تواجه الصناعات الأميركية العاملة في قطاع المعادن ضغوطاً غير مسبوقة بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم، ما دفع بعض المصانع للتحذير من اضطرابات كبيرة في الإنتاج وأسعار المنتجات خلال الفترة المقبلة.
في مصنع «إندبندنت كان» بولاية ماريلاند، الذي تأسس منذ نحو قرن من الزمان ويعمل في إنتاج علب الصفيح للمأكولات والمشروبات، يحاول الرئيس التنفيذي ريك هويثر الحفاظ على استمرارية شركته وسط الاضطرابات الراهنة، واصفاً الوضع بأنه «حالة من الفوضى»، بعد أن فرضت إدارة ترامب رسوماً بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم منذ عودته للرئاسة في يناير، قبل أن يضاعف النسبة إلى 50% لاحقاً.
وأشار هويثر إلى أن هذه السياسات الجمركية أثرت بشكل مباشر على عمليات مصنعه، حيث يعتمد المصنع بشكل كبير على الصلب المغطى بالقصدير لتصنيع العلب، ومع عدم قدرة السوق الأمريكية على توفير سوى 25% فقط من احتياجات السوق المحلي من ألواح القصدير، تجد مصانع مثل «إندبندنت كان» نفسها مضطرة للاعتماد على الواردات بنسبة تصل إلى 70% لتلبية احتياجاتها التشغيلية.
ورغم دعم هويثر لفكرة تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج، إلا أنه أعرب عن قلقه إزاء القرارات المتقلبة للإدارة الأمريكية التي تُضيف أعباء غير متوقعة على المصانع، خاصة مع فرض رسوم على سلع لا يتم إنتاجها محلياً أو تأجيل تطبيق الرسوم في أوقات متفرقة، ما يعقّد خطط التشغيل والمبيعات.
وفي ظل هذه المتغيرات، اضطر مصنع الشركة في ولاية أيوا إلى الإغلاق العام الماضي جزئياً نتيجة الرسوم السابقة على واردات الصلب، وهو سيناريو يخشى هويثر تكراره في مواقع أخرى مع استمرار فرض الرسوم، رغم تأكيده حالياً على عدم وجود نية فورية لتسريح العمال البالغ عددهم نحو 400 شخص موزعين على أربعة مواقع تشغيلية.
من ناحية أخرى، حذر هويثر من أن ارتفاع الرسوم الجمركية إلى 50% سيرغم المصنع على رفع الأسعار بأكثر من 20% خلال الفترة المقبلة لتعويض الزيادة الكبيرة في تكاليف الإنتاج، مشيراً إلى أن بعض العملاء قللوا طلباتهم بنسبة تتراوح بين 20 إلى 25% هذا العام بسبب المخاوف من الركود وتباطؤ السوق.
وأوضح هويثر أن بعض المشترين المحليين أظهروا ميلاً لشراء المنتجات الأمريكية مع تصاعد القيود على الواردات، لكنه أعرب عن تحفظه إزاء استدامة هذا التوجه، مستشهداً بتجربة جائحة كورونا حينما ازدهرت أعمال المصنع بنسبة 50% مع إغلاق الموانئ الصينية، قبل أن يعاود العملاء التوجه للاستيراد من الصين مع عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها.
ورغم هذه التحديات، أعرب هويثر عن أمله في قدرة شركته على الصمود في مواجهة الضغوط الحالية، مشدداً على ضرورة وجود رؤية واضحة لحجم المبيعات والتعاقدات المستقبلية، قائلاً: «أعمالنا مستمرة، لكننا بحاجة إلى تخطيط المبيعات حتى ولو لستة أشهر على الأقل لضمان الاستقرار في مواجهة هذه الاضطرابات».
تأتي هذه التحولات في وقت تحاول فيه إدارة ترامب تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع الإنتاج الداخلي وتقليل الاعتماد على الخارج، غير أن الرسوم الجمركية المرتفعة دون حلول بديلة كافية قد تهدد بزيادة الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، وإرباك الخطط التشغيلية للمصانع، وهو ما يعيد الجدل حول سياسات الحماية التجارية وقدرتها على تحقيق التوازن بين حماية الصناعة المحلية وضمان استقرار السوق.