تتجه الأنظار العالمية خلال الساعات القليلة المقبلة إلى واشنطن، حيث يعقد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اجتماعًا حاسمًا يُنتظر أن يُعلن خلاله عن خفض جديد في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد الأمريكي وسط تباطؤ النمو واستمرار الضغوط التضخمية.
ورغم شبه الإجماع بين المستثمرين على أن قرار الخفض بات محسومًا، فإن الانقسام داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية لا يزال يثير قلق الأسواق، خاصة في ظلّ تباين الرؤى بين الأعضاء بشأن مدى التراجع المطلوب في أسعار الفائدة لتحقيق التوازن بين مكافحة التضخم والحفاظ على استقرار سوق العمل.
انقسام بين أعضاء المجلس
تشير التقارير إلى أن الاجتماع سيشهد خلافات واضحة بين صناع القرار، إذ يرى فريق داخل المجلس أن استمرار ارتفاع التضخم فوق المستهدف (3% على أساس سنوي مقابل هدف 2%) يستدعي الحذر في التيسير النقدي، بينما يعتبر الفريق الآخر أن تباطؤ سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة يستوجب تسريع وتيرة الخفض لدعم النشاط الاقتصادي.
وكان جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قد صرح في وقت سابق من هذا الشهر بأن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لا تزال تضع المخاطر التي تهدد سوق العمل في صدارة أولوياتها، مؤكدًا أن أي قرارات جديدة ستتخذ وفقًا للبيانات الاقتصادية لا التوقعات.
التضخم يضع «الصقور» في وضع الانتظار
أظهر تقرير التضخم الأخير – الصادر الأسبوع الماضي – نتائج أضعف من المتوقع، وهو ما اعتبره بعض المحللين مؤشرًا على تباطؤ زخم التضخم، ما قد يُبقي الأعضاء الأكثر تشددًا (“الصقور”) في وضع الانتظار مؤقتًا قبل المطالبة بإبطاء دورة خفض الفائدة.
وفي المقابل، يرى المستثمرون في الأسواق المالية – وفقًا للعقود الآجلة لصناديق الاحتياطي الاتحادي – أن خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أصبح شبه مؤكد، مع بقاء حالة الغموض حول الاتجاهات المستقبلية حتى نهاية العام.
اعتراض متوقع من ستيفن ميران
من المنتظر أن يشهد الاجتماع معارضة واضحة من العضو الجديد ستيفن ميران، الذي عيّنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا في مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وكان ميران قد عارض في الاجتماع السابق قرار الخفض بربع نقطة، مطالبًا بخفض أكبر يبلغ نصف نقطة دفعة واحدة، معتبرًا أن الاقتصاد الأمريكي يحتاج إلى تحفيز أقوى وأسرع لمواجهة التباطؤ.
مستقبل غامض للسياسة النقدية
ويرى خبراء الاقتصاد أن نتيجة اجتماع اليوم ستحدد ملامح المرحلة المقبلة من السياسة النقدية الأمريكية، وسط توقعات بأن يتبنّى الفيدرالي نهجًا أكثر حذرًا في التواصل مع الأسواق، مع تجنّب تقديم إشارات صريحة حول الخطوات التالية إلى أن تتضح الصورة الاقتصادية بشكل أكبر خلال الربع الأول من عام 2026.
ويترقب المستثمرون كلمة جيروم باول عقب الاجتماع لمعرفة اتجاهات الفيدرالي في العام الجديد، وسط تساؤلات ما إذا كان البنك سيواصل خفض الفائدة تدريجيًا أم سيوقف المسار مؤقتًا لمراقبة تطورات التضخم وسوق العمل.
تابعوا آخر أخبار العقارية على نبض