تعرضت أجزاء من العاصمة السودانية لقصف مدفعي وجوي يوم الأحد وسط غياب أي دلائل على استعداد أي من الفصيلين العسكريين المتحاربين للتراجع عن موقفه في صراع أودى بحياة المئات رغم محادثات وقف إطلاق النار في السعودية.
وتركز الصراع منذ بدء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل شهر في الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان، الواقعتين قبالتها على الجانب الآخر من فرعي النيل الأبيض والأزرق، بالإضافة إلى إقليم دارفور في غرب البلاد.
وذكر مراسل من رويترز وشهود أن قذائف مدفعية سقطت على مدينة بحري وتعرضت أم درمان لغارات جوية في وقت مبكر يوم الأحد.
وقالت سلمى ياسين، وهي مدرسة تعيش في أم درمان، "وقعت غارات جوية مكثفة قريبا منا في منطقة صالحة هزت أبواب البيت".
وقال شخص يعيش بالقرب من مطار الخرطوم المغلق منذ بدء الصراع إن قتالا اندلع على فترات متقطعة طوال اليوم.
وقالت الأمم المتحدة يوم الأحد إن الصراع تسبب في مقتل 676 شخصا على الأقل وإصابة 5576 آخرين، غير أن الحصيلة الحقيقية ربما تكون أعلى من ذلك بكثير في ظل ما يرد من تقارير كثيرة أشارت إلى فقدان العديد من الأشخاص وترك جثث دون دفن.
وأدى القتال إلى لجوء 200 ألف شخص إلى الدول المجاورة ونزوح 700 ألف آخرين داخل السودان، وهو ما تسبب في كارثة إنسانية ويهدد باستقطاب قوى خارجية إلى الصراع وزعزعة استقرار المنطقة.
ويعاني السكان الذين ظلوا في الخرطوم للبقاء على قيد الحياة مع انهيار الخدمات الصحية وانقطاع إمدادات الكهرباء والمياه واقتراب مخزونات الغذاء من النفاد.
وقال ناشط مسيحي إن مسلحين من قوات الدعم السريع هجموا الليلة الماضية على كنيسة في أم درمان من أجل الحصول على المال، مما أدى لإصابة خمسة أشخاص بينهم قس. والقى الجيش بالمسؤولية على قوات الدعم السريع في هذا الهجوم بينما قالت القوات شبه العسكرية في بيان إن مجموعة متطرفة تابعة للجيش تقف وراءه.
وأشارت الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان إلى وقوع حالات اغتصاب وتحرش جنسي في المناطق التي يسيطر عليها الجانبان.
ووردت تقارير عن اشتداد حدة القتال في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وقالت هيئة محامي دارفور في بيان إن عدد القتلى الذين سقطوا يومي الجمعة والسبت في الجنينة تجاوز 100 بينهم إمام المسجد القديم بالمدينة.
وألقت المنظمة الحقوقية المحلية مسؤولية أعمال القتل والنهب والحرق في الجنينة، حيث قتل المئات في أعمال عنف الشهر الماضي، على هجمات شنتها جماعات مسلحة تستقل دراجات نارية وعلى قوات الدعم السريع، التي نفت مسؤوليتها عن الاضطرابات.
* "ندفع ثمن الحرب"
تقاسم قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، السلطة بعد انقلاب 2021 الذي أعقب انتفاضة 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
لكنهما اختلفا حول شروط وتوقيت الانتقال المزمع إلى الحكم المدني ولم يظهر أي منهما استعداده لتقديم تنازلات، ويسيطر الجيش على القوات الجوية، فيما تتحصن قوات الدعم السريع داخل أحياء الخرطوم.
وانتهك الجانبان مرارا اتفاقيات للهدنة، لكن الولايات المتحدة والسعودية تتوسطان في محادثات تجرى في جدة بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقالت سلمى ياسين "لا نعرف إلى متى ستستمر هذه الحرب... البيت أصبح غير آمن وليس لدينا ما يكفي من المال للسفر خارج الخرطوم. لماذا ندفع ثمن حرب البرهان وحميدتي؟"
واتفق الجانبان يوم الخميس على إعلان مبادئ لحماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، لكن القتال لم يهدأ رغم مناقشات تجري اليوم الأحد من المقرر أن تتناول آليات المراقبة والتنفيذ الخاصة بهذا الإعلان.
كما أثر النهب والدمار الناجمان عن القتال على إمدادات المساعدات. وفي الأيام القليلة الماضية، احترق مصنع كان يوفر 60 بالمئة من الإمدادات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد في السودان.
وقال صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن النيران دمرت الإمدادات اللازمة لتغذية 14500 طفل فضلا عن معدات المصنع.