طلال أبو غزالة : الاقتصاد المصري في المرتبة السادسة عالميًا بحلول 2030


الاحد 26 ابريل 2020 | 02:00 صباحاً
اشرف العمدة

مفاجآت عديدة فجرها الاقتصادى العربى الشهير الدكتور طلال أبو غزالة المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبو غزالة الدولية، بتأكيده أن مصر سوف تصبح واحدة من أعظم 6 دول اقتصاديًا بحلول 2030، لافتًا إلى أن الاقتصاد المصرى سوف يتعافى من الأزمة الحالية التى سببها انتشار فيروس كورونا، بداية من العام المقبل، متوقعًا أن يصل معدل النمو به خلال 2021 إلى 6%.  

جاء ذلك خلال الندوة التى عقدتها الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، لمناقشة تأثير تداعيات فيروس كورونا اقتصاديًا واجتماعيًا، فى ظل التغيرات التى يشهدها العالم، والطرق التى يمكن اتباعها للحد من تأثير تداعيات تلك الأزمة على منطقة الشرق الأوسط.

وأدار الندوة المهندس فتح الله فوزى رئيس الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، الذى ألقى الكلمة الافتتاحية، ووجه مجموعة من الأسئلة للدكتور طلال أبو غزالة، أولها كان حول الخطوات التى يجب اتباعها لتفادى الأضرار الاقتصادية الناتجة عن تداعيات وتأثيرات كورونا والابتعاد عن الكساد العالمى؟ 

وردًا على ذلك قال الدكتور طلال أبو غزالة، إن رأيه لم يتغير منذ 2017 إلى الآن، عندما أكد آنذاك أن 2020 سيكون عام الأزمات، وأنه من المتوقع أن يشهد حربًا عالمية ثالثة، لتحديد القوة الاقتصادية التى تقود العالم.

وأضاف:« لم يتم التوصل حتى الآن لعلاج لفيروس كورونا المستجد، وأن هذا الأمر يحتاج إلى عام على الأقل، لذلك علينا أن ندرك بأن العالم يمر بأزمة حقيقية سوف تمتد إلى فترات ليست بالقصيرة، وقد تؤثر هذه الأوضاع على حركة الاقتصاد بشكل عام، فى ظل عدم تطبيق الدول لسياسة الوعى الصحى بالتوازى مع حماية الاقتصاد من الانهيار».

وتابع حديثه: «بلا شك هناك معركة شديدة قادمة، تتلخص فى القرارات الاقتصادية التى تتبع كورونا وكيفية إصلاح الاقتصاد العالمى وترميمه أو ما يطلق عليه إعادة الإعمار جراء الآثار التى نتجت عن تداعيات هذا الفيروس، والتى سوف تتسبب فى زيادة أعداد البطالة المتوقع أن تصل لنحو 100 مليون شخص بالولايات المتحدة الأمريكية فقط، بالإضافة إلى إعلان مجموعة كبيرة من المؤسسات الاقتصادية إفلاسها سواء عالمية أو محلية، وهو ما ينتج عنه زيادة فى أسعار السلع الأساسية».

وأشار إلى أن تداعيات فيروس كورونا وتأثيراته ستؤدى إلى دخول العالم فى مرحلة كساد تفوق تلك التى شهدها الاقتصاد العالمى خلال القرن الماضى وبالتحديد منذ 1929 حتى 1933، مؤكدًا أن هذه المرحلة سوف تستمر 5 سنوات على الأقل، بعدها يبدأ الاقتصاد فى التعافى شيئًا فشيًئا، وأوضح أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن أزمة كورونا لها جوانب اجتماعية خطيرة، مما يحتم على الدول والقطاع الخاص التضافر للتصدى لها.

وأضاف أن دول العالم سيلحق بها خسائر كبيرة فى الناتج القومى حسب قوة اقتصاد كل دولة، مؤكدًا  أن الأزمة التى تتعرض لها أمريكا فى الوقت الراهن «كارثية»، ولن تستطيع الخروج منها خلال العام الحالى، حيث من المتوقع أن تتراوح خسائر الناتج القومى لعام 2020 ما بين 10 حتى 15%، فيما تصل الخسائر الخاصة بالصين نحو 2%، وهو ما يشير إلى أن الأمور الاقتصادية لبعض الدول ستبدأ فى التحسن مع بداية الربع الأول من العام المقبل، ولكن الإنطلاقة الحقيقة للاقتصاد العالمى ستكون بحلول 2025 أى بعد 5 سنوات من الآن. 

وقال: «بالنسبة للإجراءات الاقتصادية التى أقرتها الولايات المتحدة باستقطاع نحو 2 تريليون دولار لدعم الشركات الصغيرة فلن يستمر طويلًا، نظرًا لعدم قدرتها على تحمل نتائج تلك الأزمة، حيث بدأت بعض الشركات والمؤسسات الاقتصادية الإعلان عن وجود نقص فى السيولة المالية لديها، وبالتالى فإن هذه المؤسسات ستعلن عن إفلاسها خلال المرحلة القليلة المقبلة، وتأتى فى مقدمتها الشركات العاملة بقطاعات الطيران  والسياحة والنفط».

وأكد أن وضع الاقتصاد العالمى حاليًا يختلف جذريًا عن 1929، لأن الاقتصاد الحالى يفوق أضعاف حجمه خلال الفترة المذكورة، مما يؤكد أن الضرر سيكون أكبر، وأن الدول ليست لديها القدرة على التعامل مع الأزمة الراهنة بما فيها البنك الدولى وصندوق النقد، واللذان يقومان فى الأساس على إقراض الدول بفائدة كبيرة، فى ظل عدم قدرتهما على الوفاء بالاحتياجات المطلوبة.

وقال إن الدول الإفريقية ستكمل أضلاع الأزمة الاقتصادية، نظرًا لعدم امتلاكها القدرات الطبية للوقاية من الفيروس أو الحد منه، وبالتالى فإن انتشار كورونا سيكون له تأثير مباشر على اقتصاد هذه الدول والتى تصنف بأنها نامية، وستجد صعوبة فى معالجة هذا الوباء نظرًا لظروفها، وهذا ينطبق أيضًا على بعض الدول بمنطقة شرق آسيا.  

 وبسؤاله عن وضع مصر الاقتصادى فى ظل الظروف الرهنة، وما هى توقعاته له خلال المرحلة المقبلة؟ 

أجاب :«حجم النمو بالاقتصاد المصرى يشبه الصين، حيث من المتوقع أن يحقق نموًا يصل لنحو 6% خلال 2021، كما أن الدراسات العالمية التى أعلنت عنها بعض المؤسسات المتخصصة، أكدت أن الاقتصاد المصرى سيحتل المرتبة السابعة عالميًا بحلول 2030، ولكن هناك دراسة أعددتها تؤكد أن الاقتصاد المصرى سيحتل المرتبة الساسة عالميًا بحلول 2030».

ولفت إلى أنه وفقًا للترتيب الذى نتج عن الدراسات العالمية المتخصصة، التى وضعت تقييمًا للدول الكبرى اقتصاديًا حول العالم بحلول 2030، جاءت الصين فى المرتبة الأولى كأكبر اقتصاد، بينما تأتى الهند فى المرتبة الثانية، وتأتى الولايات المتحدة الأمريكية فى المرتبة الثالثة، وروسيا فى المرتبة الرابعة، وأندونيسيا فى المرتبة الخامسة، وفنزويلا فى المرتبة السادسة، والاقتصاد المصرى فى المرتبة السابعة.

وأوضح أن الاقتصاد المصرى سيتأثر بالأزمة الحالية مثل باقى دول العالم، لكن سيبدأ فى التعافى بداية من العام المقبل، ومن المتوقع أن يصل حجم النمو به خلال 2021 نحو 6%. 

وبسؤاله عن دور القطاع الخاص فى ظل هذه الظروف، وما هو الدور الذى يجب عليه القيام به بالتوازى مع الجهود التى تقوم بها الحكومات ؟

قال :«حقيقًة القطاع الخاص ليس له دور يذكر من قبل، نظرًا لعدم تعامل الحكومات بالقدر المناسب معه، على الرغم من امتلاكه أدوات غاية فى الأهمية، أبرزها المعلومات والمعرفة والرقمنة والتكنولوجيا الهائلة، فضلًا عن امتلاكه أكثر من 90% من حجم الانتاج العالمى، وأشير هنا إلى أن الثروة الحقيقية هى الإبداع والاختراع، وهو ما يؤكد أن الدول بحاجة إلى مساندة القطاع الخاص لها، خاصة أنه المنتج الأول للثروة والمعرفة، وأن الدول هى المستهلك لهذه الثروة من خلال تقديمها على هيئة مشروعات للمواطنين».

وأضاف أنه المتوقع ازدياد سلطة الدول خلال الفترة الحالية، وعلى القطاع الخاص أن يتقبل ذلك للسيطرة على الوضع الاقتصادى، مما يؤكد أن الفترة الحالية بحاجة لإقامة نظام شراكة حقيقى بين الحكومات والقطاع الخاص، وتحديد الأدوار والعمل على تطبيقها بكل حزم، لضمان سلامة المواطنين واستمرار عجلة الإنتاج.

وعلق «أبو غزالة» على تأثير أسعار النفط على اقتصاد دول الخليج، قائلًا: «بالنسبة لأسعار البترول فهى لا ترتبط بأسلوب العرض والطلب كما يتوقع البعض وأنا ذكرت ذلك منذ أكثر من عشرين عامًا، بأن أسعار النفط تحددها القرارات السياسية، خاصة أن المنظمة العالمية للتجارة قامت بتحديد طرق للتعامل مع جميع الأنشطة التجارية عدا أسعار النفط والبترول، كما أن الأسعار الحالية التى شهدها النفط الأمريكى بوصوله إلى -37 سنت يؤكد أنها الضربة المضادة من تحالف روسيا والصين، ولكن هذا ينطبق على أسعار النفط الأمريكية فقط». 

وواصل حديثه:«الوضع الراهن شهد كسادًا فى منتجات النفط، بالتزامن مع وجود فائضًا كبيرًا فى المخازن، وهو ما جعل تكلفة تخزينه أكبر من سعر بيعه، وستكون نتائجه هو إفلاس الكثير من الشركات العالمية العاملة فى مجال النفط والبترول الأمريكى، مع زيادة حجم البطالة، كما أنه من الصعب توقف إنتاج النفط بشكل مفاجئ».

وأكد أن القرارات السياسية والصراعات العالمية بين أطراف الاقتصاد المختلفة تهدف إلى تحديد القوة التى ستقود العالم خلال المرحلة المقبلة.

وحول توقعاته للمرحلة القريبة المقبلة قال، الأزمة الحالية ستنتهى باندلاع حرب بين القوى الاقتصادية العالمية، ومن المحتمل أن تكون خلال العام الحالى، فى ظل الاتهامات الموجهة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصين باستغلال القواعد الدولية للإضرار باقتصادها، وتوقع أن يكون شهرى سبتمبر وأكتوبر المقبلين شاهدان على هذه الحرب، تزامًا مع إجراءات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث لا يمكن لأى دولة أن تنتخب رئيسًا فى الأزمات الاقتصادية والحروب، لافتًا إلى أن قيادة العالم ستنقسم إلى فريقين، الأول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، والثانى رسيا والصين.

وعن خارطة الطريق الخاصة بخروج لبنان من الأزمة الاقتصادية الأخيرة، أفاد بأن أزمة لبنان مركبة، فى ظل عدم وجود جهة قادرة على اتخاذ القرار، لذلك على جميع الجهات الاتفاق لتوحيد الصف لإنهاء الأزمات الاقتصادية، وهذا هو الفارق بينها وبين مصر، فالأخيرة لديها سلطة قادرة على اتخاذ القرار وتطبيقه، وهو ما سيؤهلها إلى زيادة الاقتصاد ونموه.

وأوضح أن أزمة كورونا لها فوائد عديدة على المنطقة العربية، كونها شهدت تغييرات اقتصادية كبيرة بسبب الثورات الأخيرة، فى ظل الضغوط الغربية على العملات العربية وأيضًا الضغوط السياسية، لذلك سيتم تحديد المناطق الأولى لإعادة إعمار الاقتصاد بها من قبل القوى الاقتصادية القادمة التى ستقود العالم، والتى ستبدأ من الشرق الأوسط.

وقال إن الصناديق والتمولات ليست حلًا للشركات المتوسطة والصغيرة كونها مؤسسات تقرض بنسبة فائدة، كما أن هذه الصناديق تتأثر بالسياسيات الخاصة بالمساهمين، وبالدرجة الأولى السياسة الأمريكية كونها أكبر المساهمين بها، حيث إن هذه الصناديق تعيش على الدول المفلسة التى بحاجة إلى تمويلات.

وأوضح أن الحل الأمثل لهذه الشركات الحصول على الدعم من الحكومة مقابل توظيف نسبة من العمالة لتقليص نسبة البطالة، مما يؤدى إلى زيادة حجم الانتاج والعائد القومى، مع زيادة عجلة تنفيذ المشروعات بالدول.

وتابع حديثه: «اقترح على الشركات أيضًا دراسة السوق وإن تطلب الأمر تغيير النشاط أو الذهاب إلى أسواق بديلة فما المانع، وهو ما سيعيد الحياة إلى هذه الشركات والمؤسسات مرة أخرى، وتحويلها من  متعسرة إلى منتجة».

وحول العراقيل التى تواجه بعض المنتجات العربية، أكد أن الأمر يتطلب إقامة منظومة تجارة عربية، من خلال قيام كل دولة بإنشاء منظمة اقتصادية لجميع الأنشطة التجارية لديها، لتكون تلك المنظمات تابعة لكيان عربى واحد.

وقال إن الشعوب العربية لديها مشكلة كبيرة فى عملية الاتفاق، ولكن ليس من المستحيل إنشاء منظمة عربية موحدة بمعايير مشتركة، لافتًا إلى أن الدول العربية تستطيع استخدام المنتجات الدوائية الحالية، التى مر على إنتاجها عشرون عامًا وإعادة تطويرها وطرحها مرة أخرى بالأسواق لتحقيق الإكتفاء الذاتى للبلاد.

وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية أنهت على العمولة، فى ظل اعتراف ترامب بأن الإجراءات التى اتخذتها بعض منظمات بلاده سابقًا تعمل ضد اقتصادها حاليًا، خاصة المنظمتين العالمية للتجارة، والعالمية للصحة، وهو ما يشير إلى أن العالم يتجه إلى «القوة الدافئة» كونها لا ترتبط باتفاقيات عالمية، ولذلك فعلى كل دولة تحقيق اكتفاءً ذاتيًا من الصناعة المحلية خاصة الأدوية.

وقال إن القوة التى ستقود العالم اقتصاديًا خلال المرحلة المقبلة، ستعيد النظر فى اتفاقية التجارة العالمية التى استغرقت قرابة الـ 50 عامًا على إقرارها وبدأت المفاوضات من 1944 حتى 1994، وفى الغالب سيتم إنهاؤها بقرار سياسى يتفق عليه جميع الأطراف، وكذلك اتفاقية المناخ والمعلومات، وعلى الحكومات العربية عدم انتظار هذه القرارات، وأن تبادر بوضع سيناريو يمكن كل دولة تحديد احتياجاتها الاقتصادية، والعمل على تطبيقها لحين وضوح رؤية العالم، كما أطالب الحكومات العربية بتخفيض الضرائب المقررة على القطاع الخاص لزيادة حجم الانتاج. 

وفيما يتعلق بإفلاس البنوك وتأثير هذا على القطاع العقارى أجاب قائلًا: «من الصعب أن تعلن البنوك إفلاسها نظرًا لدخول الدولة لشراء البنوك المتعسرة حتى لا يتراكم انطباع سىء على اقتصاد تلك الدول، فضلًا عن ارتباط العديد من البنوك ببعضها البعض، كما أن العملة الأولى لديها هى الدولار وهو ما يزيد قوتها.. وفيما يتعلق بالتأثير على القطاع العقارى، فإن جميع القطاعات الاقتصادية ستتأثر بالأزمة الحالية بنسب متفاوتة، ولكن قطاعات السياحية والطيران والعقارات هى الأكثر تضررًا».

وأختتم حديثه:« الأزمات دائما وليدة لفرصة ضخمة سيحقق أرباحها من يبحث عنها ولديه القدرة على التكيف معها، وخير مثال على ذلك هناك بعض الشركات حققت أرباحًا كبيرة من إنتاج الكمامات الطبية، بعد تحويل خطوط إنتاجها، وهذه الشركات استغلت الفرصة المتاحة وتكيفت مع الوضع الحالى واستطاعت العمل والربح دون أن تتأثر بالأزمة الراهنة».