أكد
خبراء اقتصاديون مصريون أن مشروع تنمية محور قناة السويس سوف يعزز النمو الاقتصادي
والاستثمارات والتنمية المستدامة في مصر خلال الأعوام المقبلة، مشددين على أهمية
الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مصر وخارجها لدعم الاستثمارات في ذلك
المشروع. مشددين على أنه ينبغي تحديد الميزات التنافسية للقطاعات الصناعية
والخدمية التي يمكن إقامتها في منطقة المحور، ومؤكدين ضرورة الاهتمام بالجانب الترويجي
للمشروع.
وخلال المؤتمر الوطني لعلماء وخبراء
مصر بالخارج، الذي بدأ أعماله أمس بالغردقة تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي،
قال الدكتور أحمد درويش، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية المنطقة الاقتصادية
لقناة السويس، إنه سيتم التواصل بين الهيئة وعلماء وخبراء مصر بالخارج بشأن أفضل
السبل لإدارة مشروع تنمية قناة السويس، مشيرا إلى أن الخطة الترويجية للمنطقة تتم
عن طريق التعريف بالمشروع وإجراء لقاءات مع رجال الأعمال والغرف التجارية في كثير
من الدول من بينها ألمانيا وسنغافورة.
وأضاف أنه تم إجراء 71 لقاء ترويجيا
مع هيئات ومستثمرين أجانب للحديث عن المشروع، لافتا إلى أن المرحلة الثانية من خطة
الترويج للمنطقة تركز على التوجه التخصصي، وعمل دراسة حول التنافسية الخاصة بالصناعات
بمنطقة محور قناة السويس، وإجراء دراسات جدوى للمشروعات التي تلائم المنطقة
الاقتصادية بمحور قناة السويس، وشدد على أهمية تجهيز صناعات لاستيعاب أموال
الصناديق الاستثمارية بالخارج، لافتا إلى أنه سيزور ألمانيا في يناير (كانون
الثاني) المقبل للترويج لمشروع تنمية قناة السويس.
وقال إنه تم إجراء دراسة متكاملة حول
تنافسية مشروع تنمية منطقة قناة السويس ومقارنتها بالمناطق المماثلة في العالم،
لتحديد القيمة المضافة والميزات التنافسية لذلك المشروع الذي يعتبر الحلم الذي
يسعى المصريون إلى تنفيذه، لافتا إلى أن الهيئة حريصة على تعزيز التعاون مع
المؤسسات الأخرى مثل موانئ سنغافورة للاستفادة من خبراتها في إدارة الموانئ
وتشغيلها.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي
الدكتور ماهر أبو جندية، إنه ينبغى تحديد أولوية الصناعات التي سيشملها مشروع
تنمية محور قناة السويس، مشيرا إلى أن تشييد مشروع قناة السويس الجديدة خلال عام
عكس تصميم الحكومة المصرية على توفير البيئة المواتية للاستثمار، وتوفير الإرادة
السياسية للمضي قدما في تنفيذ مشروع تنمية محور قناة السويس. وأضاف أن مشروع
التنمية يشكل قيمة مضافة للاستثمار في مصر، منوها إلى أن المشروع يمكن أن يسهم في
زيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية في مصر.
وأشار أبو جندية إلى أن فاعلية مشروع تنمية
محور قناة السويس سوف تتوقف على الالتزام الكامل من جانب الحكومة والأطراف المعنية
بتعزيز بيئة الاستثمار، ومن بينها القطاع الخاص والاستغلال الأمثل للموارد
المتاحة، مشددا على أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في الترويج لمشروع تنمية محور
قناة السويس، سواء داخل مصر أو خارجها، ودعا إلى الاستفادة من التجارب الناجحة في
ترويج الاستثمارات من أجل زيادة حجم التدفقات الاستثمارية في منطقة محور قناة
السويس، لافتا إلى أن استراتيجية الاستثمار في منطقة محور قناة السويس يجب أن تركز
على تنظيم اجتماعات مشتركة تضم كل الأطراف المعنية بالمشروع، ودراسة الأسواق جيدا وتوفير
جميع المعلومات بشفافية كاملة حول فرص الاستثمار المتاح، وتعزيز الثقة في بيئة
الاستثمار المصرية، والتواصل مع المستثمرين الأجانب والمصريين المقيمين بالخارج.
