أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، يوم الثلاثاء، إلى أن التباطؤ الحاد في وتيرة التوظيف بات يشكّل "خطرًا متزايدًا" على الاقتصاد الأميركي، في أقوى تأكيد حتى الآن على أن البنك المركزي يميل نحو خفض سعر الفائدة الرئيسي مرتين إضافيتين خلال العام الجاري. تصريحات باول جاءت خلال الاجتماع السنوي للجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال، في كلمة حملت موازنةً بين مخاوف سوق العمل والتزامات الاحتياطي بمهامه الأخرى.
تباطؤ التوظيف مصدر قلق جديد
جدد باول تحذيره من أن المخاطر على سوق العمل تصاعدت منذ اجتماع سبتمبر الذي شهِد أول خفض لسعر الفائدة هذا العام. رغم توقف صدور بعض البيانات الرسمية نتيجة الإغلاق الحكومي، قال باول إن "توقعات التوظيف والتضخم لا تبدو قد تغيّرت كثيرًا" مقارنةً بتقديرات الاحتياطي في سبتمبر، مشيرًا بذلك إلى أن ما يراه البنك من تباطؤ في التوظيف بات يلقي بثقله على تقييم السياسة النقدية.
توقعات خفض الفائدة وطقس السياسة النقدية
يُذكر أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي كانوا قد أشاروا في اجتماع سبتمبر إلى احتمال خفض المعدل مرتين إضافيتين خلال العام الحالي، إضافة إلى خفض آخر متوقع في 2026. ويعني خفض أسعار الفائدة انخفاض تكاليف الاقتراض للمستهلكين والشركات، ما ينعكس على الرهون العقارية وقروض السيارات والتمويل التجاري.
ارتفاع للذهب وانخفاض لعوائد السندات
أثّرت تصريحات باول فورًا على الأسواق: فارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6% ليبلغ 4,131.89 دولارًا للأوقية، بينما تراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات بمقدار 1.1 نقطة أساس إلى 4.04%. هذه التحركات تعكس توقعات السوق لسياسة نقدية أكثر تيسيرًا مستقبلاً.
تزايد أهمية سوق العمل على حساب هدف الاستقرار السعري
جاء في كلمته أن "الاحتياطي الفيدرالي" صار أكثر قلقًا بشأن سوق العمل بالمقارنة بتفويضه الآخر المتمثل في استقرار الأسعار، مع الإشارة إلى أن توازن المخاطر الآن يميل نحو الجانب السلبي المرتبط بالتوظيف. ووصف باول هذا التحول بأنه نتيجة ازدياد مخاطر تراجع سوق العمل، ما يحوّل أولوية صنع القرار لدى صانعي السياسة النقدية.
الرسوم الجمركية وتأثيرها على قياس التضخم
أوضح باول أن التعريفات الجمركية رفعت مقياس التضخم المفضّل لدى الاحتياطي إلى 2.9%، لكنه استدرك بأن هذه الزيادة ناجمة عن الرسوم الجمركية بالأساس، وأنه "لا توجد ضغوط تضخمية أوسع" خارجة عن نطاق الرسوم من شأنها الحفاظ على مستويات سعرية مرتفعة على نحو مستدام. هذا التمييز بين مصادر التضخم مهم في تفسير موقف الاحتياطي من خفض الفائدة أو الإبقاء عليها.
دفاع باول عن برنامج شراء السندات خلال الجائحة
خصص باول جزءًا مهمًا من كلمته للدفاع عن قرار الاحتياطي بشراء سندات الخزانة طويلة الأجل والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في عامَي 2020 و2021، مؤكّدًا أن الهدف كان خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل ودعم الاقتصاد خلال أزمة الجائحة، وتفادي انهيار محتمل في سوق السندات يمكن أن يدفع بالفائدة إلى الارتفاع بصورة حادة. وجاء هذا الدفاع ردًا على انتقادات من وزير الخزانة وبعض الأصوات السياسية التي أثارت تساؤلات حول نزعة الاحتياطي آنذاك.
خلفية سياسية واقتصادية
تأتي تصريحات باول بينما تتصاعد المناقشات السياسية حول قيادة مجلس الاحتياطي، مع تداول أسماء مرشحين محتملين لتولي المنصب المقبل عند انتهاء ولاية باول في مايو المقبل. هذا السياق السياسي يضيف بُعدًا آخر لخطاب باول ويزيد من حساسية الأسواق تجاه أي إشارات عن توجهات السياسة النقدية المقبلة.