أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى فى مذكرة بحثية حديثة تناولت فيها أداء قطاع البنوك المصرية، أن البنوك تتمتع بملاءة مالية قوية ومركز مالى يمكنها من تجاوز الأزمات، مشيرة إلى أنه وعلى الرغم من بعض الضغوط التى قد تتعرض لها البنوك، ففيما يتعلق بمعدلات كفاية رأس المال وجودة الأصول، عقب قرار البنك المركزى بتحرير أسعار الصرف، إلا أن الدعم المتوقع أن تتلقاه البنوك وخاصة الحكومية من المركزى المصرى سيجعل من تأثيرات تلك الضغوط محدودا على المركز المالى لها.
ولفت إلى أنه وبعد تحرير أسعار الصرف وذلك فى إطار مساعى البنك المركزى لدعم القطاع بعد الانخفاض الكبير فى قيمة الجنيه قام بمنح البنوك تمويلا دولاريا بنحو 400 إلى 500 مليون دولار لتغطية الحسابات المفتوحة.
ولفت التقرير إلى أن البنك المركزى سعى فى إطار محاولاته لتحسن جودة القروض ومساعدة الشركات الأصغر حجما ودعم القطاع المصرفى، إلى الاتفاق مع البنوك على إعادة هيكلة ديون الشركات التى لا تتجاوز 5 مليارات دولار، حيث ستقوم تلك الشركات بتسديد القروض بالعملة المحلية بفائدة 12٪.
وأشار التقرير إلى أن البنوك المصرية رغم صعوبة قرار التعويم، لم تكن قادرة فى الماضى على توفير وتلبية طلبات المقترضين الدولارية،إلا أن الوضع قد تبدل الآن، حيث زادت الحصيلة الدولارية لدى القطاع المصرفى، والتى من المتوقع أن تشهد مزيدا من التعافى فى ظل استمرار تدفقات الاستثمار الأجنبية المباشرة للبلاد، والتى من المتوقع أن تتجاوز 15 مليار دولار منذ قرار التعويم.
وقالت الوكالة إن بعض البنوك المصرية لا تزال معرضة للخطر نتيجة ضعف قيمة الجنيه، وسعيها لتلبية الحد الأدنى من متطلبات رأس المال التنظيمى، عبر الحصول على قروض بالعملات الأجنبية، وأضافت أن تخفيض قيمة العملة أضعف جودة الأصول للبنوك، فى ظل الاتجاه لإعادة هيكلة ديون القروض بالعملات الأجنبية للشركات الصغيرة، متوقعاً تدهوراً طفيفاً فى جودة الأصول.
ولفت تقرير فيتش إلى أنه فى حالة تراجع رأسمال بنوك القطاع العام، ستتدخل الحكومة المصرية لتقديم الدعم، كما فعلت قبل ذلك عندما قدم البنك المركزى قروضاً دون فائدة مصنفة كديون ثانوية كقروض مساندة للبنوك الحكومية الثلاثة،وقدم البنك المركزى المصرى، أغسطس العام الماضى، قروضاً مساندة بقيمة 31 مليار جنيه لبنوك الأهلى المصرى ومصر والقاهرة، بهدف دعم القاعدة الرأسمالية لكل بنك.
ولفت التقرير إلى أن البنك المركزى سمح للبنوك المحلية بتلقى قروض وودائع مساندة من المؤسسات وبنوك التنمية الدولية مع احتسابها ضمن معدلات كفاية رأس المال، ولفت إلى أن المركزى المصرى أوضح انه نظرا لإبداء بعض المؤسسات الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف الرغبة فى منح قروض مساندة للبنوك المصرية بما يسمح لتلك المؤسسات بالدخول إلى السوق المحلية وضخ موارد بالعملة الأجنبية».
