أثارت الطروحات الجديدة بالبورصة المصرية
جدلا فى سوق المال المصرى فى الفترة الحالية، لاسيما بعد الطرح الأخير لشركة «ثروة
كابيتال» والذى شهد طلبات بيع مكثفة على السهم منذ اللحظات الأولى فى الجلسة، أدت لفزع
المستثمرين واندفاعهم نحو البيع بقوة وبأسعار زهيدة متبعين سياسة القطيع، متأثرين بأزمة
الأسواق الناشئة مما دفع بعض خبراء الأوراق المالية بضرورة تأنى الحكومة فى تنفيذ برنامج
للطروحات الجديدة التى أعلنت عنها، خاصة أن البعض يرى أن الآلية الخاصة بالتسعير بطرح
10٪ من الأسهم بأعلى من السعر السوقى أو أقل منه، قد تكون غير عادلة فى بعض الأحيان
نظراً لأنها قد تؤدى فى ظل الهبوط الذى يشهده السوق إلى التقييم بصورة أقل من قيمة
الأصول، ذلك فضلاًً عن أن الإعلان عن طريقة تقييم شركات برنامج الطروحات الحكومية وفقاً
لمتوسط سعرها، أعطى فرصة للمتلاعبين للضغط عليها لهبوط أسعار أسهمها بدون أسباب مبررة،
رغم أن أغلب هذه الشركات تحقق أرباحاً وتتداول بأقل بنسبة 50٪ من قيمتها، فى حين أن
البعض الآخر أيدوا هذه الآلية والتى اعتبروها سياسية تسعير عادلة، حيث إنها تتحدد وفقا
للعرض والطلب بالسوق، وهو ما يتناسب مع طروحات الشركات المدرجة، الامر الذى يختلف مع
الطروحات الاولية والتى يتم تسعيرها بمعيار مختلف عن الشركات المدرجة، موضحه أنه اذا
تم التقييم بصورة تراها الشركة أقل من قيمة اصولها من حقها أن تقوم بتأجيل الطرح للوقت
المناسب، حتى يتم تسعيرها بصورة تتناسب معها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجمعية المصرية
للأوراق المالية «ecma»
تقدمت للهيئة العامة للرقابة المالية بمقترح حول تدخل الرقابة بتنظيم الطروحات فى السوق،
لاسيما وان الدراسة كشفت أن عدد الطروحات المتاحة خلال الـ3 أشهر المتبقية من السنة
المالية 2018، فى حدود 9 طروحات، منهم 5 طروحات تتعلق بالحكومة، طبقاً للبرنامج الزمنى
المعلن، وهو ما يصعب على السوق استيعابه فى ظل العوامل الحالية للسيولة، ونشاط السوق،
الأمر الذى يعكس ضرورة ترتيب أولويات الطروحات طبقاً لاحتياجات السوق والحكومة، بما
لا يؤثر على المستوى العام للأسعار بشكل حاد.
أكد محمد فريد.. رئيس البورصة المصرية إن
الطروحات الجديدة بشقيها العام والخاص تسهم فى تعزيز مستويات السيولة والتداول فى بورصة
الأوراق المالية، فضلاًً عن كونه مؤشراً إيجابياً على اعتداد الشركات بالبورصة فى تمويل
توسعاتها، منوها إلى أن تفعيل برنامج توسيع قاعدة ملكية الشركات الحكومية عبر سوق المال،
سيدعم السوق بزيادة المعروض مما يسهم فى زيادة جاذبية السوق ويرفع أحجام التداولات،
كما سيحسن من قدرة تلك الشركات بالالتزام بمعايير الحوكمة كما يزيد من قدرة الحكومة
على متابعة وقياس أداء هذه الشركات.
واوضح أن البورصة المصرية تعمل دوما بالتعاون
مع كافة أطراف السوق على تنويع الخيارات الاستثمارية أمام جميع فئات المستثمرين عبر
إتاحة وتفعيل المزيد من الأدوات والمنتجات المالية التى تستوعب احتياجات المتعاملين،
منها صانع السوق وبيع الأوراق المالية المقترضة، مؤكدا أن إدارة البورصة لديها رؤية
متكاملة لتعميق سوق رأس المال وزيادة أحجام التداول، مضيفا أن تعزيز التداول والسيولة
الضمانة الأساسية لنجاح الطروحات الجديدة.
وأضاف فريد أن تسريع وتيرة الطروحات الحكومية
سيحفز ويجتذب طروحات الشركات الخاصة، وهو ما تعمل عليه إدارة البورصة بالتنسيق مع الأطراف
ذات الصِّلة، مشيرا إلى أن أولويات إدارة البورصة تتضمن 3 محاور رئيسية، أولها جذب
شركات جديدة للقيد تمثل جانب العرض وثانيا تحسين بيئة التداول عبر استحداث وتفعيل اليات
ومنتجات مالية جديدة، وثالثا زيادة مساحة التواصل مع المؤسسات المالية المحلية والدولية
والتى تمثل جانب الطلب.
