شهدت الحكومات في مناطق آسيا وأوروبا تراجعًا كبيرًا وغير معتاد في إصدار الديون السيادية المقومة بالدولار الأمريكي خلال الفترة الحالية، حيث اتجهت العديد من هذه الدول إلى تفضيل إصدار سندات مقومة بالعملات المحلية.
وجاء هذا التوجه تجنبًا للتأثر بتداعيات ارتفاع عوائد السندات الأمريكية، وتقلبات أسعار الصرف، بالإضافة إلى المخاوف المتزايدة بشأن الأوضاع المالية للحكومة الأمريكية.
إصدار الديون السيادية المقومة بالدولار الأمريكي
وفقًا لبيانات شركة "ديلوجيك" المتخصصة في أبحاث الأسواق المالية، انخفض حجم إصدار السندات الدولارية من جهات سيادية غير أمريكية بنسبة 19% ليصل إلى 86.2 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، مسجلاً بذلك أول انخفاض في حجم الإصدارات الدولارية خلال ثلاث سنوات متتالية.
وتراجعت إصدارات السندات المقومة بالدولار التي أصدرتها حكومتا كندا والسعودية خلال الفترة من يناير إلى مايو بنسبة 31% و29% على التوالي، لتبلغ 10.9 مليار دولار و11.9 مليار دولار، كما شهدت إصدارات إسرائيل وبولندا انخفاضًا ملموسًا بنسبة 37% و31%، حيث وصلت إلى 4.9 مليار دولار و5.4 مليار دولار على التوالي.
بينما شهد إصدار السندات السيادية بالعملات المحلية ارتفاعاً ملحوظاً، حيث بلغت قيمتها 326 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وهو أعلى مستوى يُسجل خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب بيانات "ديلوجيك".
ويرجع هذا التراجع في إصدارات السندات المقومة بالدولار إلى تغير توجهات المستثمرين العالميين الذين بدأوا يبتعدون عن الأصول المالية الأمريكية، ويُفسر هذا السلوك جزئياً بتصاعد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية، فضلاً عن المخاوف المتزايدة بشأن الهيمنة المالية للولايات المتحدة ومدى استقرارها على المدى البعيد.
زيادة إصدارات السندات السيادية بالعملات المحلية
في هذا السياق، قال جوني تشن، مدير المحافظ في قطاع ديون الأسواق الناشئة بشركة "وليام بلير"، إن زيادة إصدارات السندات السيادية بالعملات المحلية يعزى بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار الفائدة المحلية، نتيجة انحسار ضغوط التضخم في الأسواق الناشئة، مشيرًا إلى أن دولاً مثل الهند وإندونيسيا وتايلاند قد خفضت أسعار الفائدة الرئيسية خلال العام الحالي، مما خلق بيئة محفزة لإصدارات الدين بالعملات المحلية.
البرازيل تدرس إصدار سندات مقومة باليوان الصيني
في خطوة تعكس تحولات جيوسياسية ومالية أوسع، أفاد مصدران حكوميان في البرازيل بأن البلاد تدرس إصدار أول سندات سيادية مقومة باليوان الصيني، ويأتي ذلك بعد زيارة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى بكين، حيث أبرم اتفاقيات استثمارية وتفاهمات لتبادل العملة بين البلدين.
وتشير البيانات إلى أن إصدارات البرازيل من السندات السيادية المقومة بالدولار قد انخفضت بنسبة 44% لتصل إلى 2.4 مليار دولار خلال العام الحالي.
السعودية تجمع مليارات اليورو من خلال سندات متوسطة الأجل
جمعت المملكة العربية السعودية 2.25 مليار يورو، ما يعادل حوالي 2.36 مليار دولار، عبر إصدار سندات مقومة باليورو، والتي شملت أيضاً الشريحة الأولى من السندات الخضراء ضمن برنامجها العالمي للسندات متوسطة الأجل، وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية المملكة لتنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على القروض والمصادر المالية المرتبطة بالدولار الأميركي.