تترقب الأوساط الاقتصادية والملايين من المصريين غدًا الخميس، الاجتماع الحاسم للجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، والذي سيحدد مصير أسعار الفائدة، في ظل تباين التوقعات وضغوط التضخم.
هذا الاجتماع لا يقتصر على قرار نقدي بحت، بل يأتي في خضم جهود حكومية ومؤسسية مكثفة لدعم قوة الاقتصاد الوطني، أبرزها تعزيز احتياطي الذهب بتوجيهات رئاسية.
صراع التوقعات.. تثبيت أم خفض؟
تدور التوقعات حول خيارين رئيسيين للجنة السياسات النقدية: التثبيت أو الخفض بمقدار 100 نقطة أساس.
دعوات التثبيت
يميل عدد من المحللين، مثل هبة منير وآية زهير ، إلى ترجيح تثبيت أسعار الفائدة التي تبلغ حاليًا 22% للإقراض و21% للإيداع في هذا الاجتماع.
يعود هذا الميل إلى تسجيل معدل التضخم ارتفاعًا لأول مرة منذ أربعة أشهر، حيث بلغ 12.5% في أكتوبر 2025 مقابل 11.7% في سبتمبر.
ويرى هؤلاء أن المركزي قد يفضّل التريث لتقييم ديناميكيات التضخم بعد الزيادات الأخيرة في أسعار المواد البترولية.
فرصة الخفض قائمة
على الجانب الآخر، لا يزال البعض، منهم محللون في "إتش سي" و"ثاندر المالية"، يرون أن المجال لا يزال متاحًا لخفض الفائدة بواقع 100 نقطة أساس أخرى قبل نهاية عام 2025، بهدف تحفيز الاقتصاد والقطاع الخاص.
فقد سمحت الانخفاضات المتتالية في التضخم خلال الأشهر الماضية للبنك المركزي بخفض الفائدة 4 مرات خلال العام الجاري بإجمالي 625 نقطة أساس كان آخرها 100 نقطة أساس الشهر الماضي.
جهود التيسير النقدي
تأتي هذه التكهنات بعد أن أكدت لجنة السياسات النقدية في بيانات سابقة أن قرارها بخفض الفائدة "كما حدث للمرة الرابعة في أكتوبر 2025"، جاء مدفوعًا باستمرار المسار النزولي للتضخم واستقرار التوقعات، مشيرة إلى أن التباطؤ في نمو التضخم يعكس تحسنًا في التوقعات وانحسارًا لآثار الصدمات السابقة.
بتوجيهات رئاسية.. الذهب يعزز القوة الاقتصادية
لعل ما يمنح البنك المركزي مرونة أكبر وثقة إضافية قبل هذا الاجتماع هو تعزيز الاحتياطي الذهبي للدولة في خطوة وطنية متكاملة تجسد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصرف في المضبوطات بما يحقق أكبر منفعة للاقتصاد الوطني.
قبل 48 ساعة فقط من الاجتماع، شهدت النيابة العامة ورئاسة مجلس الوزراء والبنك المركزي مراسم تسليم 265 كيلوجرامًا من السبائك الذهبية عالية النقاء للبنك المركزي، بقيمة تقارب مليار و650 مليون جنيه، ما يعادل نحو 34 مليون دولار.
تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية، أكد النائب العام، المستشار محمد شوقي، ورئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا مباشرًا لتوجيهات الرئيس السيسي وتجسد تكامل مؤسسات الدولة.
هذا الذهب، الذي كان عبارة عن أحراز راكدة ومضبوطات لقضايا جنائية على مدى عقود، تم تحويله إلى سبائك عالية الجودة بعد مقترح شامل من النيابة العامة وافق عليه مجلس الوزراء.
دعم الاحتياطي
أكد محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، أن إضافة هذا الرصيد الذهبي الجديد يعزز من الاحتياطي الذهبي للدولة، الذي يعتبر ركيزة أساسية للقوة المالية لمصر ويدعم مسيرتها في مواجهة التحديات الاقتصادية، مشددًا على أن القيمة الحقيقية تعكس الإدارة الرشيدة للمال العام.
إن هذه الخطوة، إلى جانب إضافة نحو 2 طن من الفضة من المضبوطات أيضًا، تبعث برسالة قوة عن قدرة الدولة على تحويل أصول جامدة إلى قيمة اقتصادية فعالة تدعم الخزانة العامة، مما يضع البنك المركزي في موقف أكثر تماسكًا قبل إعلانه المرتقب حول سعر الفائدة.
الاجتماع الأخير لـ 2025 والآفاق المستقبلية
مهما كان قرار المركزي غدًا، سواء بالتثبيت أو الخفض، فسيتبقى للجنة اجتماعٌ آخر في ديسمبر 2025، وهو الأخير في العام الجاري.
تتوقع بعض المؤسسات المالية، مثل بنك "بي إن بي باريبيا"، أن يستمر البنك المركزي في دورة التيسير النقدي خلال عام 2026، مع استهداف معدل تضخم يبلغ 7% بحلول الربع الرابع من عام 2026.
هل سيفضل "المركزي" التريث والتقييم، أم سيباغت الأسواق بـ 100 نقطة أساس لتعزيز النمو؟
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض