معارك ضارية في بابنوسة.. الدعم السريع تعلن السيطرة الكاملة والجيش السوداني يتمسك بمواقعه وسط حصار خانق


الجريدة العقارية الاربعاء 12 نوفمبر 2025 | 10:34 مساءً
بابنوسة
بابنوسة
محمد شوشة

تعيش مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان على وقع تصاعد حاد في المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تحولت المدينة الاستراتيجية إلى ساحة قتال مفتوحة بعد أيام من القصف العنيف والمعارك المستمرة، وباتت الأوضاع الإنسانية أكثر تدهورًا مع نزوح عشرات الآلاف من السكان، وانقطاع الإمدادات الغذائية والطبية، فيما تتحدث التقارير عن حصار خانق وشلل شبه تام في الخدمات داخل المدينة.

وتزامن التصعيد الميداني في بابنوسة مع تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة في الخرطوم تهدف إلى احتواء تداعيات الصراع ووقف تدهور الوضع الإنساني في ولايات غرب السودان، ومع اتساع رقعة القتال وسيطرة الدعم السريع على مساحات واسعة من كردفان ودارفور، يزداد القلق من انزلاق البلاد إلى مرحلة أكثر خطورة، في ظل غياب أي بوادر تهدئة أو تفاهمات ميدانية يمكن أن تمهّد لوقف إطلاق النار.

وقالت ميليشا الدعم السريع، اليوم الأربعاء، إنها سيطرت بالكامل على المواقع الحيوية في مدينة بابنوسة الاستراتيجية بولاية غرب كردفان، مؤكدة أنها طوقت المدينة من ثلاث جهات.

وأوضحت الميليشا أن معارك ضارية دارت حول قيادة الجيش في بابنوسة، التي أصبحت شبه معزولة بعد فشل عدة محاولات من الجيش لإسقاط إمدادات جوية ،معلنة إسقاط طائرة مسيّرة من طراز "أكانجي" أثناء تحليقها في أجواء المدينة.

وأشارت لجنة طوارئ محلية إلى أن بابنوسة تحولت إلى مدينة أشباح بعد نزوح نحو 170 ألفًا من سكانها المدنيين جراء القتال.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار عناصر الميلشيا داخل أحياء عدة بالمدينة، مع تأكيدهم التقدم في المحاور الشمالية والغربية والجنوبية، والوصول إلى محيط السوق من الجهة الشرقية.

وبحسب هذه المقاطع، فقد فرضت الميلشيا حصارًا جديدًا على الجيش الذي انسحب إلى مقر الفرقة 22 مشاة، على بُعد ثلاثة أحياء فقط من مناطق الاشتباك الرئيسية.

في المقابل، أكدت مصادر ميدانية أن الجيش السوداني لا يزال متمسكًا بمواقعه الدفاعية في المدينة، مشيرة إلى أن قواته نجحت في وقف تقدم الدعم السريع نحو عمق بابنوسة ومقر القيادة العسكرية.

وفي خضم المعارك، عقد وزير الخارجية والتعاون الدولي محيي الدين سالم مباحثات ثلاثية في الخرطوم مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، تناولت تطورات الأوضاع في الفاشر وبابنوسة وعدة مناطق تشهد تدهورًا إنسانيًا خطيرًا.

وأوضح الوزير أن بلاده لا تتعامل رسميًا مع المجموعة الرباعية، معتبرًا أنها لم تُشكل بقرار من مجلس الأمن أو أي جهة دولية معترف بها، وأن الحكومة تفضل التنسيق الثنائي المباشر مع مصر والسعودية والولايات المتحدة، وهو ما أثمر عن تفاهمات مشتركة في ملفات إنسانية وسياسية عدة.

وأشار سالم إلى أن الاجتماع الثلاثي شهد توافقًا كاملاً بشأن ضرورة تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته، والضغط على الميليشيات المتمردة والدول الداعمة لها، مؤكدًا أن وجود مرتزقة أجانب في صفوف الدعم السريع يمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة السودانية ويعقّد المشهد الأمني والإنساني.

وأكد الوزير أن الحكومة ماضية في جهودها لإخراج الميليشيات والمرتزقة من البلاد، واصفًا ما يجري بأنه غزو مباشر يتضمن أعمال قتل وسحل ونهب بحق المدنيين، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحرك جاد لمعالجة جذور الأزمة.

وتعاني مدينة بابنوسة منذ أشهر من حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء، وتسيطر القوات على معظم مناطق غرب كردفان، بما في ذلك الفولة والنهود والخوي، بينما يحتفظ الجيش بمواقعه في بابنوسة وحقول النفط في هجليج.

ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، تشهد المدينة معارك متواصلة أودت بحياة المئات وأجبرت آلاف المدنيين على النزوح في ظروف إنسانية صعبة، وسط مطالبات بفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات العاجلة.

وتبرز أهمية بابنوسة لكونها حلقة وصل رئيسية بين مدن إقليم كردفان، الذي يقطنه أكثر من 8 ملايين نسمة ويعد مركزًا للثروة الحيوانية والبترولية، وتقع عند التقاء خط السكة الحديد الواصل بين كوستي ونيالا وواو في جنوب السودان.

وبعد سيطرة الدعم السريع على كامل إقليم دارفور في أكتوبر الماضي، تسعى قواته إلى توسيع نفوذها في كردفان، حيث باتت تسيطر على نحو 60% من مناطقه، في حين يحذر مراقبون من تصاعد التوتر حول مدينة الأبيض، عاصمة الإقليم، وسط تحشيد عسكري متزايد من الطرفين.