تباينت المؤشرات المالية ما بين الصعود والهبوط في أسواق العقارات بالخليج، وتشهد السوق الإماراتية انتعاشة بالتزامن مع تنوّع المنتج العقاري المعروض وتزايد الطلب خاصة على الوحدات السكنية، إلى جانب سرعة وتيرة التنفيذ في المشاريع الجديدة بالنصف الأول من العام الجاري بنسبة أعلى مما كانت عليه في 2023.
ووصلت مبيعات المشاريع العقارية على الخارطة في الإمارات إلى 34.3 مليار دولار أمريكي في النصف الأول من 2024
ورغم تصاعد الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط لم تتأثر سوق العقارات السكنية في دبي، والأسباب الرئيسية لذلك الأداء القوي هذا العام، كما أن القطاع العقاري في دبي يستفيد من طلب من المستثمرين المحليين والدوليين بعد ارتفاع عدد
سكان دبي إلى 3.7 مليون نسمة بحلول نهاية عام 2023، وفقًا لمركز دبي للإحصاء، وهذا العدد لا يشمل العمال المتنقلين إلى دبي.
ويرتفع معدل الشراء عن الإيجارات في دبي بسبب التعديلات على نظام التأشيرات، بما في ذلك إصدار الإقامة الذهبية، التي وفرت الاستقرار للكثير من المقيمين وجذبت العديد من المستثمرين الدوليين الأثرياء حول العالم.
ونتيجة نمو عدد السكان وارتفاع الإيجارات، فإن العائد على الاستثمارات العقارية في دبي يتجاوز العائد في معظم الدول الأوروبية، لذلك فإن معاملات البيع على الخارطة في النصف الأول من عام 2024 أعلى بمرتين من معاملات الوحدات الجاهزة والمشترين على استعداد لدفع سعر أعلى للقدم المربع في المشاريع الجديدة.
وعلى أساس سنوي خلال أول 9 أشهر من 2024 وبنسبة 45% قفز عدد المستثمرين الجدد في عقارات دبي وأبرموا 132 ألف صفقة بقيمة 291 مليار درهم.
ومن 106 آلاف صفقة وصلت قيمتها إلى 235 مليار درهم استحوذ المستثمرون الأجانب في عقارات دبي على الحصة الكبرى من المبيعات في القيمة والعدد، وجاء المستثمرون العرب في المرتبة الثانية من خلال 17 ألف صفقة بلغت قيمتها 30 مليار درهم، ويأتي بعدهم المستثمرون الخليجيون في الترتيب بـ9 آلاف صفقة قيمتها 26 مليار درهم.
وتشهد السوق السعودية نموًا ملحوظًا في قطاع العقارات، خاصة مع رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتطوير القطاع العقاري، ولكن مع كل هذا الجهد المبذول يواجه المطورون في المملكة تحديات عديدة.
وتأتي تلك التحديات متمثلة في زيادة تكاليف الأراضي خاصة بالعاصمة الرياض، وعدم استقرار تكاليف البناء المتأثرة بالتغيرات الاقتصادية على الصعيد العالمي، كما أن هناك تقييدات للقدرة في السوق المحلية، وزيادة تكاليف الشحن، وارتفاع تكاليف التمويل.
لذا تشهد بعض أجزاء السوق في المملكة تأخيرات في جداول التسليم، ما يؤثر بدوره على النشاط المحتمل للمعاملات حيث يتخذ مالكو العقارات والمستثمرون نهجًا يغلب عليه الانتظار والترقب.
ومع ذلك فقد ارتفعت أسعار بيع الوحدات السكنية في العاصمة الرياض، بنسبة 10% حتى يونيو من العام الجاري -على أساس سنوي، بينما زادت الإيجارات بحوالي 9%، وفي مدينة جدة كان نمو السوق العقاري أبطأ قليلًا حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 5%، وزادت الإيجارات 4%.
وشهد قطاع الإسكان، تسليم نحو 16.2 ألف وحدة سكنية في الرياض، ونحو 11.3 ألف وحدة في جدة خلال النصف الأول من العام الجاري، ليصل إجمالي المخزون السكني إلى 1.5 مليون وحدة في الرياض، و891 ألف وحدة في جدة، ويُتوقع تسليم نحو 16 ألف وحدة إضافية في كل مدينة بحلول نهاية 2024.
في حين تتميز البحرين بأسعار عقارات معقولة مقارنة بدول الخليج الأخرى، مما يجعلها وجهة جاذبة للمستثمرين، ولكن رغم ذلك شهد سوق العقارات في المنامة بالسنوات الأخيرة تقلبات ملحوظة، حيث تداول الحديث حول هبوطه بشكل متكرر.
ويرجع هذا الهبوط المتكرر إلى تذبذب أسعار النفط، فاقتصادات دول الخليج تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، وتأثر أسعار النفط سلبًا على الاقتصاد البحريني وبالتالي على سوق العقارات.
