في تطور لافت يُجسد التحول الرقمي المتسارع في قطاع النقل، أعلنت شركة "أورورا إنوفيشن" الأمريكية عن بدء تشغيل أول شاحنات ثقيلة ذاتية القيادة بالكامل على الطرق العامة في الولايات المتحدة، وذلك على خط يربط بين مدينتي دالاس وهيوستن بولاية تكساس، لمسافة تصل إلى 400 كيلومتر دون تدخل بشري نهائي.
وتُعد هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول تاريخية في مسار الشحن البري الأميركي، حيث تعتمد الشاحنات الجديدة على تقنيات القيادة الذاتية من المستوى الرابع، والتي تتيح للمركبة التحرك باستقلالية شبه تامة حتى في ظروف المرور المعقدة، بينما يقتصر دور العنصر البشري على التدخل في الحالات الطارئة فقط.
رؤية اصطناعية تتفوق على العين البشرية
تتميز الشاحنات بمنظومة استشعار متكاملة تشمل الرادارات، أنظمة ليدار، وكاميرات عالية الدقة، تمنحها قدرة "رؤية" اصطناعية تصل إلى أكثر من 450 مترًا إلى الأمام، وهو ما يُمكّنها من التفاعل مع البيئة المحيطة—من مشاة ومركبات أخرى—بسرعة تفوق زمن استجابة السائق البشري بنحو 11 ثانية في الظروف الحرجة، لا سيما أثناء القيادة الليلية أو في أجواء الطقس السيئة.
وذكرت "أورورا" أن هذا الإنجاز جاء بعد سنوات من الاختبارات الميدانية التي قطعت خلالها شاحناتها ملايين الكيلومترات التجريبية، وخضعت لمواقف واقعية معقدة، شملت التعامل مع سيارات الطوارئ، السائقين المتهورين، والمشاة على أطراف الطرق السريعة.
توسعات مرتقبة وخطوط جديدة
كشفت الشركة أنها تخطط لتوسيع نطاق عملياتها خلال الفترة المقبلة، ليشمل خطوطًا جديدة بين مدن أخرى مثل فينيكس وإل باسو، مؤكدة أن هذه الانطلاقة تمثل بداية عهد جديد في صناعة الشحن والنقل يعتمد على الذكاء الاصطناعي والقيادة الآلية.
انعكاسات اقتصادية وتقنية واسعة
يرى خبراء النقل أن هذه التجربة الناجحة قد تُحدث ثورة في صناعة اللوجستيات من خلال الحد من الحوادث الناتجة عن الخطأ البشري، وخفض تكاليف التشغيل طويلة الأمد، وزيادة كفاءة النقل لمسافات طويلة.
كما يُتوقع أن تُعزز هذه الخطوة من توجه الأسواق العالمية نحو الاعتماد على المركبات ذاتية القيادة، لا سيما في قطاعات النقل التجاري.
منافسة تكنولوجية وجدل تشريعي مستمر
الجدير بالذكر أن شركات كبرى أخرى، مثل "وايمو" التابعة لغوغل، بدأت هي الأخرى بتقديم خدمات سيارات أجرة ذاتية القيادة في عدد من الولايات الأمريكية، في ظل اتجاه السلطات الفيدرالية نحو تخفيف القيود على اختبار واعتماد المركبات الذاتية.
ومع ازدياد هذه التطورات التقنية، يتوقع مراقبون احتدام المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا في سباق تطوير أنظمة قيادة أكثر أمانًا وموثوقية، وسط استمرار النقاشات القانونية والأخلاقية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي في طرقنا العامة.