الدولار يواصل الصعود بعد خروج مليار دولار أموال ساخنة.. ومحللون يحددون سيناريوهات مستقبل سعر الصرف


الاثنين 07 ابريل 2025 | 12:58 مساءً
سعر الدولار اليوم
سعر الدولار اليوم
محمد عاشور

شهد الجنيه المصري، اليوم الإثنين، تراجعًا جديدًا في رحلة الهبوط المفاجئ أمام الدولار الأمريكي  وخسر في التعاملات الصباحية بالبنوك نحو 50 قرشًا مسجلًا 51.61 جنيه، وذلك في تحرك يعكس تفاعل الأسواق مع مجموعة من العوامل الإقليمية والدولية المعقدة.

ويُعزى هذا الانخفاض بالدرجة الأولى إلى تحوّط المستثمرين الأجانب والعرب من تداعيات السياسات الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصةً الرسوم الجمركية التي تثير مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما دفع إلى تحرك الأموال الساخنة بفعل تداعيات رسوم ترامب، حيث كشف مصدر عن تسجيل الانتربنك نحو مليار دولار أمس الأحد.

وشهدت السوق موجة ملحوظة من خروج "الأموال الساخنة"، حيث بلغ متوسط التخارج اليومي من الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين ارتفع من 150 إلى 200 مليون دولار يوميًا إلى مليار دولار أمس الأحد، وفقًا لتصريحات الخبير طارق متولي.

ويأتي هذا التحرك في ظل أجواء من القلق والتحفظ التي تسيطر على قرارات المستثمرين، لا سيما في الأسواق الناشئة، مع تصاعد التوترات التجارية العالمية وتغير شهية المخاطرة لدى المؤسسات الكبرى.

ورغم هذا التراجع، يؤكد محللون ومسؤولون مصرفيون أن الهبوط الأخير للجنيه يُعدّ "مؤقتًا ومنطقيًا"، ويأتي في إطار التفاعلات الطبيعية للأسواق في ظل الأوضاع العالمية الراهنة، كما أشاروا إلى أن انتعاش صافي الأصول الأجنبية في البنوك المصرية للشهر الثاني على التوالي يعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس استقرارًا نسبيًا في الأساسيات الاقتصادية، ويعزز من قدرة الجهاز المصرفي على امتصاص الصدمات قصيرة الأجل. 

سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري

واصل الدولار الأمريكي صعوده  المفاجئ لليوم الثاني أمام الجنيه المصري خلال تعاملات اليوم في البنك الأهلي المصري، ليسجل سعر الشراء 51.51 جنيه، بينما بلغ سعر البيع 51.61 جنيه، وذلك مقارنة بمستويات بداية التعاملات، ويأتي هذا الارتفاع في إطار موجة الضغط التي يتعرض لها الجنيه، مدفوعة بخروج تدريجي للأموال الساخنة وتحركات المستثمرين تحسبًا للتقلبات الناتجة عن السياسات التجارية العالمية، خصوصًا الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضتها الولايات المتحدة في الثاني من ابريل وتشمل نحو 180 دولة من بينها مصر 

ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي

أعلن البنك المركزي المصري، اليوم الإثنين، ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية، لتصل إلى 47,757.1 مليون دولار أمريكي في نهاية مارس 2025، وهو ما يشير إلى الموقف الإيجابي للاحتياطي النقدي الذي يلبي احتياكا البلاد من الدولار، ويحد من ضغط الطلب على النقد الأجنبي. 

سعر الجنيه المصري في العقود الآجلة

سجل سعر الدولار في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصري لأجل 12 شهرًا ارتفاعًا جديداً، ليصل إلى 60.28 جنيه لكل دولار، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2024، بحسب بيانات "بلومبرج". 

سعر الدولار عالميًا

 فيما سجل الدولار الأمريكي، تراجعًا حادًا يوم الخميس الماضي بنسبة بلغت نحو 1.7%، في أكبر انخفاض يومي له منذ نوفمبر 2022، وفقًا لمؤشر الدولار (DXY)، ويأتي هذا الهبوط بعد أن فرض الرئيس ترامب تعريفات جمركية على الواردات بمستويات غير مسبوقة منذ بدايات القرن العشرين، مما أشعل مخاوف واسعة من الدخول في حالة ركود اقتصادي عالمي، وانعكس سلبًا على أسواق الأسهم التي شهدت تراجعًا ملحوظًا.

