تشهد الأسواق الآسيوية موجة إقبال غير مسبوقة من المستثمرين الأثرياء على المنتجات الاستثمارية المُهيكلة المرتبطة بالأسهم، رغم أنها كانت سببًا في خسائر حادة قبل سنوات، وذلك مع عودة التفاؤل إلى أسواق الأسهم مدفوعًا بازدهار شركات الذكاء الاصطناعي.
وبحسب تقديرات بنك «بي إن بي باريبا»، قفزت إصدارات المنتجات المُهيكلة المرتبطة بأسهم هونغ كونغ وسنغافورة بنحو 80% منذ بداية العام، لتتجاوز 200 مليار دولار، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله على الإطلاق.
أدوات تجميع الأسهم تقود موجة الطلب
تصدرت ما يُعرف بـ«أدوات تجميع الأسهم» قائمة المنتجات الأكثر رواجًا، وهي أدوات تُلزم المستثمرين بشراء الأسهم عند مستويات سعرية محددة مسبقًا وعلى فترات منتظمة، إلى جانب منتجات القسائم الثابتة التي توفر عوائد شهرية منتظمة تجذب الباحثين عن الدخل الدوري.
ويأتي هذا الانتعاش في وقت تشهد فيه الأسهم الآسيوية موجة صعود قوية، مستفيدة من الاهتمام المتزايد بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ما دفع المستثمرين إلى التحول من الأسهم الأميركية إلى نظيراتها الآسيوية.
التحول نحو الأسهم الصينية الكبرى
تركزت الرهانات هذا العام على أسهم شركات صينية عملاقة مثل علي بابا وتينسنت، بدلًا من الأسماء الأميركية التي كانت مهيمنة سابقًا مثل إنفيديا.
وأوضح توني لي، رئيس استراتيجية مشتقات الأسهم العالمية في جيه بي مورجان، أن السوق شهد ركودًا طويلًا في هذه الأدوات، قبل أن يعيد تعافي الأسهم الصينية الزخم للإصدارات المرتبطة بأسهم هونغ كونغ.
آسيا تتصدر سوق المنتجات المُهيكلة عالميًا
ورغم تنامي الطلب في الولايات المتحدة، لا تزال آسيا المحرك الرئيسي لهذا النوع من الاستثمارات، إذ شكلت أكثر من 60% من المبيعات العالمية خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، وفق بيانات شركة SRP، مع تصدر الصين وهونغ كونغ المشهد.
ويقبل المستثمرون على هذه الأدوات رغم أن سقف عوائدها أقل من الاستثمار المباشر في الأسهم، نظرًا لما توفره من توزيعات ثابتة غالبًا ما تتجاوز عوائد السندات، إضافة إلى مستويات حماية نسبية لرأس المال.
مخاطر كامنة وتجارب مؤلمة
ورغم جاذبيتها، لا تخلو المنتجات المُهيكلة من مخاطر كبيرة، إذ أظهرت أزمات سابقة —مثل انهيار ليمان براذرز، وجائحة كورونا، والحملة التنظيمية على شركات التكنولوجيا الصينية— كيف يمكن لهذه الأدوات أن تضاعف الخسائر في أوقات الهبوط الحاد.
وفي أدوات تجميع الأسهم تحديدًا، قد يُجبر المستثمرون على شراء الأسهم بأسعار أعلى من السوق إذا تراجعت الأسعار بشكل حاد.
قسائم مرتفعة مقابل مخاطر أعلى
تتراوح القسائم السنوية للمنتجات المرتبطة بأسهم شركات الذكاء الاصطناعي الصينية بين 10% و20%، مقارنة بـ10% إلى 12% للأدوات المرتبطة بالمؤشرات، وفق خبراء في Goldhorse Capital.
كما عرضت بنوك عالمية، من بينها باركليز، منتجات توفر قسائم سنوية تصل إلى 9% تُصرف شهريًا، لكنها تربط رأس المال بأداء عدة أسهم، ما يعرض المستثمرين لخسائر كبيرة إذا تراجعت الأسعار دون حدود معينة.
ارتفاع الأسهم يعزز شهية المخاطرة
أسهم علي بابا ارتفعت بنحو 90% هذا العام في بورصة هونج كونج، بينما صعد مؤشر هانغ سنغ للتكنولوجيا بنسبة 26%، ما عزز ثقة المستثمرين بقدرة السوق على التعافي بعد سنوات من الأداء الضعيف.
وفي هذا السياق، ارتفعت نسبة المنتجات المرتبطة بأسهم هونج كونج في محافظ بعض البنوك العالمية إلى ما بين 30% و40% خلال 2025، مقارنة بـ20% فقط في العام السابق.
تضخيم العوائد وتضخيم الخسائر
يعتمد بعض المستثمرين الأثرياء على الرافعة المالية لتعزيز عوائدهم من هذه الأدوات، وهو ما يضاعف الأرباح المحتملة، لكنه في المقابل يضخم الخسائر في حال تراجع السوق.
ويرى مسؤولو بنوك استثمارية أن التحدي الأكبر يتمثل في تركز المخاطر على عدد محدود من الأسهم، إلا أن استمرار صعود السوق يدعم التوقعات بنمو إضافي خلال العام المقبل، ما لم تحدث صدمة مفاجئة.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض