يبدأ الحزب الشيوعي الصيني، أربعة أيام من المداولات خلف الأبواب المغلقة، بهدف تحديد التوجهات الاقتصادية الكبرى للسنوات المقبلة في هذه الدولة الآسيوية العملاقة. تأتي هذه المناقشات في ظل التحديات المتمثلة في تباطؤ النمو الاقتصادي وتصاعد التوترات التجارية الدولية.
ستجمع هذه الجلسة العامة للجنة المركزية، التي تُعد بمثابة البرلمان الخاص بالحزب، قرابة مئتي (200) عضو أصلي ومئة وسبعين (170) عضواً مناوباً، وذلك لوضع الأولويات الاستراتيجية لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وسيُكرَّس هذا الاجتماع لعرض ومناقشة المقترحات الاقتصادية والاجتماعية التي ستُشكّل أساس الخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026 - 2030).
تلعب هذه الخطة دوراً محورياً في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى التي وضعها الرئيس شي جينبينغ، لا سيما ما يتعلق بمساعي البلاد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي وتعزيز القدرات الاقتصادية الشاملة.
ومن المقرر أن يرأس شي الاجتماع الذي من المفترض أن يُختتم يوم الخميس، ويُتوقع أن تنشر السلطات عقب انتهائه وثيقة مطولة تُجمل وتلخص القرارات والتوجيهات الرئيسية.
تحديات السياق الاقتصادي
تُعقد هذه الجلسة في سياق اقتصادي يتسم بعدم الاستقرار، حيث يواجه الاقتصاد الصيني تحديات داخلية وخارجية، أبرزها: ضعف الاستهلاك الداخلي، والأزمة المستمرة في قطاع العقارات، واستمرار الاضطرابات والاشتباكات التجارية مع الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاقتصادي "تيوو ميفيسن" من "رابوبنك" في مذكرة تحليلية حديثة إلى أن الجلسات العامة، ورغم أنها قد تحظى باهتمام إعلامي أقل من غيرها من الفعاليات السياسية، إلا أنها تُعد المنبر الأساسي الذي تُناقش وتُقر فيه التوجهات الاستراتيجية الكبرى للبلاد.
وأكد على أن هذه القرارات، بالنظر إلى الثقل الهائل للاقتصاد الصيني، تحمل تداعيات واضحة ومباشرة على الصعيد العالمي.
الأولويات الاستراتيجية المطروحة
لطالما أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين على مدار السنوات الماضية ضرورة تحويل نموذج النمو الصيني ليصبح قائماً على الاستهلاك الداخلي، بدلاً من الاعتماد التقليدي على الاستثمار في البنى التحتية والتصدير كمحركات رئيسية.
ويُلاحظ أن الطلب الاستهلاكي للأسر لا يزال ضعيفاً نسبياً مقارنة بما كان عليه قبل جائحة "كوفيد-19".
ومن بين المحاور الرئيسية الأخرى التي سيناقشها المشاركون في الجلسة العامة، مسألة الفائض في القدرات الصناعية، والتي أدت إلى فائض في العرض في بعض القطاعات، مما يغذي التوترات التجارية الحالية مع الشركاء الأجانب.
وفي هذا السياق، ذكرت الخبيرة الاقتصادية "سارة تان" من "موديز أناليتيكس" لوكالة "فرانس برس": "نتوقع أن يتم تبني سياسة أكثر تنسيقاً تهدف في آن واحد إلى الحد من فائض القدرات الإنتاجية وفي الوقت ذاته تحفيز الطلب الداخلي".