شهدت إسرائيل اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 تطورًا جديدًا في محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي تُعد من أطول وأشد القضايا القانونية إثارة للجدل في تاريخ الدولة العبرية، حيث عاد نتنياهو إلى قاعة محكمة تل أبيب بعد انقطاع استمر عدة أشهر بسبب عطلات رسمية وسفره الدولي، في وقت تشهد فيه البلاد توترات سياسية وأمنية متزايدة.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد حضر نتنياهو الجلسة لتقديم شهادته في ملفات الفساد المنسوبة إليه، غير أنه اضطر إلى إلغاء عدد من التزاماته الرسمية بعد الجلسة، بسبب وعكة صحية مفاجئة، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن مكتبه.
خلفية قضايا الفساد الموجهة ضد نتنياهو
تعود قضايا نتنياهو الثلاث إلى ملفات جنائية تُعرف باسم الملف 1000، 2000، و4000، وتشمل اتهامات بالرشوة، والاحتيال، وإساءة استخدام الثقة العامة.
وتتعلق هذه الملفات باتهامات تلقّي هدايا ومزايا من رجال أعمال مقابل تسهيلات حكومية، بالإضافة إلى تدخلات محتملة في وسائل إعلام إسرائيلية لصالح تغطيات إيجابية له أثناء توليه رئاسة الحكومة.
وتُعد هذه المحاكمة من أبرز الملفات السياسية في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، إذ تتزامن مع الحرب الدائرة في قطاع غزة، ما يضفي على الجلسات طابعًا حساسًا يجمع بين السياسة والأمن والقضاء، ويجعلها محط أنظار محلية ودولية.
وتتولى محكمة القدس الإقليمية الإشراف على المحاكمة، برئاسة القاضي أودد شام، إلى جانب قضاة آخرين يشرفون على سير الجلسات التي استؤنفت اليوم وسط إجراءات أمنية مشددة وحضور إعلامي واسع.
الحالة الصحية لنتنياهو وتأثيرها على مجريات الجلسة
ذكرت تقارير صحفية عبرية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب تقصير مدة شهادته في جلسة اليوم بعد معاناته من سعال حاد ونزلة برد، حيث اتفقت هيئة المحكمة مع محامي الدفاع على اختتام الجلسة قبل الموعد المحدد حفاظًا على حالته الصحية.
ويأتي هذا التطور في وقت حساس للغاية، إذ يُخشى أن يؤثر على الجدول الزمني للمحاكمة، خصوصًا في ظل محاولات بعض الأطراف السياسية الدفع باتجاه تعديل القوانين التي تنظّم سير الجلسات في القضايا الكبرى.
جدل حول مشروع قانون لتقييد جلسات المحاكمة
في موازاة جلسة اليوم، أعلن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين نيّته التقدم بمشروع قانون جديد يمنح وزير الدفاع صلاحية تقييد عدد جلسات المحاكمة في فترات الحرب أو الطوارئ، بحجة أولوية الأوضاع الأمنية على القضايا القانونية.
وقد أثار هذا المشروع جدلاً واسعًا داخل إسرائيل، إذ يرى مؤيدوه — ومعظمهم من نواب حزب الليكود — أنه يهدف إلى الحفاظ على استقرار الدولة في أوقات الأزمات، فيما يعتبره المعارضون محاولة للتأثير على سير العدالة وتقييد صلاحيات القضاء، معتبرين أنه يمسّ بمبدأ الفصل بين السلطات ويقوّض استقلال المحاكم.
ويرى مراقبون أن تمرير مثل هذا القانون قد يُبطئ مجرى المحاكمة، أو حتى يُستخدم لتخفيف الضغط عن نتنياهو في ظل ظروف سياسية وأمنية معقدة تشهدها البلاد منذ أشهر.
ما الذي يُنتظر في الساعات والأيام القادمة؟
من المنتظر أن تستكمل المحكمة خلال الأيام المقبلة الاستماع إلى باقي شهادات نتنياهو، إلى جانب استجواب شهود جدد وتقديم أدلة إضافية في القضايا الثلاث.
كما من المتوقع أن يناقش الكنيست الإسرائيلي قريبًا مشروع القانون المثير للجدل، الذي قد يُعيد تشكيل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
على الصعيد الدولي، تتابع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجريات المحاكمة عن كثب، في ظل مطالب متكررة بضرورة احترام استقلال القضاء في إسرائيل، وضمان الشفافية في إجراءات المحاكمة.
ويُجمع محللون سياسيون على أن أي تأجيل جديد أو غياب لنتنياهو عن الجلسات المقبلة، سواء لأسباب صحية أو سياسية، قد يُستخدم كورقة ضغط في المعركة الدائرة بين الحكومة والمعارضة، خصوصًا في ظل تصاعد الخلافات حول إدارة الحرب في غزة ومستقبل الائتلاف الحاكم.
خلاصة
تشكل محاكمة نتنياهو اليوم محطة جديدة في واحدة من أكثر القضايا السياسية حساسية في تاريخ إسرائيل الحديث، حيث تتقاطع فيها الاعتبارات القانونية مع التحديات الأمنية والسياسية.
ومع استمرار الجلسات، يترقب الشارع الإسرائيلي والعالم ما إذا كان القضاء سيتمكن من الوصول إلى حكم نهائي في هذه القضايا، أم أن الاعتبارات السياسية ستظل تلقي بظلالها على مجريات العدالة في تل أبيب والقدس.