وقرر مجلس إدارة المركزى المصرى تعديل الفقرة 2/3/2/6 من التعليمات الصادرة بتاريخ 24 ديسمبر 2012 لتصبح فى حالة الحصول على قرض (وديعة) مساندة سواء كان مقدم من المساهمين أو من المركزى أو من إحدى المؤسسات الدولية أو بنوك التنمية متعددة الأطراف، يتعين أو يتوافر به شروط الإدراج بالشريحة الثانية بالقيمة الحالية، مع التأكيد أن يكون القرض (الوديعة) المساند غير مشروط أى ليس مخصصات لنشاط معين أو لمقابلة أصول بذاتها، على أن تسرى على القروض أو الودائع المساندة الممنوحة من تلك الجهات ذات المعالجة المتبعة مع القروض والودائع المقدمة من البنك المركزى المصرى.
وحصلت البنوك العامة المملوكة للدولة على قرض مساند من البنك المركزى أغسطس الماضى بقيمة 31 مليار جنيه لتدعيم قواعدها الرأسمالية، واستثمرت البنوك القرض اليوم فى سندات خزانة لأجل 3 سنوات باعتها وزارة المالية فى مزاد استثنائى اقتصر على البنوك المملوكة للحكومة، وحصل بنك مصر على أكثر من نصف القرض منفردا، وبلغ نصيبه 16 مليار جنيه، فيما حصل البنك الأهلى على 13 مليار جنيه وبنك القاهرة على 2 مليار جنيه.
وكان البنك المركزى قد أتاح القرض لأجل زمنى يصل إلى 10 سنوات بدون فوائد، وهدفه تحسين معدلات كفاية رأس المال بما يتوافق مع مقررات بازل 3 التى تفرض حسابها مقارنة بإجمالى الأصول المدرجة فى الميزانيات المالية المجمعة وليست المستقلة.
وأوضح تقرير فيتش إن قدرة الحكومة على تقديم الدعم للبنوك قد تواجه قيوداً بسبب ضعف وضعها الائتمانى ومرونتها المالية،ويتوقع التقرير، أن تقتطع بنوك القطاع الخاص جزءاً من أرباح الأسهم لتعزيز رأسمالها إذا لزم الأمر،وأرجعت الوكالة توقعات ضعف رأسمال البنوك إلى تضخم الموجودات المرجحة بأوزان المخاطر؛ بسبب انخفاض قيمة الجنيه، بعد نمو قروض بعض البنوك بما يزيد على 50٪ العام الماضى، فى حين أن أغلب رؤوس أموالها مقومة بالعملة المحلية.
وقالت فيتش إن سعى البنوك للحصول على قروض دولارية، قد يساعدها على تلبية الحد الأدنى من متطلبات كفاية رأس المال الرقابى الذى يصل إلى 11.25٪، مشيرة إلى أن تحرير أسعار الصرف فى نوفمبر الماضى ما أدى لزيادة سعر صرف الدولار فى السوق المحلى بأكثر من الضعف.
وأضافت فيتش أن نسب رأس المال ستظل تحت ضغط؛ لأن الدين الدولارى لا يتم إدراجه كقيمة رأسمالية بهذه النسب، ولا يزال رأس المال عُرضة لتراجع الجنيه؛ لأن نسبة القروض بالعملة الأجنبية تصل إلى 44٪ من إجمالى قروض القطاع نهاية نوفمبر 2016.
وقالت فيتش إن البنوك المصرية تتمتع بجودة أصول معقولة قبل أن يتم تحرير سعر صرف الجنيه، وبلغت نسبة القروض غير المنتظمة نحو 5.9٪ وتتم تغطيتها بنسبة 99٪ من الاحتياطيات حتى نهاية سبتمبر 2016،وقالت إنه برغم توقعها ضعف جودة أصول البنوك، فإنَّ معظم الشركات المقترضة بالعملة الأجنبية لها مصادر دخل بالعملة الأجنبية، ويمثل ذلك تحوطاً طبيعياً.
وأشارت فيتش إلى أن قروض تمويل التجارة المرتبطة بالاستيراد باستثناء بعض المنتجات الاستراتيجية مدعومة بغطاء نقدى بنسبة 100٪ بنفس العملة،وأضافت أن البنوك لم يكن لديها سيولة دولارية كافية لتلبية طلبات المقترضين من الشركات، وسيؤدى تحرير سعر صرف الجنيه لزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويساعد على تخفيف النقص فى تمويل البنوك.
