أكدت المرشحة لمنصب وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين بما لا يدع مجالاً للشك أن أولوية الإدارة الأميركية الجديدة ترتكز على حماية الاقتصاد ومساعدة المواطنين الأميركيين، بعيدا عن التكاليف الضخمة المتوقعة لهذا الدعم، نظرا لأن المكاسب الاقتصادية ستكون أكبر وأهم من التكاليف.
وحثت يلين الكونغرس على تمرير حزمة إغاثة اقتصادية جديدة لمواجهة تداعيات «كورونا» مع تباطؤ التعافي الاقتصادي، وأدلت يلين بتعليقاتها الثلاثاء أمام لجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي في جلسة استماع للتصديق على ترشيحها، قائلة: «ما كان للرئيس المنتخب ولا أنا أن نقترح هذه الحزمة الإغاثية من دون تقدير عبء ديون البلاد... لكن في الوقت الحالي، حيث أسعار الفائدة عند مستويات تاريخية منخفضة، فإن أذكى شيء يمكن أن نفعله هو أن تكون أفعالنا كبيرة».
وأضافت «أعتقد أن الفوائد ستفوق بكثير التكاليف، خصوصا إذا كنا نهتم بمساعدة الناس الذين يكابدون منذ وقت طويل جدا»، مشددة على أنه يجب إعادة بناء الاقتصاد الأميركي «حتى يمكنه إيجاد المزيد من الازدهار لعدد أكبر من الناس، وضمان أن العمال الأميركيين يمكنهم أن ينافسوا في اقتصاد عالمي تتزايد فيه المنافسة».
وأعلن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عن حزمة تحفيزية بقيمة 1.9 تريليون دولار الأسبوع الماضي، قائلا إن هناك حاجة إلى استثمارات جريئة لتنشيط الاقتصاد، وتسريع توزيع اللقاحات للسيطرة على الفيروس... وسيتم تكليف يلين مهمة تمرير هذا القانون الضخم من خلال الكونغرس، حيث يشعر البعض بالقلق من ارتفاع عجز الموازنة.
وقالت يلين إنه ينبغي للولايات المتحدة أن تعارض محاولات دول أخرى للتلاعب على نحو مصطنع بقيم العملات لكسب مزايا في التجارة. وأضافت أن استهداف أسعار الصرف لتحقيق مزايا تجارية «غير مقبول».
وقالت أيضا إن من الواضح أن الصين هي المنافس الاستراتيجي الأكثر أهمية للولايات المتحدة، وأكدت تصميم إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن على التصدي لما سمته ممارسات الصين «التعسفية وغير النزيهة وغير المشروعة».
وأشارت إلى أن بايدن وفريقه الاقتصادي يركزون الآن على تقديم إغاثة سريعة للأسر الأميركية المتضررة من جائحة فيروس «كورونا» وتداعياتها الاقتصادية، وليس على زيادة الضرائب.
وأبلغت الرئيسة السابقة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أعضاء لجنة المالية بمجلس الشيوخ في جلسة استماع الثلاثاء أنها تتفق مع الرأي القائل بأن تخفيضات ضرائب الشركات التي استحدثتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في 2017 حسنت القدرة التنافسية للشركات الأميركية. وقالت إن بايدن لا يقترح زيادة ضريبة الشركات إلى المستوى الذي كانت عليه قبل 2017؛ لكنها أضافت أن من المهم أيضا أن تدفع الشركات الكبرى والأفراد الأثرياء حصتهم العادلة من الضرائب.
ومن جهة أخرى، قالت يلين إن قيمة الدولار الأميركي يجب أن تحددها قوى السوق. وقالت إن «الولايات المتحدة لا تسعى إلى عملة أضعف للحصول على ميزة تنافسية». وتعهدت بمواجهة كل محاولات الدول الأخرى للتلاعب في العملات للحصول على مثل هذه المزايا. مشيرة إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تعمل مع الحلفاء، وتحسن اقتصادها من أجل مواجهة الممارسات غير العادلة وغير القانونية والمسيئة من جانب بكين، بما في ذلك الإغراق وسرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا.
وفي سياق ذي صلة، قال السيناتور رون وايدن، أبرز الأعضاء الديمقراطيين في لجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي، إنه سيحث على إجراء تصويت اليوم الخميس للمصادقة على تعيين يلين في منصب وزير الخزانة.
وقال وايدن في بيان الثلاثاء بعد جلسة استماع عقدتها اللجنة: «بينما نستمر في التعامل مع أسوأ أزمة اقتصادية في قرن، من المهم للغاية أنها (يلين) تكون قائدة لوزارة الخزانة في أقرب وقت ممكن».
وإذا أكد الكونغرس تعيينها ستصبح يلين أول وزيرة للخزانة بعد أن كانت أيضا أول امرأة تتولى رئاسة الاحتياطي الفيدرالي. وستتولى المنصب في وقت يحاول أكبر اقتصاد في العالم النهوض مجددا بعد الجائحة التي تسببت في تسريح عشرات الملايين من العمال، وبتقلص حاد في النمو الاقتصادي. وستكون أيضا واحدة من وزراء الخزانة القلائل الذين لديهم خلفية عن الاقتصاد والسياسة، عوضاً عن العمل سابقاً فقط في أحد مصارف الاستثمار في وول ستريت.
وساعد مشروعا قانونين من قبل للمساعدة أقرهما الكونغرس في الحفاظ على البلاد من الانكماش الأسوأ من خلال تقديم القروض والمنح للشركات الصغيرة وتوسيع مساعدات البطالة. لكن هذا تسبب أيضا في مضاعفة العجز في السنة المالية 2020، والذي قفز أكثر من 200 في المائة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3.1 تريليون دولار، أي أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق.
وفيما شهدت بعض القطاعات انتعاشاً ثابتاً، هناك دليل على أن الانتعاش المؤقت في تباطؤ، مع بيانات وزارة العمل الأسبوعية التي تظهر وتيرة تسريح العمال المتزايدة وفقدان الاقتصاد للوظائف في ديسمبر (كانون الأول).
ويخشى الاقتصاديون أيضاً أن يؤدي الوباء إلى تفاقم عدم المساواة في الولايات المتحدة. وتمكن العديد من العمال المحترفين من مواصلة عملهم عبر العمل من المنزل، لكن القطاعات الخدمية شهدت تسريحاً جماعياً للعمال والموظفين لوقف انتشار العدوى.