أكد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار ، أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُعد حدثًا حضاريًا فريدًا سيغير خريطة السياحة والثقافة في مصر والعالم، مشددًا على أن هذا الصرح "وُلد عملاقًا وسيبقى خالدًا كما بقيت أهرامات الجيزة".
وقال شاكر في مداخلة مع قناة المحور، إن مصر اليوم "تُهدي للعالم صرحًا سيظل فخرًا للأجيال القادمة"، مضيفًا: "كما بنى أجدادنا الهرم ليبقى، بُني هذا المتحف ليبقى ويستمر، وليكون عائده الاقتصادي والسياحي والسياسي من أهم مكاسب مصر الحديثة".
وأشار كبير الأثريين إلى أن المتحف المصري الكبير لا يشبه أي متحف في العالم، سواء من حيث التصميم الهندسي أو حجم المقتنيات أو طريقة العرض المتحفي، واصفًا المشهد من الداخل بأنه "إبهار بصري فريد، يعكس عظمة الحضارة المصرية".
مقتنيات استثنائية تؤرخ للحضارة الإنسانية
وأوضح شاكر أن المتحف يضم نحو 100 ألف قطعة أثرية، من بينها 20 ألف قطعة جديدة تُعرض لأول مرة، أبرزها المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون المكونة من 5398 قطعة، والتي ستُعرض بطريقة حديثة باستخدام أكثر من 16 نوعًا من الإضاءة صممتها شركة ألمانية متخصصة.
وأضاف أن من بين المقتنيات النادرة أيضًا: فأس حجرية يعود تاريخها إلى 700 ألف سنة، عُثر عليها في صحراء العباسية وتُعد أقدم دليل على الوجود البشري في مصر، تمثالان خشبيان مذهبّان من موقع "تل الفرخة" في الدقهلية، عمرهما نحو 6 آلاف عام، يبرزان براعة المصري القديم قبل بناء الأهرامات، مركب الملك خوفو، أكبر قطعة أثرية عضوية في العالم، والتي تُعرض كـ"لؤلؤة المتحف".
كما أوضح شاكر أن الزائر سيُستقبل من قبل تمثال الملك رمسيس الثاني، "كبير العائلة المصرية" و"ملك الحرب والسلام"، إلى جانب تماثيل الملوك توت عنخ آمون وحور محب، الذي أعاد لمصر استقرارها وهيبتها بعد فترة اضطراب سياسي وديني.
تأمين غير مسبوق وصروح للهوية المصرية
وكشف الدكتور شاكر أن المتحف يتمتع بأنظمة تأمين استباقية متطورة تشمل ثلاث مستويات فوق الأرض وتحتها، ومن الداخل إلى الخارج، مؤكدًا أن إجراءات الحماية تجعله "أكثر المتاحف أمانًا في العالم".
وأشار إلى أن إنشاء المتحف لم يكن فقط لأغراض العرض الأثري، بل لاستعادة الهوية المصرية التي حاول البعض تشويهها أو نسبها لغير المصريين، مؤكدًا أن هذا الافتتاح يمثل "ردًا حضاريًا قاطعًا على كل من يشكك في مصر القديمة وأصالة حضارتها".
وأضاف: "اليوم مصر لا تُعلن عن ماضيها فقط، بل تُقدم نفسها للعالم في صورتها الحديثة – جمهورية جديدة تمزج بين الأصالة والمعاصرة، الثقافة والسياسة، والعلم والفن".
أثر اقتصادي وسياحي طويل الأمد
وأكد كبير الأثريين أن المتحف سيستقبل ما بين 5 إلى 8 ملايين زائر سنويًا، بمتوسط 15 ألف سائح يوميًا، ما سيجعل منطقة الأهرامات والمتحف من أهم الوجهات السياحية في العالم خلال السنوات المقبلة.
وأوضح أن المشروع أحدث طفرة عمرانية وثقافية كبرى في المنطقة المحيطة، بما في ذلك تطوير الطرق والمحاور والبنية التحتية، مما جعل المنطقة "تشبه المدن العالمية".
مصر تعود بقوتها الناعمة
وختم شاكر حديثه قائلًا: "مصر اليوم تعود بأهم قوتها الناعمة — قوتها الحضارية والثقافية. هذا المتحف ليس مجرد مبنى، بل رسالة إلى العالم أن مصر كانت وستبقى منارة للعلم والجمال والحكمة. لقد ولد هذا الصرح عملاقًا، وسيظل متلألئًا آلاف السنين."
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض