أكد يحيى أبو الفتوح نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، أن القطاع العقارى المصرى قادر على تجاوز التداعيات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد خلال الفترة المقبلة، مشددًا على أن مصرفه لم ولن يتخلى عن دعم هذا القطاع الحيوى والدليل على ذلك أن قروض الأفراد والشركات لم تتوقف فى ظل الجائحة، بل واستمرت معدلات النمو بها فى الارتفاع بشكل ملحوظ.
وأوضح «أبو الفتوح» فى حواره مع «العقارية» أن قوة وصلابة القطاع المصرفى تقاس دائمًا فى أوقات الأزمات وقدرته على امتصاص الصدمات أيًا كان نوعها وحماية الاقتصاد من مخاطرها وتداعياتها، مشيرًا إلى أن السياسات والقرارات التى أقبل عليها البنك المركزى فى الآونة الأخيرة ساهمت فى العبور بالاقتصاد المصرى إلى بر الأمان.
وكشف نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى عن مستهدفات مصرفه خلال الفترة المقبلة وسر زيادة عدد عملائه وحجم تمويلات البنك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، فإلى نص الحوار..
** فى البداية.. حدثنا عن دور الجهاز المصرفى فى أوقات الأزمات، خاصة بعد نجاحه مؤخرًا فى قيادة الاقتصاد المصرى لتجاوز التداعيات السلبية لفيروس كورونا المستجد.
* دائمًا ما تقاس قوة وصلابة القطاع المصرفى فى أوقات الأزمات ومدى قدرته على امتصاص الصدمات وحماية الاقتصاد من المخاطر والتداعيات الناتجة عن تلك الأزمات، وهو ما ظهر جليًا خلال أزمة فيروس «كوفيد 19» التى هزت اقتصاديات العالم أجمع وبمختلف درجاتها، حيث نجحت حنكة وحصافة البنك المركزى المصرى فى تجاوز الأزمة باحترافية شديدة شهدت بها كافة المؤسسات وبيوت الخبرة العالمية، حيث إن المبالغ التى تم ضخها سواء بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة أو تلك الخاصة بمبادرات البنك المركزى لإقراض قطاعات الصناعة والزراعة والتصينع الزراعى بفائدة 8% بدلًا من 15%، إضافة إلى القرارات التى اتخذها من تخفيض الفائدة وتأجيل الأقساط على القروض المختلفة لـمدة 6 أشهر- استفاد منها ما يزيد على 60% من عملاء البنوك-،والتى ساهمت فى المحافظة على عملاء القطاع المصرفى وحمايتهم من التعثر، وهو ما كان له بالغ الأثر فى استمرار دفع الاقتصاد القومى للأمام.
** وماذا عن عدد عملاء البنك الأهلى المصرى، ونسبة الإقبال على القروض فى الفترة الأخيرة؟
* عدد عملاء القطاع المصرفى بشكل عام يقدر بحوالى 30 مليون عميل منهم 14 مليون عميل فى البنك الأهلى المصرى، أى بحصة سوقية تتجاوز 30%، بإجمالى محفظة تصل إلى 730 مليار جنيه، منها 103 مليارات جنيه لقطاع التجزئة المصرفية و75 مليار جنيه لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والنسبة الباقية مخصصة لتمويل الشركات الكبرى.
وهنا أشير إلى أن هذه الزيادة الكبيرة يرجع الفضل فيها للمزايا والتيسيرات التى يقدمها البنك لعملائه فى الآونة الأخيرة، والتى كان منها على سبيل المثال القروض الشخصية، حيث زاد عدد عملاء البنك بنسبة 35% عن العامين الماضيين، وذلك بعد إلغاء الرسوم الإدارية وتخفيض معدلات الفائدة، هذا إلى جانب التيسير فى شروط وضوابط منح القروض بما لا يخل بمصالح البنك ويضمن استرداده لأمواله.
** وإلى أى مدى كان للشهادات الادخارية تأثير إيجابى على عملاء القطاع المصرفى فى الفترة الأخيرة؟
* بكل تأكيد ساهمت الشهادات الادخارية بدور إيجابى على عملاء البنوك، حيث تعد شهادات الـ 15% أكثر وعاء ادخارى استهوى المواطن فى الفترة الأخيرة؛ نظرًا لكونه أتاح للعملاء إيرادًا جيدًا يمكنهم من الإنفاق بشكل منتظم على احتياجاتهم الشهرية، وهو ما دفع الكثير للإقبال عليها، حيث بلغ نصيب البنك الأهلى منها ما يقدر بنحو 220 مليار جنيه من أصل 300 مليار جنيه، معظمها كان تحويلًا من وعاء إدخارى إلى وعاء آخر ونسبة 15% منها كان أموالًا من خارج البنك الأهلى.
** حرص البنك الأهلى على المشاركة فى دعم القطاع السياحى والصناعى بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ماذا عن دعم القطاع العقارى الذى عانى الكثير فى ظل جائحة كورونا؟
* ندعم بشكل جاد ومستمر القطاع العقارى ونقف الى جوار العاملين فيه؛ لإيماننا أن ما يشهده من تعثر فى الفترة الحالية هو مجرد أزمة وستنتهى فى القريب العاجل ونؤمن بقدرته على النهوض مرة أخرى وتجاوز هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة، والدليل على دعمنا لهذا القطاع الحيوى أننا لم نوقف عن منح قروضنا للأفراد أو المطورين العقاريين خلال الجائحة، حيث بلغت نسبة مساهمة البنك فى قطاع المقاولات ما يزيد على 75 مليار جنيه بنسبة تعثر لا تتجاوز 1.6%.
** وهل بدأتم العمل فى تطبيق مبادرة البنك المركزى الخاصة بالتطوير العقارى، وهل لا تفكرون فى تكرار تجربة «الأهلى – صبور» أو الدخول فى شراكة مع إحدى الشركات العقارية؟
* بلغت مساهمتنا فى مبادرة صندوق التطوير العقارى ما يقدر بنحو 9 مليارات جنيه .. ونعكف حاليًا على وضع اللمسات الأخيرة بشأن تطبيق مبادرة التمويل العقارى خلال الفترة المقبلة والخاصة بالوحدات الجاهزة والتى لا تقل مساحتها عن 150 مترًا وسعرها يصل إلى 2 مليون جنيه.
أما بشأن تكرار تجربة «الأهلى- صبور» أو الدخول فى شراكة مع إحدى الشركات العقارية، فالبنك الأهلى ليس فى حاجة حاليًا لتكرار هذا النموذج، خاصة أننا نمول جميع الشركات العاملة فى المجال العقارى ولا توجد أى بوادر للدخول فى شراكات جديدة.
** بالعودة إلى القطاع المصرفى مرة أخرى، هل البنوك بعد جائحة «كوفيد 19» قادرة على مواجهة اختبارات التحمل؟، وما هى مرتكزات القوة التى اعتمدت عليها لامتصاص الصدمات التى تعرضت لها فى الآونة الأخيرة؟
* فى مصر صمد القطاع المصرفى أمام أزمات وصدمات منذ 2005 التى شهدت تفجيرات طابا، ثم الأزمة المالية العالمية فى 2008 مرورًا بأزمة الرهن العقارى فى2010 ووصولًا لثورتى 2011 و2013 ثم أزمة حادثة الطائرة الروسية فى 2015، وكلها أحداث صقلت خبرات القائمين على إدارة القطاع المصرفى ومنحتهم قدرة كبيرة على مواجهة الأزمات والتعامل معها بحرفية بالغة.
أما مرتكزات القوة التى ساعدت على امتصاص الصدمات، فيرجع الفضل فيها إلى الثورة المصرفية التى بدأت فى 2004 مع الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى الأسبق، ثم ما شهدته بنوك القطاع العام من عمليات تطوير وتحديث فى 2008 جعلتنا الآن نمتلك قطاعًا مصرفيًا صلبًا بإدارات قوية لها رؤية وقادرة على مواجهة التحديات وعلى تمويل العديد من الشركات الكبرى، وكذا على المساهمة المجتمعية الفعالة مع الحفاظ على قدرته على تحقيق أرباح قوية، هذا إلى جانب الإدارة الحصيفة التى يقوم بها محافظ البنك المركزى فى التوقيت الحالى والسياسات والإجراءات الاستباقية التى حمت الاقتصاد ودعمت نموه.
