حذّر الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، من أن الارتفاع الأخير في أسعار المواد الغذائية عالميًا كان متوقعًا في ظل عودة مؤشرات التضخم للارتفاع داخل الولايات المتحدة، مؤكّدًا أن الأسباب الرئيسية وراء ذلك ترتبط بـ خلل هيكلي عميق في الميزان التجاري الأمريكي الذي يعاني من عجز يقدّر بـ 1.2 تريليون دولار.
وأوضح شعيب، خلال مداخلة مع قناة إكسترا نيوز، أن الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على الاستيراد لسد فجوة السلع داخل سوقها المحلي، إذ تتركز 46% من تجارتها الخارجية في ثلاث دول فقط: كندا والمكسيك والصين.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية بدلاً من تعزيز الإنتاج المحلي، لجأت إلى فرض رسوم جمركية عقابية على عشرات السلع، وهو ما انعكس سلبًا على الأسواق الداخلية وزاد من الضغوط التضخمية.
وأضاف أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اضطر، رغم دعوات الرئيس دونالد ترامب المتكررة لخفض الفائدة، إلى اتباع سياسة نقدية مشددة في بداية فترته، قبل أن يعود ويجري عدة تخفيضات نهاية عام 2024، وهو ما لم يكن كافيًا لكبح التضخم نتيجة السياسات الجمركية غير المدروسة.
تراجع ترامب عن الرسوم الجمركية… “قرار متأخر”
وحول إعلان الرئيس الأمريكي التراجع عن فرض رسوم جمركية على أكثر من 200 سلعة غذائية بينها القهوة والخضروات، اعتبر شعيب أن القرار جاء “متأخرًا للغاية”، خاصة بعد أن أصبحت الرسوم واقعًا مكلفًا لمستهلكي الداخل الأمريكي.
وأوضح أن الميزانية الأمريكية تعاني من عجز هيكلي يقدر بـ 1.4 تريليون دولار، وأن الرسوم الجمركية — بخلاف الضرائب — تحمّل تبعاتها المواطن الأمريكي وليس رجال الأعمال، ما جعلها أداة غير فعالة لتحقيق التوازن المالي الذي وعد به ترامب ناخبيه.
وأكد أن هذه القرارات “عشوائية” وألحقت ضررًا بقواعد التجارة العالمية، وزادت حالة عدم اليقين التي يواجهها الاقتصاد الدولي.
تحذيرات أممية… وخطر يهدد 10% من سكان العالم
وفي سياق متصل، أشار شعيب إلى أن تقريرًا صادرًا نهاية 2024 عن منظمة الأغذية العالمية “فاو” حذّر من أن 10% من سكان العالم قد يواجهون نقصًا حادًا في التغذية، خاصة في آسيا وأفريقيا، مرجحًا أن ترتفع هذه النسبة في ظل ما شهده عام 2025 من: صراعات سياسية وعسكرية، الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تباطؤ النمو العالمي، “حرب الرسوم الجمركية” بين الدول الكبرى.
وأوضح أن هذه الظروف دفعت الشركات والمؤسسات الدولية إلى التحوّط عبر رفع أسعار الفائدة والتأمين على البضائع، مما زاد تكلفة السلع الغذائية عالميًا.
وأكد أن أي انفراجة في أسعار المواد الغذائية تتوقف على استكمال الإدارة الأمريكية التراجع عن باقي الرسوم الجمركية، خاصة أن الولايات المتحدة والصين تشكلان معًا 43% من الإنتاج الصناعي العالمي.
اختتم الدكتور شعيب تصريحه بالإشارة إلى أن ما يحدث في الأسواق العالمية اليوم هو “الوجه الآخر لقرارات الرسوم الجمركية”، وأن العالم ينتظر خطوات أمريكية أكثر وضوحًا لمعالجة الاضطرابات التي أحدثتها هذه السياسات.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض