حالة من الترقب تسود سوق مواد البناء فى الوقت الحالى بسبب الانخفاضات المفاجئة والمتواصلة فى أسعار الحديد والأسمنت والتى تجاوزت 10٪ خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير 2017 مقارنة بالأسبوع الأخير من يناير، حيث خفضت شركات الحديد أسعارها ثلاث مرات ليصل أقل سعر لطن الحديد 9200 جنيه بنهاية الأسبوع فيما وصل أقل سعر للأسمنت 700 جنيه للطن.
وأكد منتجون محليون أن مصانع حديد التسليح تواجه أزمة صعبة أجبرتها على بيع منتجاتها بأسعار منخفضة فى ظل استقرار المادة الخام (البيلت) عالمياً عند معدلاتها المرتفعة منذ فترة ليست بالقليلة، وذلك رغم زيادة الأعباء على المصانع المصرية والمتمثلة فى ضريبة القيمة المضافة ومصروفات شحن «البيليت» والمصروفات الجمركية، فضلاً عن ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز التى شهدت تضاعفا خلال الفترة الأخيرة عقب تغير سعر صرف الدولار وأضافوا إن المصانع تتكبد خسائر كبيرة جداً خلال تلك المرحلة بسبب ارتفاع نسب الحديد المستورد من الخارج وتحديداً من تركيا داخل السوق المحلية بأسعار غير تنافسية، وهى الأسباب التى دفعت المنتجين المحليين لخفض الأسعار بمعدل 3 مرات خلال شهر واحد لمواجهة زيادة معدلات الركود فى السوق المحلى.
من جانبهم أكد التجار أن أسعار مواد البناء شهدت انخفاضا ملحوظا فى الأسعار خلال الأسبوع الأول من شهر فبراير الجارى، مقارنة بمتوسط أسعار الأسبوع السابق عليه، مشيرين إلى أن السوق كان قد عانى خلال الفترة الماضية ولأكثر من شهرين عدم استقرار الأسعار التى شهدت تذبذبات كبيرة خاصة فى الاتجاة الصعودى بسبب ارتفاع أسعار العملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه المصرى لاسيما أن أسعار الحديد والأسمنت مرتبطة ارتباطاً كلياً بأسعار الدولار الأمريكى، وذلك بسبب استيراد بعض الخامات من الخارج والتى تستخدم فى الحديد والصلب فى مصر.
وكانت مجموعة «حديد عز» قد أعلنت عن تخفيض أسعار بيع الحديد الأسبوع الماضى للمرة الثانية خلال الأسبوع الماضى لتسجل 9200 جنيه، كما قامت جميع شركات الحديد بخفض أسعارها بفارق يتراوح ما بين 300 و600 جنيه، وأرجع الخبراء السبب وراء ذلك إلى عاملين أساسيين، أولهما انخفاض أسعار المواد الخام فى الأسواق العالمية، وثانيهما تثبيت سعر الدولار الجمركى على سعر 18.50 جنيه للدولار.
فى البداية قال أحمد الزينى.. رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، إن سوق مواد البناء يشهد حالة من الارتباك إلى جانب شبه توقف فى المبيعات بسبب تخفيض الأسعار، وترقب المستهلكين مزيداً من الخفض خلال الشهر الجارى، مشيرا إلى أن الوكلاء تكبدوا خسائر نتيجة التخفيضات التى أقرها المنتجون.
من جانبه أكد حسن المراكبى.. رئيس مجلس إدارة شركة المركبى، أن شركات الحديد اتجهت إلى تخفيض أسعارها وذلك لمواجهة ارتفاع معدلات الركود بالسوق المحلية وزيادة الكميات المطروحة داخل السوق المصرية من الحديد المستورد، لافتا إلى أن الشركات لا تتحمل فروق الأسعار فى حالة رفع أو خفض الأسعار خلال الشهر، منوها إلى أن تذبذب أسعار الحديد لا ينعكس بالسلب على التجار أو الوكلاء فقط بل يمتد أيضاً إلى المنتجين.
وأوضح المراكبى أن الشركة خلال الشهر الماضى لم تبع أكثر من 30٪ من إنتاجها، مع العلم أن حجم إنتاجها شهريا يصل إلى 22 ألف طن وذلك بسبب تذبذب الأسعار، موضحا أن تحديد الأسعار يرتبط بأكثر من عامل من بينها سعر الدولار والخامات بجانب العرض والطلب.
فيما قال المهندس عبدالعزيز قاسم.. نائب رئيس الشعبة العامة لمواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إن هذه المرة الثانية التى تخفض فيها مجموعة حديد عز أسعارها بعد المرة الأولى، موضحا أن سعر طن الحديد للمواطن يبلغ حاليا 9200 جنيه بدلا من 9900 جنيه للطن.
وأضاف قاسم إن التغيرات السريعة التى تشهدها أسعار حديد التسليح صعوداً وهبوطاً تربك الحسابات داخل السوق المحلية، موضحين أن التخفيض المتتالى فى الأسعار يكبد الموزعين خسائر كبيرة فى ظل ارتفاع معدلات الركود، وتزايد الكميات المخزنة بالمخازن لدى التجار والموزعين، التى تم شراؤها وفقاً لأسعار تجاوزت الـ10 آلاف جنيه للطن الواحد.
أما محمد سيد حنفى.. عضو مجلس إدارة غرفة الصناعة المعدنية باتحاد الصناعات، فقال إن المصانع اضطرت لتخفيض أسعار الحديد حتى تتمكن من منافسة المنتجات المستوردة، مشيرا إلى أن سعر طن الحديد المستورد كان يتراوح بين 9300 و9400 جنيه للطن مقابل 10500 جنيه لطن الحديد المحلى قبل تخفيض الأسعار، مشيرا إلى أن شركات الحديد المحلية تنتظر موافقة وزارة الصناعة والتجارة على زيادة الرسوم الحمائية على واردات الحديد إلى ما يتراوح بين 20 و25٪، لمعاودة رفع أسعار الحديد المحلى مرة أخرى.
بدوره أوضح المهندس جمال عبدالرحمن.. رئيس شركة ايه ار بى لحديد التسليح، وأحد وكلاء «حديد عز»، أن قرارات خفض الأسعار لأقل من تكلفة الإنتاج تأتى لمواجهة انخفاض أسعار الحديد المستورد الذى انخفض خلال الفترة الماضية ليتراوح بين 9300 و9400 جنيه للطن، لافتا إلى أن أسعار حديد عز تراجعت قبل نحو أسبوعين من مستوى 10 آلاف و300 جنيه تسليم أرض المصنع، إلى9720 جنيهًا أسعار البيع للتجار خلال الأسبوع قبل الماضى ثم انخفضت الأسبوع الماضى إلى 9200 جنيه.
وقال المهندس محمود نعيم.. صاحب شركة نعيم ستيل، إن جميع شركات الحديد قامت بخفض أسعارها إلى مستويات 9200 جنيه للطن بعدما قامت شركة حديد عز بإعادة التسعير وتخفيض أسعارها مرتين خلال الأسبوع الماضى.
وأضاف خالد حسان.. صاحب شركة رويال لتجارة الحديد والصلب، إن الأسعار بداية من 29 يناير الماضى وصلت إلى 9300 جنيه للتجار، مقابل 9860 الأسبوع قبل الماضى، مشيرا إلى أن الأسعار انخفضت خلال الأسبوع الماضى مرتين، حيث انخفضت فى بداية الأسبوع بمقدار 475 جنيها ليصل سعر الطن إلى 9520 جنيها، ثم انخفضت مرة ثانية لتصل إلى مستويات 9200 جنيه.
وأوضح حسان أن انخفاض أسعار الحديد يرجع إلى عدة أسباب منها تثبيت سعر الدولار الجمركى، إضافة إلى تراجع أسعار خامات الحديد عالمياً.
من جهته قال المهندس حازم متولى.. المدير التجارى لشركة النور للحديد والصلب، إن الشركة قررت تخفيض أسعارها لمواجهة حالة الركود حتى لا يكون لديها مخزون كبير، خاصة أن التخزين يؤثر على جودة الحديد المعروض للبيع، وبالتالى فإن المنافسة فى السوق الحر تتطلب خفض الأسعار.
وأوضح أحمد معتز.. صاحب شركة حديد المعتز، أن حركة المبيعات مرتبطة بالوصول إلى أسعار معقولة بعد أن زادت الأسعار من 4000 جنيه للطن قبل نوفمبر 2016، وتجاوزت 10 آلاف جنيه للطن بعد تحرير سعر الصرف، وأشار إلى أن ركود المبيعات وتذبذب الأسعار، تسببا فى خفض الوكلاء لحصصهم الشهرية ما أثر على الشركة بالسلب، فخفض الأسعار من قبل المصانع يُحمل التجار خسائر قد لا تتحملها.
وأكد المهندس طارق القاضى.. صاحب شركة المتحدة لمواد البناء الحديثة، أن هذا الخفض عكس ديناميكية التسعير التى تتبعها شركة حديد عز بتحريك الأسعار سواء صعودا أو هبوطا بناءً على تغيرات التكلفة التى تتحكم فيها أسعار الخامات العالمية وسعر صرف الدولار، لافتا إلى أن هذا التراجع فى أسعار الحديد يعود إلى انخفاض أسعار الحديد المستورد من ناحية وأيضا تثبيت الدولار الجمركى من ناحية أخرى.
كما شهدت أسعار بيع الأسمنت تراجعًا أيضًا مع بداية شهر فبراير الجارى بنسبة تجاوزت 10٪، حيث أشار أسامة الديب.. صاحب مستودع حديد وأسمنت، إلى أن سعر بيع الأسمنت انخفض بواقع 70 جنيهًا لطن الأسمنت، ليسجل 730 جنيهًا للطن.
وأضاف «الديب» إنه من المتوقع استمرار انخفاض أسعار مواد البناء خلال شهر فبراير، خاصة أسعار الحديد، فى إطار محاولة القضاء على الاستيراد، موضحا أن السوق يشهد شبه توقف فى المبيعات بسبب تخفيض الأسعار، وترقب المستهلكين مزيداً من الخفض الشهر المقبل
وحول حركة البيع والشراء فى الأسبوع الأول من فبراير أوضح محمد المهندس.. صاحب شركة المهندس ستيل، أن هناك حالة من الرواج بسبب تأثير هذه الانخفاضات على العملاء الجدد على مستوى كبار التجار من تسعيرة المصنع إلى كبار التجار ولكن لا يكون هذا الانخفاض كبيرا عند الوصول إلى تجار التجزئة ويفسر هذا التعامل بمزيد من الخسارة على تجار التجزئة إذا تم البيع وفق الانخفاض بهذه السرعة، منوها إلى أن كميات الحديد التى تم شراؤها بالأسعار المرتفعة لا يتم بيعها على أسعار الجديد المنخفض وإنما يتم بيعها بالتجزئة ليتم تعويض الخسارة.
وتوقع المهندس أمجد مينا.. صاحب شركة المتحدة لمواد البناء، أن تشهد حركة البيع حالة من الرواج فى المبيعات بعد تخفيض الأسعار ،لافتا إلى أن سعر الحديد الأوكرانى المنخفض جعل الطلب عليه أكثر، وهو ما جعل الشركات المحلية مضطرة إلى تخفيض أسعار الحديد حتى تتمكن من منافسة المنتجات المستوردة.