تصعيد نقابي واسع في الهند ضد قوانين العمل الجديدة


الجريدة العقارية السبت 22 نوفمبر 2025 | 06:48 مساءً
محمد عاطف

صعّدت عشر نقابات عمالية كبرى في الهند من لهجتها تجاه الحكومة، بعدما بدأت السلطات تنفيذ حزمة قوانين العمل الجديدة. واعتبرت النقابات أن التعديلات «خديعة مُضلّلة» تستهدف حقوق ملايين العمال، في وقت تحاول فيه الهند تعزيز موقعها كوجهة عالمية للاستثمارات الصناعية.

تأتي هذه التطورات في مرحلة حساسة بالنسبة للاقتصاد الهندي الذي يسعى للتحول إلى مركز صناعي عالمي، لكنه يجد نفسه أمام صراع متزايد بين الحكومة وأكبر القوى النقابية في البلاد.

غضب في الشارع الهندي ومسيرات حاشدة

طالبت النقابات، المحسوبة على أحزاب معارضة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي، بوقف العمل بالقوانين فوراً، معلنة عن يوم احتجاج وطني الأربعاء المقبل.

وفي مدينة بوبانيشوار شرقي البلاد، خرج آلاف العمال في مسيرات غاضبة، وأحرقوا نسخاً من القوانين الجديدة في مشهد يعكس مدى الرفض الشعبي للتعديلات.

ما الذي تتضمنه قوانين العمل الجديدة؟

حزمة إصلاحات تُطرح كتحفيز للاستثمار.. وتُوصف بأنها تهديد لحقوق العمال

بدأت الحكومة تنفيذ أربعة قوانين كبرى أُقرت قبل خمس سنوات بهدف تحديث منظومة العمل القديمة الممتدة منذ الحقبة الاستعمارية.

وتقول الحكومة إن الإصلاحات:

توسع نطاق الحماية الاجتماعية

تضمن حدًّا أدنى عادلاً للأجور

تسهّل إجراءات التوظيف وتبسيط الامتثال القانوني

لكن النقابات تقابل هذا الطرح برفض شديد، مؤكدة أن القوانين:

تسهّل فصل العمال

تتيح تمديد ساعات العمل

تسمح بالعمل الليلي للنساء

ترفع الحد الأدنى لحجم الشركات التي تحتاج موافقة مسبقة على التسريح من 100 إلى 300 موظف، ما يعتبرونه ضرباً للأمان الوظيفي

معركة تشكيل سوق العمل في الهند

هل تُعالج التعديلات مشكلات المستثمرين أم تفتح الباب لتوترات اجتماعية؟

لطالما اشتكى المستثمرون من تشريعات العمل المعقدة، والتي اعتُبرت عقبة أمام نمو الصناعات التحويلية التي تمثل أقل من 20% من الاقتصاد البالغ 4 تريليونات دولار.

وتحاول التعديلات الجديدة خلق سوق عمل أكثر مرونة وجاذبية للاستثمارات، لكنها في الوقت نفسه تثير مخاوف من اضطرابات عمالية قد تنعكس سلباً على الإنتاجية والبيئة الاستثمارية.

قلق في مجتمع الأعمال: المخاوف تتجاوز العمال

حذّرت «جمعية رواد الأعمال الهنود» من أن القوانين الجديدة قد تزيد تكاليف التشغيل على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتربك استمرارية العمل في قطاعات أساسية.

وطالبت الجمعية الحكومة بتوفير:

دعم انتقالي

جدول زمني تدريجي للتنفيذ

حلول للتخفيف من عبء التكاليف على المؤسسات الصغيرة

انقسام داخل الساحة النقابية

نقابات معارضة وأخرى موالية للحكومة تدعو للتطبيق التدريجي

ورغم موقف معظم النقابات الرافض، فإن المشهد ليس موحداً بالكامل.

إذ دعت نقابة «بهاراتيا مازدور سانج» المقربة من الحزب الحاكم إلى تطبيق القوانين الجديدة، لكنها شددت على ضرورة استكمال المشاورات بشأن بعض البنود قبل التنفيذ.

ومع أن تطبيق القوانين يعتمد على قواعد تنظيمية تصدر على مستوى الولايات، يبدو أن ملف العمل في الهند مقبل على مفاوضات طويلة قد تحدد طبيعة العلاقة بين الدولة والعمال لعقود قادمة.