وفى هذا السياق ترى رضوى السويفى.. مدير
إدارة البحوث بشركة فاروس القابضة للاستثمارات المالية أن التوقيت الحالى غير مناسب
للطروحات، لاسيما فى ظل حالة التوجس التى تسيطر على المستثمرين ازاء الأسواق الناشئة،
والتى يندرج السوق المصرى ضمنهم، نتيجة المستجدات الاقتصادية عالميا، حيث تشهد الآونة
الأخيرة حروب تجارية بين أمريكا والدول الناشئة، ذلك فضلاً عن ارتفاع أسعار الفائدة
فى امريكا، وهو ما يتزامن مع ما تمر به بعض الأسواق الناشئة من مشكلات اقتصادية، وانهيار
بسعر الصرف، ذلك فضلاً عن عجز الموازنة، والميزان التجارى، لذا بشكل عام تشهد الآونة
الأخيرة تخارج استثمارات الاجانب من الأسواق الناشئة، من خلال قيامهم بتقليص حجم محفظة
الاستثمار بهذه الاسواق، وهو ما تتأثر به مصر بالتبعية.
وفيما يخص آليات التسعير للطروحات الجديدة،
أكدت أن الحكومة تقوم باتباع سياسات عادلة فيما يخص التسعير، حيث يتم الطرح فى حدود
10 ٪ من سعر السوق، وهو ما يعد تسعير عادل، يتحدد وفقا للعرض والطلب، منوهه إلى أنه
فى حال الطروحات الأولية يتم القياس بمعيار مختلف عن الشركات المدرجة، موضحه أنه إذا
تم التقييم بصورة تراها الشركة أقل من قيمة اصولها من حقها أن تقوم بتأجيل الطرح للوقت
المناسب، حتى يتم تسعيرها بصورة تتناسب معها.
وعن التراجع الذى شهدته أولى جلسات التداول
على سهم ثروة كابيتال، أشارت السويفى إلى انها ترجع قلق المستثمرين من الانخفاض الشديد
الذى شهدته الاسواق الناشئة فى اليوم السابق للطرح، وهو ما تزامن مع حدوث تراجع بالاسواق
المتقدمة، الامر الذى دفع شريحة من المكتتبين إلى الاتجاه البيعى بأقل من قيمة الاكتتاب
نتيجة حالة من الذعر، لافتة إلى أن طلبات البيع المكثفة على السهم منذ اللحظات الأولى
فى الجلسة، أدت لفزع المستثمرين واندفاعهم نحو البيع بقوة وبأسعار زهيدة متبعين سياسة
القطيع، الامر الذى من شأنه التأثير على الطروحات القادمة والتى من الممكن أن يفكر
بعضهم فى إعادة حسابتهم والتأجيل، وهو ما لا توجد معلومة مؤكدة حوله حتى الآن.
وأوضحت أن فى فترات الرواج تستطيع دفعات
الطروحات الجديدة جذب سيولة خارجية جديدة للسوق، ولكن فى فترات تباطؤ وانخفاض السيولة
وزيادة مخاوف المتعاملين من اضطرابات الأسواق، يزيد تكدس الطروحات الجديدة من أزمات
الأسواق وتدهور القيم السوقية للأسهم المتداولة فى حالة عدم قدرتها على جذب أموال جديدة
وتغطيتها بنفس السيولة المتداولة فى السوق.
ومن جانبها أشارت رانيا يعقوب.. رئيس مجلس
إدارة شركة ثرى واى إلى أن الإعلان عن طريقة تقييم شركات برنامج الطروحات الحكومية
وفقا لمتوسط سعرها آخر شهر، أعطى فرصة للمتلاعبين للضغط عليها لهبوط أسعار أسهمها بدون
أسباب مبررة، رغم أن أغلب هذه الشركات تحقق أرباحاً وتتداول بأقل بنسبة 50٪ من قيمتها،
موضحه أنه إذا تمت الطروحات الحكومية فى ظل هذه الأسعار، وبنفس طريقة التقييم سيؤدى
إلى إهدار أموال الدولة، خاصة فى ظل ضعف السيولة، مؤكدة أن الحل لا يكمن فى تأجيل الطروحات،
ولكن فى إعادة طريقة تقييم السعر، وطرحها بقيم عادلة حتى ولو كانت أعلى من سعر السوق،
لأنه ذلك يعد بمثابة ترويج لهذه الأسهم، وستجذب سيولة جديدة من خارج السوق خاصة من
الأجانب والعرب لأنها ستؤكد أن الأصول المصرية تتداول بأقل من قيمها، وأمامهم فرص لتحقيق
أرباح، كما سيكون بمثابة أحد أنواع الترويج بدون دعاية، وقرار إيجابى لصالح الأسهم.
وأشارت إلى أن وضع تقييم عادل للشركات قبل
طرحها، سيساهم فى تعظيم عوائد الدولة خاصة فى ظل ما تعانيه البورصة منذ 4 شهور من عمليات
بيع وجنى أرباح أدت إلى هبوط أغلب الأسهم إلى مناطق سعرية بعيدة تماماً عن الاتجاه
الصاعد التى كانت تتداول به منذ بداية العام، لافته النظر إلى إن سهم شركة مصر للجديدة
للإسكان والتعمير يتداول بسعر أقل من 50٪ من أقل قيمة عادلة له، ونفس الأمر تقريباً
لسهم الشركة الشرقية للدخان.
وفى سياق متصل أشار محمود جبريل.. نائب
رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية، «ecma» إلى أنه قد تم التقدم للهيئة
العامة للرقابة المالية بمقترح حول تدخل الرقابة بتنظيم الطروحات فى السوق، وكذلك تنظيم
زيادة رؤوس الأموال، موضحاً أن المقترح ينوه إلى أنه بعد الدراسة تبين أن عدد الطروحات
المتاحة خلال الـ 3 أشهر المتبقية من السنة المالية 2018، فى حدود 9 طروحات، منهم
5 طروحات تتعلق بالحكومة، طبقاً للبرنامج الزمنى المعلن، ووفقاً لتأكيدات وزير قطاع
الأعمال، بالالتزام بالجدول، بالإضافة إلى 4 طروحات للقطاع الخاص، كما تضمن المقترح
أنه بتحليل الفترة الزمنية بين هذه الطروحات يتبين أن تكون بواقع طرح كل 10 أيام، وهو
ما يصعب على السوق استيعابه فى ظل العوامل الحالية للسيولة، ونشاط السوق، الأمر الذى
يعكس ضرورة ترتيب أولويات الطروحات طبقاً لاحتياجات السوق، والحكومة ومدى تناسب حجم
الطرح ودرجة نشاط السوق من استيعاب الطرح، بما لا يؤثر على المستوى العام للأسعار بشكل
حاد، وبما لا يؤثر أيضاً على مدى نجاح هذه الطروحات، نظراً لضيق الفترات بينهم.
وأكد د. أحمد جلال.. عضو الجمعية المصرية
للمحللين الفنيين أن الأهم لنجاح الطروحات الحكومية هو تسعير الأسهم بطريقة ملائمة
وإدارة الطرح بأسلوب جذاب، موضحاً أن هناك أسواقا لديها اهتمام بالسوق المصرية مثل
جنوب إفريقيا، منوها إلى أن مديرى الطرح عليهم دور كبير فى الترويج للشركات، مشيراً
إلى أن هناك بضاعة جيدة سيتم طرحها بالسوق، وفى الغالب الطرح سيكون خاصاً بالأسواق
الخارجية، كما أن الأصول المصرية أصبحت رخيصة وفى الغالب ستكون جاذبة بشكل جيد، لافتا
النظر إلى أنه فى حال وجود إجراءات لهيكلة الإدارة أو السماح للقطاع الخاص الجديد الذى
سيدخل الشركات الحكومية بعد طرحها فى البورصة، أى سيحصلون على حصص كبيرة فى هذه الشركات،
فهذا سيساهم فى نشاط هذه الشركات بالبورصة والتداول عليها، كما أن هناك جزءا آخر سيتم
تغطيته من خلال صناديق استثمار حكومية تابعة للبنوك، لتحقيق عوائد جيدة.
وأوضح أن الآلية المناسبة لتشجيع الأفراد
على الدخول فى هذه الأسهم، والمعلن عنه من قبل الوزراء أنه طرح 10٪ من الأسهم بأعلى
من السعر السوقى أو أقل منه، ولكن هناك شركات مثل مصر الجديدة للإسكان فى حال تطبيق
هذه الآلية عليها، فهذا يعد بمثابة خروج حصة تابعة للدولة، ينبغى تحديدها بسعر أعلى،
ولكن الدولة لم تتوصل إلى قرار فى هذا الشأن حتى الآن، مشيرا إلى أن طرح الحصص بأقل
من السعر السوقى هو الجاذب للأفراد، مؤكدا أن السوق ستستوعب أى طروحات، خاصة أن جزءا
كبيرا من الأسهم سيتوجه إلى صناديق استثمار أجنبية، فالحكومة هدفها من وراء هذا الطرح
جذب سيولة من الخارج، ولا تنتظر السيولة من المستثمرين الأفراد المحليين، وبالتالى
مدير الطرح عليه الدور الأكبر فى تغطية هذه الطروحات، ومن ثم السوق ستستوعب أى طروحات.