وقال الخبير الاقتصادي إن مشروع تنمية
محور قناة السويس يستهدف تنمية محافظات القناة وزيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية
وتعزيز معدلات النمو الاقتصادي والتوظيف في مصر.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي محمد
نبيل أن مشروع تنمية محور قناة السويس يعد من المشروعات الكبرى التي أطلقتها
الحكومة المصرية لدعم الاستثمارات وتعزيز دور مصر في التجارة العالمية. واستعرض
نبيل نموذجا للممارسات الإدارية الحديثة للمشروعات الكبرى في العالم، ومن بينها
إطار المحاسبة الإدارية الذي يسهم في تعزيز أنشطة الاستثمارات للشركات، مشددا على
ضرورة مواصلة الحوار بين الحكومة المصرية والمستثمرين المحليين والأجانب من خلال المؤتمرات
المستقبلية وبرامج نقل المعلومات وتحديث الأساليب الإدارية لتعزيز الثقة في بيئة
الاستثمار وعرض الفرص الاستثمارية المتاحة في منطقة محور قناة السويس.
وفى السياق ذاته، قال الدكتور مصطفى
عبد المقصود، عميد معهد ديناميكيات السفن بجامعة هامبورغ للتكنولوجيا، إن تحويل
منطقة محور قناة السويس إلى منطقة لوجيستية عالمية للنقل البحري ينطوي على أهمية كبيرة
للاقتصاد المصري، لافتا إلى أن منطقة قناة السويس يمكن أن تسهم بفاعلية في تعزيز
تجارة الحاويات بين جنوب شرقي آسيا وشمال وغرب أوروبا.
وعرض الدكتور عبد المقصود دراسة
تستهدف نقل مليون حاوية من جنوب شرقي آسيا إلى منطقة شمال وغرب أوروبا عبر منطقة
محور قناة السويس من خلال التركيز على التكلفة في الموانئ الآسيوية وقناة السويس،
وتحليل بنية الخدمات المقدمة. وركز السيناريو الذي تناولته الدراسة على قيام الحاويات القادمة من
منطقة جنوب شرقي آسيا إلى شمال وغرب أوروبا بتفريغ حمولتها في ميناء العين السخنة وشرق
بورسعيد.
وأصاف أن تكلفة النقل تعد عنصرا حاسما
في نجاح مشروعات النقل على المستوى العالمي، مشيرا إلى أن ازدواجية المرور بقناة
السويس وتشييد موانئ العين السخنة وشرق بورسعيد سوف تسهم في زيادة عائدات مصر من التجارة
والنقل، وإيجاد صناعات موازية كالتخزين والخدمات اللوجيستية وإصلاح السفن وغيرها.
ومن جانبه، قال الدكتور هاني سويلم،
خبير الموارد المائية والتنمية المستدامة في ألمانيا، إن استراتيجية التعليم
والبحث العلمي يجب أن تستهدف تحقيق التنمية المستدامة في مصر، لافتا إلى أن التحدي
الحقيقي في مصر يتمثل في كيفية إنتاج الغذاء بكميات أقل من المياه والطاقة. وأشار
إلى أن الزراعة يجب أن تقترن بالتصنيع الزراعي والتصدير للخارج، منوها إلى أن
الاستثمار في قطاع الزارعة بمصر يعد أكثر فاعلية من الاستثمار في ذلك القطاع بكثير
من الدول الأفريقية، ومن بينها إثيوبيا.
ودعا سويلم إلى مواجهة العقبات التي
تحد من تعزيز دور التعليم والبحث العلمي في خدمة التنمية المستدامة بمصر، مقترحا
إنشاء ما يسمى «المدارس الأهلية» التي يمولها ويشرف عليها الأهالي، إلى جانب التعليم الحكومي والخاص
لاحتواء مشكلات التعليم الأساسي في مصر، وفي مقدمتها تكديس الفصول والتسرب من التعليم.