وأعرب رئيس شركة أوال العقارية سعد هلال السهلي عن تفاؤله بمستقبل القطاع العقاري في مملكة البحرين، مرجعا ذلك إلى الإجراءات التي تنتهجها الحكومة لتطوير المجال العقاري.
ورأى رئيس شركة أوال العقارية أن السوق البحريني لم يدخل مؤخرا في دائرة الهبوط بقدر ما عانى من البطء وانخفاض هامش الربحية، غير أن حركة التطوير والبناء مستمرة لمشاريع عديدة في خليج البحرين، وديار المحرق، وشارع الملك فيصل، وغيرها.
وأضاف: "أن المشتغلون تكبدوا عناء في قطاع التأجير بسبب انخفاض العائد السنوي إلى 6% بعدما كان 10% في سنوات ماضية بسبب التراخ إزاء المتخلفين عن الدفع".
كما دعا «السهلي» إلى إجراء تعديلات على القوانين لإعادة الثقة بقطاع التأجير، قائلا: "إذا ما تحسّن واقع التأجير والإجراءات المتخذة ضد المتخلفين عن الدفع، فإن ذلك من شأنه أن يُعيد عجلة بناء العقارات المدرة إلى الدوران".
وفي إطار التعاون العربي أبرم بنك البحرين والكويت في مملكة البحرين، اتفاقية تعاون استراتيجية مع شركة عقارات كارلتون لتقديم عروض تمويل عقارية حصرية لعملاء البنك الراغبين بتملّك وحدات سكنية بمزايا متعددة، وذلك في خطوة لإنعاش المجال العقاري بالمملكة.
وبالحديث عن دولة الكويت، أظهر تقرير لبنك الكويت الدولي انخفاضاً ملحوظاً في نشاط السوق العقاري الكويتي خلال عام 2023، حيث تراجع عدد صفقات البيع والشراء بنسبة 30.3% مقارنة بالعام السابق، وبلغ إجمالي قيمة هذه الصفقات 1.2 مليار دينار، مقابل 1.9 مليار دينار في عام 2022.
ورغم ذلك فقد عاد السوق العقاري بالكويت للانتعاش، سجّلت القيمة الإجمالية للعقود العقارية، خلال النصف الأول من 2024 نحو 1.62 مليار دينار، كما جرى التداول خلال النصف الأول على 2097 عقاراً في 6 محافظات تقريبا.
وشهدت تلك الفترة تنوعًا في أنواع العقارات المتداولة، حيث سجلت العقارات الخاصة أعلى حجم تداول بـ 1496 عقارًا بقيمة 689.83 مليون دينار.
تلتها العقارات الاستثمارية والتجارية بـ 509 و69 عقارًا على التوالي، بقيم بلغت 450.99 مليون دينار و405.97 مليون دينار.
وشملت التداولات أيضًا عقارات بأغراض متنوعة مثل الشريط الحرفي، والمعارض، والمخازن، والشريط الساحلي بقيم إجمالية متفاوتة."
بينما أدى ارتفاع الطلب على العقارات في قطر إلى ارتفاع الأسعار، مما قد يضعف القدرة الشرائية لبعض الفئات، خاصة وأن قطر تواجه نقصًا في الأيدي العاملة الماهرة في قطاع البناء والتشييد، مما قد يؤثر على وتيرة تنفيذ المشاريع العقارية.
ورغم هذا ارتفع مؤشر أسعار العقارات لدولة قطر بختام تعاملات سبتمبر الماضي عند أعلى مستوى مسجلا 220.64 نقطة، بارتفاع 2.90% عن مستواه البالغ 215.71 نقطة في أغسطس 2024.
وشهدت سوق العقارات في سلطنة عمان خلال النصف الأول من عام 2024 نموًا طفيفًا، حيث ارتفعت القيمة الإجمالية للتداول بنسبة 0.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كما لوحظ انخفاض في بعض المؤشرات الأخرى مثل عدد العقود وعدد الملكيات الصادرة، فالقيمة الإجمالية للتداول ارتفعت بنسبة 0.5% لتصل إلى 1.409 مليار ريال عماني، أما الرسوم المحصلة فقد انخفضت بنسبة 3.5% لتصل إلى 32.3 مليون ريال عماني، وبشأن عقود البيع فقد انخفض عدد العقود بنسبة 0.9%، ولكن ارتفعت القيمة الإجمالية.
أما عن عقود الرهن فقد ارتفع عدد العقود والقيمة الإجمالية بنسبة طفيفة، كما شهدت عقود المبادلة ارتفاعًا كبيرًا بنسبة 52% في القيمة.
وانخفض العدد الإجمالي للملكيات الصادرة بنسبة 7%، ولكن ارتفع عدد الملكيات الصادرة لأبناء مجلس التعاون لدول الخليج العربية بنسبة 5.2%.
ويشير الارتفاع الطفيف في القيمة الإجمالية للتداول إلى استقرار نسبي في السوق، رغم التحديات الاقتصادية العالمية، كما أن تراجع الرسوم قد يعكس انخفاض الرسوم المحصلة تباطؤًا في بعض الأنشطة العقارية أو تغييرات في السياسات الضريبية.