ولفت فيتش إلى أنه ومع ذلك فإن نسبة القروض والودائع بالعملات الأجنبية فى قطاع البنوك ضعيفة؛ نظراً إلى البيئة التشغيلية،وقالت إنه على العكس، فإن البنوك المحلية لديها فائض سيولة بالعملة المحلية، تستثمرها فى مزادات السندات الحكومية، وتمثل الديون السيادية المصرية بين 30٪ و50٪ من الميزانيات العمومية للبنوك، وهى المخاطر الائتمانية الرئيسية لديها.
وثبتت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتمانى، تصنيف مصر الائتمانى عند مستوى B على أساس العملات الأجنبية والمحلية على المدى البعيد، مع منح الاقتصاد المصرى نظرة مستقبلية مستقرة،وأوضحت أن انخفاض الدين الخارجى والتقدم الذى أحرزته مصر فى تنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية ساهمت فى الإبقاء على التصنيف الائتمانى لمصر عند المستوى التصنيفى الحالى،وذلك رغم وجود عجز كبير فى الموازنة وعدم تكافؤ النسبة بين الديون وإجمالى الناتج المحلى.
وقالت وكالة فيتش العالمية فى تقرير سابق أن نظام الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى يحظى بقبول واسع، والاستقرار السياسى تحقق بشكل كبير خلال حكمه رغم وقوع بعض الأحداث فى سيناء على نحو ما زال يمثل عبئا على الاقتصاد المصرى،وأوضحت المؤسسة الائتمانية أن مصر أنهت بشكل رسمى عملية الانتقال السياسى بعد إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، متوقعة استمرار الحكومة فى سياسات الإصلاح الاقتصادى خلال الفترة المقبلة.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى أن ترتفع قيمة الجنيه المصرى بدءاً من العام المالى 2018 ليصل سعر صرف الدولار إلى 14.5 جنيه، فى مقابل نحو 16 جنيهاً ترجحه بنهاية يونيو 2017،وترجح الوكالة أن تنخفض نسبة الدين إلى 93٪ من الناتج المحلى الإجمالى العام المالى المقبل 2018، مع تراجع عجز الموازنة و ارتفاع قيمة العملة المحلية ليسجل الدولار 14.5 جنيه.
وكانت وكالة فيتش أعلنت فى وقت سابق منتصف اكتوبر الماضى عن تثبيت تصنيفها الائتمانى لبنوك الأهلى والتجارى الدولى وكريدى أجريكول فى مصر،وذكرت وكالة التصنيف الائتمانى العالمية، عبر تقريرها أنها قامت بالمحافظة على تصنيفها لبنكى الأهلى والتجارى الدولى عند «B»، مع نظرة مستقرة.
وأشارت وكالة فيتش إلى أنها ثبتت تصنيفها الائتمانى طويل وقصير الأجل لبنك كريدى أجريكول مصر عند «+AA» و«F1+» على الترتيب، ولفتت حينها إلى أن حصة البنك الأهلى المصرى تبلغ 24٪ من الأصول المصرفية فى مصر، وحوالى 26٪ من إجمالى الودائع بنهاية يونيو 2015، بينما تبلغ حصة البنك التجارى الدولى - مصر 8٪ من الإقراض والودائع بنهاية عام 2015.
ولفتت وكالة فيتش إلى أن التصنيف يعكس رأيها بشأن استمرار العلاقة القوية بين المخاطر المصرفية والسيادية، بفعل تعرض البنوك الثلاثة للأصول المحلية، ومنها نسبة كبيرة من الديون الحكومية المصرية،وذكرت أن نمو الودائع القوى، والطلب المحدود على الائتمان، وارتفاع العائد على الديون الحكومية أدى إلى زيادة حيازة المصارف من السندات السيادية المصرية.