وبدأت مؤشرات التوتر تظهر بوضوح في أسواق المال، مع تصاعد عمليات البيع التي اجتاحت الأسواق العالمية، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في مؤشرات الطلب على الدولار خلال الأشهر الأخيرة، وبلغت عقود المقايضات عبر العملات لأجل ثلاثة أشهر - والتي تُعد مؤشرًا على الطلب الخارجي غير الأمريكي على الدولار - أعلى مستوياتها مقابل اليورو والجنيه الإسترليني منذ أواخر عام 2023، فيما وصلت إلى أعلى مستوى لها مقابل الين الياباني خلال خمسة أشهر.

ورغم أن الدولار عادةً ما يكون الملاذ الآمن في أوقات الأزمات، إلا أن ردود الفعل هذا الأسبوع جاءت مخالفة للتوقعات، حيث لجأ المستثمرون إلى التخلي عنه مع تهاوي الأسهم العالمية بسبب الرسوم الجمركية الجديدة. ويرى مراقبون أن هذا التحول قد يُعدّ مؤشرًا على تراجع مكانة الدولار عالميًا كعملة مفضلة في فترات عدم اليقين.

أسباب ارتفاع الدولار الأمريكي

في هذا السياق، صرّح رئيس قطاع الخزانة في أحد أكبر البنوك الخاصة – مفضلاً عدم الكشف عن اسمه – بأن تراجع الجنيه المصري كان أمرًا متوقعًا في ظل الاضطرابات التي تشهدها الأسواق المحلية والعالمية، موضحاً أن القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية أثارت حالة من الترقب وعدم اليقين لدى المستثمرين.

وأضاف أن هذه الأجواء دفعت العديد من المستثمرين الأجانب إلى سحب جزء من أموالهم من الأسواق الناشئة، ومن بينها السوق المصرية، كخطوة احترازية تهدف إلى الحفاظ على السيولة وإعادة تقييم المشهد الاقتصادي العالمي، بحسب ما نقلته "الشرق بلومبرج".

وأشار إلى أنه طالما استمر خروج الاستثمارات الأجنبية، فإن الضغط على الجنيه سيبقى قائماً، مؤكدًا أن ما يحدث هو بمثابة "صدمة مؤقتة" تمر بها الأسواق إلى أن تتمكن من استيعاب تأثير قرارات الرسوم الجمركية الأمريكية أو في حال قررت واشنطن التراجع عنها.

تأثر أسواق العملات وسوق الصرف بالاضطرابات العالمية

من جهته، أكد الخبير المصرفي طارق متولي، أن القرارات الصادرة عن الرئيس الأمريكي مؤخراً تسببت في اضطرابات عالمية كان لها تأثير مباشر وواضح على أسواق العملات وسوق الصرف، كما انعكست تداعياتها على أسواق المال بشكل عام.

ولفت خلال مداخلة ببرنامج "كلمة أخيرة"، عبر فضائية "ON" إلى أن هذه التطورات أثرت كذلك على سوق الانتربنك بين البنوك في مصر، وهي المنصة المنظمة لتداول الدولار بين البنوك، حيث تجاوز حجم التعاملات بها حاجز المليار دولار، مقارنة بمتوسط يومي يتراوح بين 150 و200 مليون دولار، وهو ما يعكس زيادة ملحوظة في الطلب على الدولار في ظل الاضطرابات الحالية وتحركات الأموال الساخنة، مشيرًا إلى أن هذا الطلب مؤقت ويرتبط بحالة من عدم اليقين التي تهيمن على الأسواق العالمية.

التعامل مع الأموال الساخنة

أوضح أن البنك المركزي المصري يتبع سياسات مرنة وواعية في التعامل مع الأموال الساخنة، سواء عند دخولها أو خروجها من السوق المحلي، مؤكدًا أن هذه السياسات تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز استقراره.

