"الإدارة العليا" تجازي ممرضا قام بتصوير المرضى ونشر الفيديو على اليوتيوب


السبت 13 يونية 2020 | 02:00 صباحاً

قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، بمجازاة ممرض بمستشفى الصحة النفسية ببنها، بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين لقيامه بتصوير المرضى النفسيين بكاميرا الهاتف المحمول خاصته أثناء النوبتجية، لواقعة ضرب ممرضين لبعض المرضى بقسم 4 رجال بمستشفى الصحة النفسية ببنها بمحافظة القليوبية، مما ترتب عليه إصابة المرضى ببعض الكدمات بالوجه، وإذاعة الفيديو عبر اليوتيوب وفيسبوك وقيامه بمساومة زملائه الممرضين بالمستشفى للتوقيع علي إيصال أمانة على بياض مقابل التستر على الواقعة.

صدر الحكم برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطا الله وشعبان عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة

أكدت المحكمة أن للمريض النفسي حقوقا أهمها عدم إفشاء معلومات ملفه الطبي، ووضعت المحكمة عدة مبادئ لحماية الصحة النفسية مؤكدة على أن العلاج النفسي هدفه علاج المريض وإعادته للمجتمع ليعيش حياة منتجة، وليس إقصاءه وعزله في المنشاَت النفسية لمدد طويلة.

كما أكدت على أنه يجب على القائمين بالمصحات النفسية مراعاة وثيقة الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية الصادرة عام ١٩٩١ وأن الخروج عليها مخالفة مهنية وظيفية، وأن النموذج العلاجي للاضطرابات النفسية يجب أن يتحول من العزل في المصحات النفسية ومؤسسات الإيواء المغلقة إلى الرعاية المفتوحة وإعادة الاندماج في المجتمع، وأن للمريض النفسى حقوقا متعددة ولمن يخالفها غرامة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه، وأن تصوير المرضى النفسيين بوسائل الإعلام إخلال جسيم بواجبات الوظيفة وهم الفئة الأولى بالرعاية والحماية.

وأوضحت حيثيات الحكم أن المشرع المصري اعتنى برعاية المريض النفسي ووفر له الرعاية الصحة النفسية الكاملة، كما قرر للمريض النفسى حقوقاً عدة على قمتها أن يتلقي العناية الواجبة في بيئة آمنة ونظيفة، والإحاطة علماً باسم ووظيفة كل أفراد الفريق العلاجي الذي يرعاه بالمنشأة، وتلقي المعلومات الكاملة عن التشخيص الذي أعطى لحالته وعن الخطة العلاجية المقترحة وعن احتمال تطورات حالته.

وكذلك حماية سرية المعلومات التي تتعلق به وبملفه الطبي وعدم إفشاء تلك المعلومات لغير الأغراض العلاجية إلا في حالات محددة كطلب المعلومات من جهة قضائية ووجود احتمال قوي بحدوث ضرر خطير أو إصابة وخيمة للمريض أو الآخرين وحالات الاعتداء على الأطفال أو الشك في وجود اعتداء وحماية خصوصياته ومتعلقاته الشخصية ومكان إقامته بالمنشأة وحمايته من الاستغلال الاقتصادي والجنسي ومن الإيذاء الجسدي والنفسي والمعاملة المهينة، لذا ناط المشرع بالمجلس القومي للصحة النفسية تكوين لجنة فنية من الأطباء المتخصصين يكون لها الحق في الاطلاع على سجلات المرضى.

كما رصد المشرع جزاءً جنائيا لمن يخالف أحد هذه الحقوق بأن رصد عقوبة الغرامة التى لا تزيد على عشرة آلاف جنيه.

وأشارت المحكمة إلى أنها تسجل في حكمها أن مصر من أولى الدول التى حرصت على توفير الرعاية والحماية في مجال الصحة النفسية منذ عام 1944 بالقانون رقم ١4١ لسنة ١٩44 بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية، قبل أن يضعها المجتمع الدولى في مقدمة اهتماماته، ثم حرص المشرع المصرى على إصدار القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي، وهو ما يتوافق مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان لكفالة أفضل رعاية من الصحة النفسية، وحماية حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية ومنع التمييز ضدهم.

وكما جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أن مفهوم العلاج النفسى تغير ليصبح هدفه الأساسي علاج المريض وإعادته للمجتمع ليعيش حياة منتجة، وليس إقصاءه وعزله في المنشاَت النفسية لمدد طويلة " وهكذا فإن محصلة الاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرضى النفسيين، وتزايد الأدلة على فشل نظام المصحات النفسية إلى جانب الاكتشافات العلمية والتقنيات الحديثة، أن حدث تحول جذرى في النموذج العلاجي للاضطرابات النفسية من العزل في المصحات النفسية ومؤسسات الإيواء المغلقة إلى الرعاية المفتوحة وإعادة الاندماج في المجتمع. وهو ما يتوجب على كافة العاملين بالمستشفيات النفسية مراعاة حقوق المرضى النفسيين وعدم اختراقها كما كشف عنه الطعن الماثل.

واختتمت المحكمة أن ما ذهبت إليه، تأكد في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام ١٩66 والذي ينص على " حق جميع الأفراد في أفضل مستوى يمكن بلوغه من الصحة الجسدية والنفسية " وتكللت تلك الجهود بإصدار وثيقة دولية بعنوان "مبادئ الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية وتحسين الرعاية الصحية النفسية عام ١٩٩١" الذى صدر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 119/46 بتاريخ أول ديسمبر 1991 وتعد مبادئ عام ١٩٩١ المكونة من خمس وعشرين مادة وثيقة بالغة الأهمية، تضمنت المعايير التفصيلية كحد أدنى فيما يتعلق بحق الأفراد ذوي الاضطرابات أو الإعاقات النفسية في الرعاية الصحية.