أكد الدكتور بندر الجعيد، أستاذ الإعلام الاقتصادي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن المملكة العربية السعودية تخطو بثقة نحو أن تصبح مركزًا عالميًا في قطاع المعادن الحرجة، الذي يُعد أحد أهم القطاعات الاستراتيجية في الاقتصاد العالمي الجديد.
وأوضح الدكتور الجعيد، مداخلة عبر زووم مع الشرق بلومبرج، أن هناك تحركات سعودية مدروسة لمواجهة التحديات العالمية في قطاع التعدين، خاصة في ظل هيمنة الصين على نحو 70% من المعادن النادرة وقرابة 90% من عمليات معالجتها، مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس، والتي تُعد عناصر أساسية في الصناعات المتقدمة، كالذكاء الاصطناعي، والمركبات الكهربائية، وصناعة البطاريات.
وأشار إلى أن المملكة بدأت، مع إطلاق رؤية 2030، في اعتماد قطاع التعدين كركيزة ثالثة إلى جانب النفط والصناعة، خاصة مع تقديرات تؤكد امتلاك المملكة ثروات معدنية بقيمة تصل إلى 2.5 تريليون دولار، منها معادن استراتيجية مثل الليثيوم والكوبالت.
وأضاف أن المملكة لا تستهدف التصدير الخام فقط، بل تسعى إلى إنشاء سلاسل قيمة متكاملة تشمل الاستخراج والتصنيع والتحويل، مستشهدًا بمشاريع عملاقة في شمال المملكة لربط التعدين بالبتروكيماويات والفوسفات.
وأكد الجعيد أن مؤتمر التعدين الدولي الذي تستضيفه المملكة سنويًا أصبح منصة رئيسية لاستقطاب كبرى الشركات العالمية، خاصة من الولايات المتحدة وأستراليا وآسيا، وذلك بهدف توطين المعرفة التقنية وتطوير الخبرات المحلية، مشيرًا إلى أن القطاع وفر 44,000 وظيفة خلال العام الماضي.
وحول أثر الشراكات الدولية، لا سيما مع الولايات المتحدة، أوضح الجعيد أن هذه الاتفاقيات تُمكّن المملكة من الاندماج في سلاسل الإمداد العالمية وتخفيف الاعتماد على مصادر أحادية، كما تتيح للولايات المتحدة بدائل آمنة ومستقرة للمعادن النادرة.
كما نوه بأن شركة "منارة"، الذراع الاستثماري الخارجي لقطاع المعادن، تلعب دورًا كبيرًا في تأمين احتياجات المملكة من خلال استثمارات مباشرة في أفريقيا، مدعومة بموانئ ومناطق لوجستية استراتيجية في جيبوتي وتنزانيا، مما يسهم في تعزيز الأمن الصناعي والغذائي وتنويع الاقتصاد.
وفيما يتعلق بتحديات القطاع، أكد الجعيد أن أبرزها بيئي واجتماعي، مثل شح المياه والتخلص من النفايات الصناعية، بالإضافة إلى التنافس الشديد على جذب الاستثمارات وارتفاع تكاليف التمويل على المدى القصير. إلا أن المملكة، حسب قوله، تسير بخطى ثابتة نحو تحسين بيئة الاستثمار عبر قوانين تنظيمية واضحة واستقرار اقتصادي مشجع.
واختتم الدكتور الجعيد حديثه بالتأكيد على أن هذه الجهود تمثل مرحلة تحول حقيقية نحو اقتصاد معرفي وصناعي، قادر على المنافسة العالمية، خاصة في مجالات الصناعات الدقيقة وتقنيات المستقبل.