تجدد الحديث عن عودة استثمارات الأجانب إلى سوق الدين الحكومى المصرى مع عملية إصلاح سعر الصرف التى خفضت قيمة الجنيه مؤخرًا، بصفتها أحد الحلول التى قد تخفف الضغوط عن الجنيه فى الوقت الحالى، لكنها قد تخلق أزمة جديدة كتلك التى شهدها سوق الصرف مع الخروج الكبير للأموال الساخنة فى فبراير ومارس من العام الماضى.
ويطرح ذلك التساؤلات حول ما إذا كانت مصر قد تعلمت الدرس من المرات السابقة، وهل ستتعامل مع الأمر بطريقة مختلفة هذه المرة بما لا يؤدى إلى أزمة جديدة فى المستقبل.
وقال مصدر بأحد صناديق الدخل الثابت، إن الأجانب عادوا بشكل معتدل خلال الفترة الماضية وتحديدًا منذ تخفيض قيمة الجنيه فى 5 يناير الماضى وإبرام برنامج مصر مع صندوق النقد، لكن مسألة التحوط ضد مخاطر خروجهم أمر يعتمد على عدة عوامل.
أضاف أن مرونة سعر الصرف وتحميلهم جزء من مخاطر خروجهم قد يكون حلًا، فمثلا لو كان قد تم السماح بتراجع قيمة الجنيه وقت خروجهم فى فبراير ومارس من العام الماضى مع تصاعد الطلب على الدولار كان سيتم توفير ما لا يقل عن 3 إلى 4 مليارات دولار من نحو 30 مليار دولار غادرت البلاد.
وأشار إلى أن عودتهم كانت ستكون أسرع لأن السوق حر والعملة غير مكبلة بمخاطر انخفاض مستقبلية لكن من الوارد أيضًا أن يمتنعوا لفترة إذا كانت الخسائر التى عانوا منها كبيرة.
وبحسب وثائق برنامج مصر مع صندوق النقد الدولى التى نشرها الصندوق، تعهدت الحكومة بتوجيه كامل الحصيلة الدولارية من الطروحات الحكومية للبنك المركزى بهدف زيادة صافى الاحتياطيات الدولية وتشمل الاحتياطيات الرسمية والودائع غير المدرجة فى الاحتياطيات الرسمية، بهدف زيادة الاحتياطى بعيدًا عن الديون.
ومن المستهدف أن يصل صافى الاحتياطيات الخارجية بعد استبعاد الالتزامات الواجب سدادها من قبل البنك المركزى أو الحكومة خلال 360 يوم باستثناء ودائع خليجية بنحو 6 مليارات دولار، إلى 23 مليار دولار بنهاية العام المالى الحالى مقابل 15.249 مليار دولار بنهاية سبتمبر، على أن يزيد بـ 10.6 مليار دولار بنهاية العام المالى المقبل، ونحو 16.9 مليار دولار خلال العامين الماليين 2025/2024 2026/2025 ليصل إلى 41.5 مليار دولار بنهاية مدة البرنامج.
وأشار إلى أن حزمة الإصلاحات الحكومية تستند على الالتزام بتعزيز نمو القطاع الخاص من خلال الحد بشكل كبير من مزاحمة الدولة والجهات السيادية وتحسين بيئة الأعمال، بهدف زيادة الإنتاجية والقدرة على التصدير، وتضييق العجز التجارى، وفى الوقت نفسه تشجيع المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر وتقليل الاعتماد على الديون.
ووفقًا لبيانات الصندوق يفترض ذلك أن حيازات الأجانب فى أذون وسندات الخزانة المحلية ستظل منخفضة عند 4.977 مليار دولار بنهاية مارس و5.6 مليار دولار بنهاية يونيو مقابل 4.35 مليار دولار بنهاية ديسمبر، على أن تزيد مستهدفات الاحتياطى 50% إذا كان هناك تدفقات أعلى من المتوقع بحيث يستطيع البنك المركزى تكوين احتياطى كافى حال خروج الأجانب.
فيما تقل مستهدفات الاحتياطى للعام المالى الحالى 50% إذا لم تنجح مصر فى طرح سندات مقومة بالعملة الأجنبية فى الأسواق الدولية.
ويرى بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس، أن الحد من تعرض مصر للصدمات ومنع الاختلالات الخارجية من التراكم بشكل غير مستدام سيكون عبر سياسات مصممة لتضييق العجز التجارى وتحسين مزيج التمويل (أى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر وتقليل الديون).
وتوقع بنك ستاندرد شارترد أن يشرع البنك المركزى فى دورة التيسير النقدى بمجرد التأكد من هبوط التضخم، لأنه بات يستهدف تدفقات فى محافظ الأسهم بجانب الديون التى اعتمد عليها كثيرًا فى الماضى، ويتوقع معدو التقرير أن ذلك لن يتحقق قبل منتصف العام المالى 2023-2024.
أوضح أنه على المدى المتوسط فإن تغطية الفجوة التمويلية، والتأكد من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات المحافظ المالية وفق الجدول الزمنى المعلن، سيكون عنصرًا أساسيًا للوصول لمستهدفات الاحتياطى الأجنبى تحت برنامج مصر مع صندوق النقد الدولى.
ومنذ توقف البنك المركزى عن دعم الجنيه ارتفع احتياطى النقد الأجنبى بنحو 1.1 مليار دولار مقارنة بمستويات أغسطس الماضى.