تراجع مؤشرات وول ستريت وسط مخاوف من التقييمات المفرطة


الجريدة العقارية الاربعاء 05 نوفمبر 2025 | 01:11 صباحاً
تراجع مؤشرات وول ستريت وسط مخاوف من التقييمات المفرطة
تراجع مؤشرات وول ستريت وسط مخاوف من التقييمات المفرطة
وكالات

تراجعت الأصول عالية المخاطر في أسواق المال العالمية، متأثرة بشكل خاص بأسهم التكنولوجيا والعملات المشفرة، وذلك بعد أن أطلقت تحذيرات حادة من كبار المسؤولين التنفيذيين في وول ستريت، مما أعاد إشعال المخاوف القديمة المتعلقة بوصول تقييمات الأسهم إلى مستويات مبالغ فيها بشكل مفرط. وقد دعت هذه التحذيرات المستثمرين إلى ضرورة التأهب والاستعداد لحدوث تصحيح محتمل في السوق.

تحذيرات الرؤساء التنفيذيين

أشار رؤساء تنفيذيون لشركات استثمارية عملاقة، بما في ذلك "كابيتال غروب" و"غولدمان ساكس غروب" و"مورغان ستانلي"، إلى أن حدوث تراجع تصحيحي سيكون بمثابة تطور صحي للسوق. وأرجعوا ذلك إلى أن موجة الصعود الأخيرة باتت مقتصرة على عدد متناقص من الأسهم، في وقت بدأت فيه المؤشرات الفنية والمعنوية تُظهر علامات واضحة على ارتفاع حاد وغير مستدام.

وفي هذا الصدد، علق مات مالي من شركة "ميلر تاباك" قائلاً: "هذا يعزز اعتقادنا بأن سوق الأسهم جاهزة لتصحيح ملموس على المدى القريب، بغضّ النظر عن الاتجاه على المديين المتوسط أو الطويل".

هشاشة السوق بعد المكاسب القياسية

أصبحت التحذيرات من "مغالاة التسعير" أمراً شائعاً بعد الارتفاع القياسي الذي شهده السوق منذ قاع أبريل، والذي دفع بالتقييمات إلى مستويات تعكس تفاؤلاً مفرطاً.

فالتفاؤل المتصاعد خلال الأشهر الأخيرة جعل العديد من المتداولين ينشغلون بملاحقة المكاسب بدلاً من الانزعاج من الأسعار المرتفعة.

أداء المؤشر: سجل مؤشر "إس آند بي 500" واحدة من أفضل فتراته لستة أشهر منذ خمسينيات القرن الماضي، مدعوماً بمرونة أرباح الشركات الأمريكية، والتفاؤل بآفاق الذكاء الاصطناعي، والآمال باستمرار البنك المركزي الأمريكي في خفض أسعار الفائدة.

أثارت المكاسب القوية، المقترنة بضعف اتساع موجة الصعود (أي تركيز المكاسب في أسهم قليلة)، مخاوف جدية من هشاشة السوق واحتمال تعرضها لارتداد عنيف.

تجلى هذا القلق في تداولات الثلاثاء، حيث تراجع سهم "بالانتير تكنولوجيز" بنسبة 8% رغم رفع الشركة لتوقعاتها، بعد ارتفاعه بأكثر من 400% خلال عام.

ولم تعد آفاقها المتفائلة في الذكاء الاصطناعي كافية لتبديد قلق المستثمرين من ارتفاع التقييمات. وازدادت المخاوف بعد كشف مدير صناديق التحوط الشهير مايكل بيري عن رهانات هبوطية (بيع على المكشوف) ضد الشركة وضد "إنفيديا".

تفاصيل تراجع الثلاثاء وحركة الأصول

شهدت أسواق الأسهم تراجعاً في المؤشرات الرئيسية والقطاعات التكنولوجية:

هبط مؤشر S&P 500 بنسبة 1.2%

الأسهم التكنولوجية الكبرى: خسر مؤشرها 2.2%

سندات الخزانة: تراجع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 4.08%.

العملات المشفرة: انخفضت عملة "بتكوين" بنحو 6%

الدولار: صعد الدولار إلى أعلى مستوياته منذ شهر مايو.

التراجعات "طبيعية" ولكن التقييمات "مكتملة"

أكد مايك غيتلن، الرئيس التنفيذي لـ "كابيتال غروب"، أن أرباح الشركات قوية، إلا أن "التحدي يكمن في التقييمات"، مشيراً إلى أن غالبية المحللين يتفقون على أن الأسهم أصبحت في منطقة التقييم "العادل إلى المكتمل" (أي أنها ليست رخيصة).

واتفق معه رئيسا "مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" في أن التراجعات التصحيحية هي جزء طبيعي من دورات السوق.

ويرى إلياس حداد من "براون براذرز هاريمان" أن الصعود "غير منطقي"، حيث يعكس قدراً من الحماسة الزائدة وتفاؤلاً مفرطاً للمستثمرين بالنظر إلى تركزهم الكبير في سوق الخيارات.

القلق من هيمنة عمالقة التكنولوجيا

يبقى القلق الأكبر مُتمثلاً في أن قيادة السوق أصبحت "ضيقة بشكل مقلق"، حيث تتحمل مجموعة صغيرة من أسهم التكنولوجيا الكبرى الجزء الأكبر من موجة الصعود. وهذا يجعل السوق الأوسع عرضة للاهتزاز في حال تراجع "سردية الذكاء الاصطناعي".

وتُظهر بيانات من "جيفريز" أن المؤشر المرجح بالتساوي يتداول حالياً بخصم كبير مقارنة بالمؤشر الرئيسي، وهو مستوى يُشبه بداية "نهاية فقاعة التكنولوجيا" في أواخر التسعينيات. ومع ذلك، يرى فؤاد رزاق زاده من "فوركس.كوم" أن المستثمرين سيغتنمون فرصة الانخفاض للشراء، كما نجحوا في ذلك سابقاً.

آراء متباينة وتوقيت غير متوقع للتصحيح

ترى لورين غودوين من "نيويورك لايف إنفستمنتس" أن شركتها ستستمر في الشراء عند الانخفاض، طالما بقيت توقعات الأرباح والاستثمارات الرأسمالية قوية.التحذير من التقلب: أشار كريس لو من "إف إتش إن فايننشال" إلى أن توقيت التصحيحات "غير قابل للتوقع"، ولا يمكن الجزم بما إذا كان التراجع الحالي مجرد فرصة للشراء أم بداية لانعكاس أعمق.

أهداف التصحيح:

حدد محللون مستويات 6400 و6500 للمؤشر "إس آند بي 500" كأهداف محتملة للتصحيح، نظراً لمدى التطرف الذي بلغته الفجوات السعرية الأخيرة.

السوق الصاعدة مستمرة رغم الهزات

اختتم كيث ليرنر من "تروست أدفايزوري سيرفيسز" تحليله بالتأكيد على أن السوق الصاعدة ما تزال تحظى بميزة الشك، مشيراً إلى أن التاريخ يرجح استمرار المكاسب، وإن لم يكن ذلك في خط مستقيم.

ودعا المستثمرين إلى التركيز والانضباط وعدم الانجرار وراء الضجيج، مؤكداً أن "النظام والانضباط دائماً يتغلبان على الدراما" في الأسواق.