انتقد الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، استخدام مصطلح "الضيوف" عند الحديث عن العرب المقيمين في البلاد، معتبرًا أن هذا التعبير لا وجود له في أي قانون سياسي في العالم، ويعكس محاولة لتخفيف وطأة أزمة متصاعدة يشعر بها قطاع واسع من المصريين.
وقال عيسى، خلال برنامجه على قناة المشهد، إنه في أي دولة من دول العالم يوجد مواطنون ومقيمون شرعيون وغير شرعيين وسياح، لكن لا وجود لمفهوم "الضيوف" في السياق القانوني أو السياسي، مشددًا على ضرورة التوقف أمام هذا المصطلح وتأمله.
وأوضح أن مصطلح "الضيوف" يُستخدم على حد وصفه؛ كغطاء لتقليل من شأن أزمة باتت حقيقية وطاحنة داخل المجتمع المصري.
وذكر أن مصر تستضيف أعدادًا ضخمة من المقيمين القادمين من دول عربية تشهد حروبًا أهلية واضطرابات، مثل سوريا وليبيا والسودان واليمن، مشيرًا إلى أن بعضهم يقيم بشكل شرعي، لكن الأغلبية – حسب قوله – يعيشون في مصر دون وضع قانوني منضبط.
وتابع: "هؤلاء قدموا من دول تشهد صراعات داخلية أو قبلية أو سياسية؛ وليس هربًا من عدو خارجي يغزو بلادهم؛ هم إفراز لاقتتال أهلي داخل البلد الواحد".
وأكد عيسى أن مصر بطبيعتها بلد يستوعب الجميع ويستقبل العرب بكل محبة واحترام، لكن الأمر تجاوز البعد الإنساني والأخلاقي، وأصبح يشكّل خطرًا اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا على المجتمع المصري ذاته، مضيفًا: "لو المستشار الألماني بيتكلم عن ضرورة عودة السوريين من ألمانيا إلى بلادهم، فالأَولى أن يقول المسئولون المصريون ذلك، لأن المجتمع المصري نفسه قاله بالفعل"، حسب تعبيره.
وتساءل عيسى عما إذا كان الاقتصاد المصري قادرًا على تحمل هذا العدد الكبير الذي تُقدّره بعض المصادر بنحو تسعة إلى عشرة ملايين مقيم غير مصري، في ظل معاناة الدولة من ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وتوجهها لرفع الدعم عن السلع الأساسية، معتبرًا أن ذلك يشكل عبئًا إضافيًا على المواطن المصري الذي يواجه أصلاً ضغوطًا معيشية متزايدة.
وأضاف أن هؤلاء المقيمين لا يمكن تصنيفهم كـ"لاجئين"، مشيرًا إلى أن عدد اللاجئين المسجلين رسميًا في مصر لا يتجاوز 400 ألف شخص وفق بيانات وكالة اللاجئين الدولية، بينما تتجاوز الأعداد الحقيقية بكثير هذا الرقم.
وأوضح عيسى أن استقبال الملايين يعني أزمات في سوق العمل، وتمتد أيضًا إلى سوق السكن، موضحًا أن ارتفاع الطلب من المقيمين على الوحدات السكنية أدى إلى مضاعفة الإيجارات في بعض المناطق، وطرد مستأجرين مصريين لصالح مستأجرين من دول عربية مستعدة لدفع مبالغ أكبر.
وتابع بأن الأمر لم يتوقف عند الجانب الاقتصادي، بل امتد إلى البعد الأمني، قائلًا إن قطاعًا من السوريين الذين جاؤوا إلى مصر بعد اندلاع الحرب في بلادهم ينتمون إلى جماعات الإسلام السياسي، وفقًا لوصفه.
وأضاف عيسى أن مصر، على مدار تاريخها، لم تغلق أبوابها في وجه أحد ولم تنشئ معسكرات أو أسلاكًا شائكة لعزل اللاجئين، لكنها اليوم تواجه واقعًا مختلفًا تمامًا، إذ تحوّل "الكرم المصري" إلى حالة ضغط وفوضى يمكن أن تتحول – إذا لم تُعالج – إلى أزمة سياسية واجتماعية متفجرة.
وأكد أن من حق اللاجئ المسجل أن يحظى بكل الرعاية والحماية القانونية، لكن من غير المقبول أن يتحول الوجود غير الشرعي بالملايين إلى أمرٍ واقعٍ داخل مصر، متسائلًا: "لماذا قبلت مصر وحدها بهذا المشهد؟ ولماذا تُترَك الأزمة بلا توصيف دقيق ولا معالجة جادة؟"
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض