رغم التراجع الملحوظ في أداء الدولار الأمريكي خلال عام 2025، والذي بلغت نسبته حتى الآن نحو -12% أمام اليورو و-8.6% أمام سلة العملات المرجّحة تجاريًا، فإن المخاوف من تأثيرات سلبية محتملة على الاقتصاد السعودي تبدو غير مبرّرة، وفق تحليل مبني على بيانات تاريخية طويلة. وبما أن الريال السعودي مرتبط بالدولار، فقد انعكست تلك التحركات عليه بشكل موازٍ، دون آثار جوهرية تُذكر على الاقتصاد وسوق الأسهم.
تقلبات العملات لا تتنبأ بأداء الأسواق
لطالما ارتبطت توقعات المستثمرين باعتقاد شائع مفاده أن ضعف العملة يؤدي إلى تضخم مرتفع وضعف اقتصادي وانخفاض في أسعار الأسهم. غير أن التاريخ يرسم صورة مغايرة تمامًا:
• مؤشر السوق المالية السعودية ارتفع في 27 عامًا منذ 1985
• تراجع الريال أمام سلة العملات في 13 سنة
• وارتفع في 14 سنة
• دون ارتباط ثابت أو نمط يمكن التنبؤ به
• في 12 سنة شهدت السوق انخفاضًا:
• تراجع الريال في 6 مرات
• وارتفع في 6 مرات
أي أن العلاقة بين الطرفين لا تتجاوز كونها احتمالات عشوائية تشبه رمي عملة معدنية.
وينسحب الأمر ذاته على الأسهم الأمريكية:
• ارتفعت في 44 سنة من أصل 56 سنة
• وخلال هذه السنوات، تراجع الدولار 20 مرة وارتفع 24 مرة
• حتى في سنوات الهبوط، تحرك الدولار صعودًا وهبوطًا بالتساوي
المحصلة: تقلبات العملة ليست مؤشرًا موثوقًا لتحركات الأسواق الاقتصادية.
الاقتصاد السعودي أقل حساسية لتغيرات سعر الصرف
يرجع ضعف تأثير تراجع الدولار والريال على الاقتصاد السعودي لعدة أسباب جوهرية:
1️⃣ صادرات السعودية مُسعّرة بالدولار
ما يعني أن الإيرادات لا تتأثر بتراجع العملة أمام الآخرين.
2️⃣ اقتصاد مدعوم بإنتاج ضخم من الطاقة
مما يعزز مركز الحساب الجاري ويمنح الاستقرار المالي قوة دائمة.
3️⃣ قدرة الشركات الكبرى على التحوّط
قطاع البتروكيماويات والاتصالات والطاقة يمتلك أدوات مالية تقلل أثر تقلبات العملات على الأرباح.
4️⃣ توازن تلقائي في آثار سعر الصرف
• العملة الضعيفة تزيد قدرة الصادرات على المنافسة
• لكنها ترفع من تكلفة الواردات
النتيجة: توازن طبيعي يمتص الصدمات.
ارتباط تاريخي ضعيف جدًا بين حركة الريال والسوق المالية السعودية
• معامل الارتباط الشهري خلال 30 سنة: -0.12
• معامل ارتباط الدولار بمؤشر S&P 500: -0.24
والرقمان يشيران بوضوح إلى انعدام تأثير العملة على الأسواق.
ضعف الدولار الحالي.. ليس حدثًا استثنائيًا
وفق تاريخ الدولار:
• مستواه الحالي أقوى من 61% من أشهر الفترة منذ عام 1970
• يتراجع غالبًا خلال معظم الرئاسات الأمريكية
• وتراجعه في 2025 مشابه لسلوك سابق في عهد الرئيس دونالد ترامب عام 2017
الأمر إذًا ينتمي إلى الدورة الطبيعية للعملات، لا أزمة اقتصادية.
الخلاصة: لا داعي للقلق.. البيانات تحسم الجدل
الاقتصاد السعودي يعتمد على:
• موارد قوية (في مقدمتها النفط)
• استثمارات ضخمة متنوّعة
• سياسات مالية واستباقية مستقرة
• أسواق متينة تجذب رؤوس الأموال
ولذلك، فإن تأثير ضعف الدولار والريال على الاقتصاد السعودي ضعيف للغاية وغير مقلق.
الرسالة للمستثمرين:
دعوا الدولار يتحرك كما يشاء… واستفيدوا من السوق الصاعدة عالميًا.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض