مع توقعات مواجهة دول مجلس التعاون الخليجي تحديات
اقتصادية ممتدة خلال الأشهر المقبلة، تبدي مملكة البحرين استعدادًا لتخفيف آثار
هذه التحديات بفضل استمرار ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية بتمويل من
صندوق تنمية دول مجلس التعاون الخليجي. وذلك وفقا لتقرير «نظرة على سوق البحرين»
للربع الرابع من 2015 الذي أصدرته شركة الاستشارات العقارية العالمية سي بي آر إي.
ورغم الآثار السلبية التي يلقيها تراجع أسعار النفط على
الاقتصاد الإقليمي، يُبدي القطاع العقاري في البحرين مرونة عالية، مع استمرار توقع
تحقيق العوائد القوية، التي تكفل للمستثمرين فرصا جيدة للنمو، في سوق يصعب التنبؤ
بأدائه.
وهو ما اتضح من النمو الذي شهده قطاع البناء والتشييد
أوائل عام 2015 بنسبة بلغت 7%، إلى جانب إطلاق مجموعة من المشاريع التنموية
الجديدة في جميع فئات الأصول العقارية، ولا سيما في قطاعات التجزئة والضيافة
والإسكان.
في هذا السياق قال ستيف مايز، مدير أبحاث الشرق الأوسط،
في سي بي آر إي البحرين: «ساهمت الاستثمارات الضخمة في مشاريع البنية التحتية في
تعزيز نمو السوق، حيث قدم صندوق تنمية دول مجلس التعاون الخليجي مساعدات بلغت
قيمتها 10 مليارات دولار ستصب في مشاريع كبرى بما في ذلك توسعة مطار البحرين
الدولي بكلفة عدة مليارات وكذلك التوسع في مشاريع الإسكان الحكومي المتوسط السعر».
سوق التجزئة
يواصل قطاع التجزئة سيطرته على النشاط العقاري في
البحرين، حيث شهد الربع الأخير من 2015 افتتاح وإطلاق مشاريع جديدة.
فقد أعلنت ديار المحرق بالشراكة مع المطور الإماراتي
إيجل هيلز عن إطلاق مراسي غاليريا في الربع الرابع من 2015. وهو مشروع على امتداد
178.000 متر مربع مخصص للتجزئة والترفيه مع واجهة مائية تحتضن خيارات متنوعة
لتناول الطعام، ويشكل التطوير جزءا حيويا من مشروع مراسي البحرين الذي يغطي مساحة 875.000 متر مربع.
ويأتي ذلك في أعقاب افتتاح مدينة التنين في ديار المحرق.
التي تعد وجهة مميزة لبيع السلع الصينية مع أكثر من 780 متجرا موزعة على مساحة
55.000 متر مربع. وقد افتتحت أبوابها للجمهور نهاية ديسمبر 2015.
في نفس الإطار قال مايز: «لا تزال المراكز التجارية
والترفيهية والتي تخدم الأحياء السكنية الجديدة تهيمن على القطاع العقاري، ويتجلى
ذلك بوضوح في منطقة الجنبية الجديدة التي تحتضن ما لا يقل عن أربعة مراكز تجارية
قيد التطوير أو التخطيط. وتجري أعمال الإنشاء بشكل جيد في مركز الميركادو الذي
تبلغ مساحته 5.000 متر مربع ويضم سوبر ماركت الأسرة، إلى جانب ثلاثة مشاريع تجزئة
أخرى تغطي ما يقرب من 50.000 متر مربع من المساحات القابلة للتأجير».
قطاع الضيافة
ووفقا للتقرير، فإنّ الربع الرابع من 2015 يبشر باستقرار
قطاع الضيافة، وعلى الرغم من عدم إعلان أية مشاريع رئيسية جديدة فإنّ هناك تقدم
ثابت نحو إطلاق مشروعين جديدين أوائل عام 2016. حيث سيضيف كل من فندق روتانا وسط المدينة في المنامة، وفندق
ويندهام جراند في خليج البحرين، 509 غرف فندقية إلى معروض الغرف من فئة 5 نجوم.
كما يتوقع الانتهاء من ماريوت ريزيدانس في واتر جاردن سيتي خلال عام 2016.
كما تفيد بعض التقارير عن اعتزام مجموعة إعمار للضيافة
بناء خمسة فنادق جديدة في المملكة بحلول عام 2018.
السوق السكنية
مع اقتراب قطاعات التجزئة والضيافة بسرعة من الوصول إلى
نقطة التشبع، وكفاح سوق المكاتب التجارية وسط ضعف الطلب، يقدم القطاع السكني فرصا
أفضل للمستثمرين الراغبين في الاستفادة من المزايا الرئيسية التي تتمتع بها
البحرين مقارنة بأسواق دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
فوفقا لمسح قام به موقع InterNations عام 2015، احتلت البحرين المرتبة الأعلى بين دول الخليج لنمط
الحياة، وتكاليف المعيشة، والتعليم، حيث تربعت على الموقع 17 عالميا متقدمة على
دولة الإمارات العربية المتحدة التي جاءت في المرتبة 19 وسلطنة عمان في المرتبة 24.
وعلّق مايز على هذا قائلاً: «بلغ متوسط سعر المتر المربع
للشقق في البحرين 2.072 دولار، في حين يصل إلى 5.037 دولارات في دولة الإمارات
العربية المتحدة، كما أن تكاليف المعاملات أقل بشكل ملحوظ في البحرين. وبذلك يمكن
للقطاع السكني توفير فرص استثمارية ممتازة بفضل الكلفة المنخفضة للعقارات،
والتكاليف الجذابة لممارسة الأعمال، وشعبية البحرين كمكان مميز للعيش في الشرق
الأوسط بين الأسر الوافدة والأفراد على حد سواء».
وتتوافر الفرص أيضا في قطاع مجمعات الفلل، مع ارتفاع
مستويات الإشغال في المناطق الرائجة بين الوافدين، ولا سيما تلك التي تتمتع بسهولة
الوصول إلى المدارس الدولية والواقعة على مقربة من جسر الملك فهد الذي يربط
البحرين مع المحافظة الشرقية للمملكة العربية السعودية.
وتستمر الأسواق الفرعية للشقق الممتازة في تسجيل أداء
جيد مع احتفاظ جزيرة الريف بمكانتها كأغلى منطقة للشقق السكنية، وذلك بفضل الطلب
الدائم عليها. أما جزر أمواج فهي تعود إلى الواجهة
بعد فترة خمول نسبي، لتسجل انتعاشا في أنشطة البناء السكني، ما يؤكد استمرار
رواجها كوجهة لنمط الحياة الرفيع.
سوق المكاتب
استمر سوق المكاتب التجارية في مواجهة تحديات قاسية جراء
المخاطر التي تلوح في الأفق. فوفقا للمرصد الدولي للأعمال، تواجه مكانة البحرين
التقليدية كمركز إقليمي للتمويل الإسلامي منافسة متزايدة الآن من كل من دبي
والدوحة والرياض، ما قد يؤدي إلى تأثر الطلب على المساحات المكتبية.
ومن المرجح أن يؤدي تراجع أسعار النفط إلى تقلص متطلبات
المساحات المكتبية في قطاع النفط والغاز، ما قد يؤدي إلى تهميش الإمكانيات
الحقيقية لمشاريع التوسع القائمة في هذا القطاع. كما يمكن أن تتأثر ميزانيات تمويل
مشاريع المكتب الوزاري بسبب التخفيضات المرتقبة في الإنفاق الحكومي على المدى
القصير والمتوسط.
واختتم مايز حديثه قائلاً: «لا تزال إيجارات مشاريع
الدرجة الأولى مستقرة في الوقت الحالي، مسجلة ما بين 7-9 دنانير بحرينية للمتر
المربع الواحد. لكن قد يكون من الصعب الحفاظ على هذه المستويات مع الضغط الذي سببه
انكماش الطلب، ومع ترقب دخول 70.000 متر مربع إضافي من المساحات المكتبية الجديدة
إلى خليج البحرين ومنطقة السيف خلال النصف الأول من 2016».