. وأضاف: "حتى المواسم الزراعية ساهمت في رفع الطلب على منتج الديزل، ما يعني أن هناك فعلاً مؤشرات قوية لتعافي الطلب في الوقت الراهن".
اجتماع أوبك المقبل محور ترقب
وفي ما يتعلق بتوقعات اجتماع أوبك المقبل في 6 يوليو، أوضح الشطي أن زيادة الإنتاج كانت جزءًا من خطة مقررة مسبقًا، بدأت منذ أبريل الماضي. وقال: "وفق قرار أوبك+، تمت زيادات متتالية في أبريل ومايو ويونيو بواقع 100 ألف ثم 411 ألف برميل يوميًا، وبداية من يوليو ستُضاف زيادة أخرى بنفس المقدار تقريبًا".
وأضاف أن هذا القرار، الذي من المفترض أن يمتد حتى سبتمبر 2026، قد جرى تسريعه بحيث تنتهي الزيادات تقريبًا بحلول نهاية 2025 أو بداية 2026، مشيرًا إلى أن القرارات تُراجع شهريًا بناءً على معطيات السوق.
ونوّه إلى أن أوبك+ تبقى منظمة اقتصادية تعتمد على قراءة دقيقة لأساسيات السوق عند اتخاذ قراراتها، وهو ما يمنح السوق نوعًا من الأمان والثقة في استمرارية الإمدادات. وأكد أن القرار بزيادة الإنتاج لم يزعزع استقرار الأسعار رغم المخاوف الأولية، حيث ظلت الأسعار في نطاق 65 إلى 69 دولارًا للبرميل، ما يعكس نجاح السياسة المتبعة.
ورأى الشطي أن السوق قد "سعر" بالفعل الزيادة المتوقعة لشهر يوليو بواقع 411 ألف برميل يوميًا، بناءً على تصريحات وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك وتوقعات المؤسسات الاستشارية. وقال: "إذا ما قررت أوبك زيادة أقل من المتوقع، فقد يكون ذلك مفاجأة إيجابية تدعم السوق".