** وهل ستدفع الأزمة العالمية التى يعانى منها الاقتصاد العالمى لخروج بنوك عربية تحديدًا من السوق المصرى؟، وما موقف البنك الأهلى من الاستحواذ على مثل هذه البنوك؟
* ليس خروجًا بقدر كونه انضمامًا لبنوك أخرى تريد الاستحواذ على بنوك قائمة فى مصر تجذب نتائجها بنوك عالمية لاقتحام السوق المصرى بعد تحقيقها أرباحًا ومعدلات نمو جيدة، فمثلًا تعانى بعض البنوك فى لبنان من أزمات قد تدفعها لبيع بعض فروعها لتحقيق مكاسب عالية لكى تتمكن من الوقوف مرة أخرى ومواجهة أزماتها، وهو ما قد يدفعها لبيع فروعها بمصر التى تضمن عائدًا جيدًا لها، مثلما حدث من قبل فى أحد البنوك الفرنسية التى حققت من وراء بيعها لفرعها فى مصر أرباحًا كبيرة من جراء تعاملها مع عملاء القطاع المصرفى المصرى.
أما مسألة استحواذ البنك الأهلى المصرى على بنوك يتم عرضها للبيع فى الفترة الحالية، فباعتقادى أن البنك لا يسعى لذلك ويكفيه أنه يستحوذ على نسبة 33% من الحصة السوقية فى مصر.
** إذن هل ستدفع هذه الجائحة العالمية لتغيير البنوك الصغيرة العاملة فى مصر لمخططاتها وأهدافها المستقبلية؟
* ستدفع أزمة كورونا بالتأكيد إلى تحول القطاع المصرفى للاعتماد بشكل أكبر على وسائل الدفع والخدمات الإلكترونية والتكنولوجيا الرقمية وعدم الاتصال المباشر من خلال الفروع، أما على مستوى الأرباح فباعتقادى أن القطاع المصرفى بما يضمه من بنوك صغيرة وكبيرة نجح فى تحقيق أرباح جيدة، ويكفى أن مصر من الدول القليلة التى حققت معدلات نمو بالإيجاب خلال الفترة الماضية؛ بسبب سياسات الإصلاح الاقتصادى الحقيقية والمدروسة وليس الوهمية التى أصرت الحكومة خلال السنوات الثلاثة الماضية على تطبيقها، وهو ما مكنها من إقامة مشاريع قومية تمثلت فى شبكات طرق ومصانع ومشروعات توليد الطاقة، وغيرها من المشروعات ذات التأثير الحيوى على المواطن، إضافة إلى التوسع فى مساحات الرقعة الزراعية لتأمين الغذاء، واتخاذ خطوات متنامية نحو التعليم الإلكترونى، وهو ما بدأ يؤتى ثماره خلال الأزمة الأخيرة.
** وهل سيشهد القطاع المصرفى توسعًا فى الاعتماد على شراء أذون خزانة خلال الفترة المقبلة؟
* تلجأ البنوك إلى أذون الخزانة فى حالة تراجع الطلب على الاقتراض، فالبنوك تهتم دائمًا بتوفير التمويلات التى قد يحتاجها عميلها فى المقام الأول، وما يتبقى من محفظتها تستفيد به بشراء أذون خزانة، وهنا أود أن أشير إلى أن سياسات الرئيس عبدالفتاح السيسى وتوجيهات طارق عامر محافظ البنك المركزى تعتمد على استبدال الواردات بالمزيد من التصنيع المحلى ودعم المصانع القائمة من خلال قروض وتمويلات مختلفة بما يضمن توسع الشركات رأسيًا وأفقيًا، والذى ينعكس بالإيجاب على معدلات الصادرات وكذا إتاحة المزيد من فرص العمل.
** الأزمة الحالية تعد فرصة للتوسع فى سياسات الشمول المالى، فما خطتكم لتحقيق هذا الهدف وتوجيه الدعم الأكثر للبنية التكنولوجية وقطاعات الـ «IT» والشبكات وغيرها؟
* خططنا التوسعية مستمرة رغم الأزمة وسنواصل العمل على زيادة شبكة فروعنا بمختلف ربوع الجمهورية، من خلال خطة تعتمد على افتتاح 50 فرعًا كل عام بهدف توسيع قاعدة الشمول المالى وتشجع المواطنين على التعامل مع القطاع المصرفى والحد من تعاملات «الكاش» ومشاكله وتأثيراته السلبية على الصحة والتى ظهرت بوضوح مع «covid 19» فى ظل ما ثبت من مخاطر نقله للعدوى، وهو ما يدفع إلى تحقيق مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، كما سنعمل على التوسع فى إصدار العملات البلاستيكية.
