أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من التصريحات النارية خلال خطاب ألقاه في حفل تخرج الأكاديمية العسكرية الأمريكية "ويست بوينت"، حيث انتقد بقوة الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي سبقته، متهمًا إياها بـ"استنزاف الترسانة العسكرية الأمريكية" من خلال الانخراط في حروب خارجية لا تصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، على حد وصفه.
وقال ترامب إن "الولايات المتحدة خاضت لسنوات طويلة حروبًا لصالح دول أخرى، في مناطق لا يعرف الجنود حتى أسماءها"، مشيرًا إلى أن هذه السياسة أضعفت قدرات الجيش الأمريكي وأهدرت المليارات من أموال دافعي الضرائب دون تحقيق مكاسب استراتيجية حقيقية.
تركيز على الداخل.. و"القبة الذهبية" قيد الإعداد
وفي سياق حديثه عن رؤيته المستقبلية، أكد ترامب أن إدارته ستواصل ما بدأته خلال فترة رئاسته الأولى، من إعادة بناء وتحديث القوات المسلحة الأمريكية، عبر ضخ استثمارات ضخمة في قطاع الدفاع، مع التأكيد على تقليص التدخلات العسكرية في الخارج والتركيز على حماية الأمن الداخلي.
وكشف ترامب عن نية إطلاق نظام دفاع صاروخي جديد يُطلق عليه اسم "القبة الذهبية"، مشيرًا إلى أنه سيكون بمثابة درع واقٍ للولايات المتحدة ضد أي تهديدات صاروخية محتملة، ويعكس توجهًا جديدًا في العقيدة الدفاعية الأمريكية، التي أصبحت تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والدفاع من الداخل، بدلًا من سياسة التدخل المباشر في النزاعات الإقليمية.
أمريكا أولاً.. من جديد
تصريحات ترامب الأخيرة تأتي في إطار تجديده لسياسة "أمريكا أولاً"، والتي شكلت حجر الزاوية في رؤيته السياسية منذ دخوله البيت الأبيض عام 2016، وتهدف هذه السياسة إلى تقليل الالتزامات العسكرية والمالية في الخارج، والتركيز على تعزيز الاقتصاد المحلي، والأمن الداخلي، وتحديث بنية الدفاع الوطني.
ويُذكر أن ترامب كان قد أوقف سابقًا مساعدات عسكرية كانت مقررة لأوكرانيا، في قرار أثار جدلاً واسعًا وأعاد النقاش حول التزام واشنطن تجاه حلفائها في أوروبا وحلف الناتو، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة مع روسيا.
سياسة دفاعية مثيرة للجدل
ورغم أن هذه التوجهات تلقى دعمًا واسعًا من أنصاره الذين يرون أنها تُعزز من استقلالية القرار الأمريكي وتحمي الجنود الأمريكيين من الوقوع في حروب عبثية، إلا أن منتقديه يعتبرون أن هذه السياسة تُضعف نفوذ الولايات المتحدة عالميًا، وتفتح الباب أمام خصومها مثل الصين وروسيا لتعزيز وجودهم الجيوسياسي على حساب تراجع الدور الأمريكي.
ويرى مراقبون أن الاستراتيجية الجديدة – في حال عودة ترامب إلى الحكم – ستشكل تحولًا جذريًا في دور أمريكا العالمي، وستُعيد رسم العلاقات الدفاعية والاقتصادية بين واشنطن وحلفائها التقليديين.
جدل مستمر في أروقة القرار
في ضوء هذه التصريحات، يُتوقع أن تشهد السياسة الدفاعية الأمريكية مزيدًا من الجدل خلال المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التحضيرات المبكرة للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث أصبحت قضايا مثل "الوجود العسكري الأمريكي في الخارج" و"الإنفاق الدفاعي" محاور رئيسية في الخطاب الانتخابي لكل من الجمهوريين والديمقراطيين.