انضمت قطر الأحد خلال حفل رسمي في بيروت كشريكة إلى شركتي توتال إنيرجي الفرنسية وإيني الإيطالية في إطار ائتلاف للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية الحدودية مع إسرائيل.
ورغم أن لبنان يعوّل على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي الذي صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، إلا أنّ خبراء يرجحون أن تستغرق عملية الانتاج سنوات ويقولون إن العائدات المحتملة لن تغطي إلا جزءاً بسيطاً من الديون المتراكمة.
وبعد وساطة أميركية استمرت عامين، توصّل لبنان وإسرائيل في تشرين الأول/اكتوبر الفائت إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بينهما، أجمعا على وصفه بأنه "تاريخي"، ومن شأنه أن يتيح للدولتين التنقيب عن الغاز والنفط في منطقة متنازع عليها من مياههما الإقليمية.
وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية في بيان الأحد أعقب احتفالا أقيم في السرايا الحكومية في بيروت، عن "توقيع الملحقين التعديليين لإتفاقيّتي الاستكشاف والإنتاج في الرقعتين 4 و9، لمناسبة دخول شركة قطر للطاقة كشريكة مع شركة توتال إنيرجي الفرنسية وشركة إيني الإيطالية".
وجاءت الخطوة بعد أشهر من إعلان شركة نوفاتيك الروسية انسحابها من الائتلاف الذي تشكل عام 2018.
وبذلك، باتت شركة قطر للطاقة شريكاً في إئتلاف الشركات التي تملك الحقوق البترولية في الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، وتحظى بثلاثين في المئة مقابل 35 في المئة لصالح الشركة الفرنسية و35 في المئة لصالح الشركة الإيطالية.
وستشكل الرقعة الرقم 9 حيث حقل قانا الذي يقع جزءاً منه خارج المياه الإقليمية، منطقة رئيسية للتنقيب ستضطلع به الشركات الثلاث.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال حفل التوقيع إن "ائتلاف هذه الشركات المرموقة عالمياً يعزز ثقة الاستثمار في لبنان، بالرغم من الظروف الصعبة التي يمّر بها، ويضع لبنان في المستقبل على الخارطة النفطية في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط".
ووقّع كل من وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض ووزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريدة الكعبي والمدير التنفيذي لمجموعة توتال باتريك بويانيه والمدير التنفيذي لمجموعة إيني كلاوديو ديسكالزي، ملحقي الاتفاق، في حضور سفراء قطر وفرنسا وإيطاليا.
وأمل فياض أن يشكّل التوقيع "انطلاقة لمرحلة جديدة تساهم في تثبيت موقع لبنان على الخارطة البترولية في المنطقة ويعزّز دوره كوجهة استثمارية ويفتح نافذة أمل لمرحلة مقبلة".
ويشهد لبنان منذ خريف 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق تراجعت معه قدرة مرافق الدولة على تأمين الخدمات الأساسية وخصوصا الكهرباء. ويفاقم الانهيار جمود سياسي ينعكس شللاً دستورياً وقضائياً.
- "ضمانة" سياسية -
في كلمة ألقاها عقب التوقيع، أشار وزير الطاقة القطري الى "العديد من العناصر التي تجعل هذه الاتفاقيات مهمة بالنسبة للبنان، وكذلك بالنسبة لقطر للطاقة"، كونها "أتت في أعقاب التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية" مع اسرائيل.
وأضاف "هذه الاتفاقية المهمة تمنحنا فرصة لدعم التنمية الاقتصادية في لبنان خلال هذا المنعطف الحرج".
وقطر التي كانت أول دولة خليجية أقامت علاقات تجارية مع إسرائيل عام 1996 قبل أن تقطعها عام 2009 بسبب الحرب الاسرائيلية في قطاع غزة، اضطلعت بدور في الوساطة التي أدت الى ابرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع اسرائيل.
وقال الخبير في مجال الطاقة ناجي أبي عاد لوكالة فرانس برس إن "انضمام قطر إلى الائتلاف له دلالات خصوصاً سياسية" في خضم الأزمة الاقتصادية المتمادية.
ويمكن لدخول قطر، وفق أبي عاد، أن يشكل "ضمانة سياسية" بالنظر الى علاقات الإمارة الخليجية الغنية مع الدول الغربية ومع إسرائيل.
وباعتبار أن حقل قانا يتجاوز خط الترسيم، ستحصل إسرائيل، وفق اتفاق الترسيم "على تعويض من مشغل البلوك 9"، أي ائتلاف الشركات المستثمرة بينها قطر للطاقة "لقاء الحقوق العائدة لها من أي مخزونات محتملة في المكمن المحتمل". وتقدر اسرائيل حصتها بنحو 17 في المئة.
رغم الاتفاق، يرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيداً من استخراج موارد النفط والغاز، الذي قد يحتاج من خمس إلى ست سنوات.
- في غضون عام -
وأوضح المدير التنفيذي لمجموعة توتال أن عملية التنقيب في حقل قانا يجب أن تنتهي "خلال الاثني عشر شهراً المقبلة".