كذلك أصبح دعم الشبكات والبنية التكنولوجية أمرًا لا مفر منه بعد وصول عدد عملاء البنك الأهلى إلى 14 مليون عميل، مقارنة بـ 12.4 مليون عميل فى يونيو 2019 بمعدل زيادة 1.5 مليون عميل، وهو ما تبعه زيادة فى عدد عملاء الخدمات التكنولوجية والرقمية، حيث بلغ عدد عملاء الأهلى نت للأفراد 2.3 مليون عميل فى فبراير2020، بزيادة قدرها مليون عميل مقارنة بيونيو 2019، وبنحو58.5 ألف عميل شركات فى فبراير 2020، مقارنة بـ 13.5 ألف عميل فى يونيو 2019، وكذا 3 ملايين محفظة إلكترونية فى فبراير 2020 بزيادة قدرها 500 ألف محفظة جديدة منذ يونيو 2019، وهذا الدعم للبنية التكنولوجية ليس وليد اليوم وإنما تدعمه كافة استراتيجيات البنك؛ لأنه السبيل الأمثل لمواكبة التطور فى العمل المصرفى عالميًا والذى يناسب «بنك أهل مصر»
** الوصول بعدد العملاء إلى 14 مليون عميل إنجاز كبير استطعتم تحقيقه نتيجة رؤية مستقبلية واستراتيجية واضحة تضعونها دائمًا نصب أعينكم، فما خطتكم لإرضاء هذه القاعدة الكبيرة من العملاء؟
*بكل تأكيد إرضاء هذا العدد الضخم من العملاء أمر صعب للغاية خاصة فى ظل اختلاف أنماط العملاء واحتياجاتهم وتطلعاتهم وهو ما يتطلب مضاعفة العمل وتحسين الأدوات التكنولوجية التى نتعامل بها، لذا نعمل دائمًا على زيادة عدد الفروع وماكينات الـ«ATM» والـ«POS» وطرح منتجات وبدائل جديدة؛ للوصول لأكبر قدر ممكن من العملاء والقضاء على الزحام بالفروع ورفع كفاءة الخدمة المقدمة لتليق بأكبر قاعدة عملاء من أهل مصر.
وأود أن أشير إلى أن التوسع فى الخدمات والبدائل كما أشرت ينعكس على الأرقام والنتائج المتحققة، ففى مارس 2020، بلغ عدد ماكينات الـ ATM نحو 4428 ماكينة، بينما وصل عدد ماكينات POS إلى 22 ألف ماكينة، إضافة إلى 43 ألف ماكينة تم إتاحتها بالتعاون مع شركة فورى، وبلغ عدد البطاقات الائتمانية مليونًا و171 ألف بطاقة، و5.3 مليون بطاقة خصم مباشر، و4.8 مليون بطاقة مدفوعة مقدمًا، فضلًا عن نمو بطاقات ميزة التى وصل عددها إلى 1.7 مليون بطاقة، كما تشمل خطتنا التوسعية فى الخدمات المصرفية الإلكترونية زيادة عدد الفروع الإلكترونية من 10 إلى 25 فرعًا بنهاية العام الحالى 2020 وفقًا وخطة التوسع الموضوعة، حيث يمثل التوسع فى الخدمات التكنولوجية التى يقدمها البنك أكبر تحدٍ خلال الفترة المقبلة، ما يتطلب منا زيادة المخصصات المنفقة على البنية التكنولوجية ومزيدًا من التدريب للكوادر والعملاء المتخصصة فى هذا النوع من الخدمات التى يلحقها التطور بشكل يومى وهو إحدى استراتيجياتنا فى الاهتمام بالعنصر البشرى.
** أخيرًا.. وماذا يمثل قانون البنوك بالنسبة للقطاع عمومًا وبالنسبة للبنك الأهلى على وجه التحديد، وانعكاساته على العميل؟
* يمثل القانون الجديد مزيدًا من الحوكمة والفصل بين القيادات التنفيذية وغير التنفيذية مع تقوية الأخيرة وتقوية دور لجنة المخاطر ولجان المراجعة والتدقيق والاهتمام بالشركات غير المالية ومنع أساليب الاحتكار، كما سيساهم القانون فى التوسع بشكل أكبر فى الخدمات التكنولوجية والاعتماد على طرق التمويل الحديثة، وهو ما يصب فى صالح البنوك وعملائها على حد سواء.