وأضاف أنه في فترات سابقة كان البنك المركزي يثبّت سعر صرف الدولار للمستثمرين الأجانب عند الدخول والخروج من السوق، إلا أن تطبيق سياسة مرونة سعر الصرف في الوقت الراهن جعل من الطبيعي أن يشهد السعر ارتفاعًا مؤقتًا نتيجة تزايد الطلب المرتبط بحركة الأموال الساخنة.

وأكد أن هذا الارتفاع يعتبر نتيجة مباشرة للتقلبات في الأسواق العالمية، موضحًا أن الأموال الساخنة تتميز بطبيعتها المتقلبة وسرعة تحركها استجابة للتغيرات، وهو ما يجعل هذا الارتفاع في سعر الصرف ظرفًا مؤقتًا لن يستمر طويلًا.

وتوقع "متولي"، انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال الأيام القليلة المقبلة، ليعود إلى مستوياته الطبيعية، مع زوال تأثير قرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة وتحسن الأوضاع الاقتصادية على الساحة الدولية. 

صافي الأصول الأجنبية لمصر

سجل صافي الأصول الأجنبية لمصر ارتفاعًا ملحوظًا خلال فبراير الماضي، حيث زاد بقيمة 1.48 مليار دولار ليصل إلى 10.2 مليار دولار، مسجلًا بذلك نموًا للشهر الثالث على التوالي، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

وجاء هذا التحسن مدعومًا بانخفاض عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، والذي تراجع بنحو 1.38 مليار دولار ليصل إلى 1.9 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بمقدار 96 مليون دولار.

التزامات البنوك بالعملة الأجنبية

قامت البنوك المصرية بخفض التزاماتها بالعملة الأجنبية بمقدار 588 مليون دولار خلال فبراير، لتستقر عند 28.05 مليار دولار، في حين رفعت أصولها بالعملة الأجنبية الموظفة بالخارج بنحو 792 مليون دولار، لتصل إلى 26.1 مليار دولار.

أظهرت بيانات حكومية، أن الدين الخارجي لمصر سجل انخفاضًا قدره 111 مليون دولار خلال الربع الرابع من عام 2024، ليصل إلى 155.09 مليار دولار بنهاية العام، وفقًا لـ "العربية Business".

الودائع بالعملات الأجنبية في البنوك

أعلن البنك المركزي المصري، زيادة إجمالي الودائع بالعملات الأجنبية، باستثناء ودائع البنك المركزي، لتبلغ ما يعادل 3.0379 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، مقارنة بما يعادل 2.959 تريليون جنيه في نهاية عام 2024، ما يعكس نموا قدره 78.4 مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 2.6%.

حققت الودائع لأجل وشهادات الادخار بالعملات الأجنبية ارتفاعا بنسبة 2.16%، حيث وصلت إلى ما يعادل 2.306 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، مقارنة بـ 2.258 تريليون جنيه بنهاية عام 2024.

وسجلت الودائع تحت الطلب نموا، لتبلغ ما يعادل 731.035 مليار جنيه بنهاية فبراير 2025، بعد أن كانت 701.434 مليار جنيه في نهاية عام 2024، بزيادة قدرها 29.601 مليار جنيه.

ودائع العملة المحلية في البنوك

كما أعلن البنك المركزي، ارتفاع إجمالي الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية في البنوك العاملة بالسوق المحلية إلى 7.982 تريليون جنيه بنهاية فبراير 2025، مقارنة بـ 7.730 تريليون جنيه في يناير السابق.

وارتفعت الودائع تحت الطلب بالعملة المحلية لتصل إلى 1.857 تريليون جنيه بنهاية فبراير، بعدما كانت 1.784 تريليون جنيه بنهاية يناير 2025، وفقًا لتقرير البنك المركزي المصري.

وأشار التقرير إلى نمو كبير في الودائع الأجنبية التي بلغت ما يعادل 3.037 تريليون جنيه بنهاية فبراير، وزيادة السيولة المحلية لتصل إلى 12.218 تريليون جنيه في نفس الفترة.