مفاوضات ديون إثيوبيا تنهار وتصل إلى طريق مسدود.. وحملة السندات يلوّحون بإجراءات قانونية


الجريدة العقارية الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 | 07:39 مساءً
مفاوضات ديون إثيوبيا تنهار وتصل إلى طريق مسدود.. وحملة السندات يلوّحون بإجراءات قانونية
مفاوضات ديون إثيوبيا تنهار وتصل إلى طريق مسدود.. وحملة السندات يلوّحون بإجراءات قانونية
وكالات

دخلت أزمة الديون الإثيوبية مرحلة جديدة من الجمود بعد إعلان الحكومة في أديس أبابا، الثلاثاء، أن مفاوضاتها مع حملة السندات الدولية وصلت إلى طريق مسدود، نتيجة خلافات عميقة حول بنود أساسية في خطة إعادة الهيكلة، وهو ما يطيل أمد الأزمة المالية التي تعيشها البلاد منذ ما يقرب من عامين.

تخلف عن السداد ودخول مبادرة مجموعة العشرين

تعود جذور الأزمة إلى أواخر عام 2023 حين تخلّفت إثيوبيا عن سداد سندها الدولي الوحيد، لتصبح إحدى الدول الإفريقية القليلة التي تخضع لإعادة هيكلة ضمن مبادرة "الإطار المشترك" (Common Framework)، التي أطلقتها مجموعة العشرين لمساعدة الدول المثقلة بالديون.

ورغم أن المفاوضات الأخيرة لم تُفضِ إلى اتفاق نهائي، فإن الحكومة الإثيوبية أكدت أنها حققت تقدماً ملموساً على صعيد بعض التفاهمات مع المستثمرين، معربة عن أملها في استئناف المحادثات قريباً.

تخفيض الديون وأداة استعادة القيمة

أوضحت أديس أبابا أن أبرز نقاط التقدم تمثلت في موافقة حملة السندات على خفض بنسبة 15% من إجمالي الديون، فيما يُعرف اصطلاحاً بـ«قص الشعر»، إضافة إلى تقديم أداة مالية جديدة تحت مسمى "أداة استعادة القيمة" (Value Recovery Instrument)، تسمح للدائنين باسترداد جزء من خسائرهم إذا تحسن أداء قطاع الصادرات الإثيوبي خلال السنوات المقبلة.

حملة السندات: استياء من الغموض في اتفاق الصين والدائنين الرسميين

تضم لجنة حملة السندات مؤسسات مالية كبرى مثل مورغان ستانلي، وفرانكلين تمبلتون، وصناديق التحوط VR Capital وFarallon.

وفي بيان مشترك، أعربت اللجنة عن خيبة أملها من فشل المحادثات، مشيرة إلى أن العقبة الأساسية تكمن في تطبيق مبدأ «المعاملة المتكافئة» الذي تفرضه مبادرة الإطار المشترك، إذ لم تُكشف بعد تفاصيل الاتفاق مع الدائنين الرسميين، وعلى رأسهم الصين التي تمثل نحو ربع إجمالي ديون إثيوبيا البالغة 31 مليار دولار.

وأكدت اللجنة أنها لا تزال منفتحة على مناقشة مقترحات معدلة من الحكومة الإثيوبية، لكنها تعتبر أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود في هذه المرحلة، وأنها بصدد دراسة كافة الخيارات القانونية المتاحة لحماية مصالح المستثمرين.

تراجع محدود في السند الإثيوبي

على الصعيد المالي، تراجع سعر السند الإثيوبي البالغ قيمته مليار دولار بأكثر من سنت واحد فور إعلان الحكومة، لكنه لا يزال قريباً من أعلى مستوياته منذ عام 2021، عند نحو 95 سنتاً لكل دولار، ما يعكس توقعات الأسواق بفرصة للتوصل إلى حل رغم التعثر الحالي.

صندوق النقد الدولي يدعو لاستمرار الحوار

في المقابل، رحّب صندوق النقد الدولي بالتقدم الجزئي الذي تم إحرازه، داعياً الحكومة الإثيوبية وحملة السندات إلى مواصلة الحوار البنّاء لتجاوز الخلافات والتوصل إلى اتفاق شامل يعيد الاستقرار المالي إلى البلاد.

الأزمة تكشف ضعف مبادرة الإطار المشترك

يرى محللون اقتصاديون أن جمود المفاوضات في إثيوبيا يُعيد تسليط الضوء على نقاط الضعف في مبادرة الإطار المشترك التي أطلقتها مجموعة العشرين عام 2020، بهدف توحيد الدائنين الرسميين والخاصين – وخاصة الصين – ضمن آلية واحدة لتخفيف أعباء الديون على الدول الفقيرة.

غير أن بطء الإجراءات وتعقيدها في حالات إثيوبيا وزامبيا وغانا، وهي أبرز ثلاث دول خضعت للمبادرة، أثار انتقادات متزايدة من جانب الحكومات والدائنين على حد سواء.

تباين التقديرات بين صندوق النقد والدائنين

وأوضح تيم جونز، مدير السياسات في منظمة ديبت جاستس (Debt Justice) البريطانية، أن المبادرة تفتقر إلى أدوات ضغط حقيقية تلزم الدائنين من القطاع الخاص بالمشاركة في خفض الديون، مشيراً إلى أن حالة إثيوبيا تعقدت بسبب الخلافات في التقديرات الاقتصادية بين صندوق النقد وحملة السندات.

فبينما يرى الصندوق أن قدرة البلاد على السداد محدودة، يعتقد المستثمرون أن التقديرات لم تأخذ في الاعتبار الارتفاع الأخير في أسعار الذهب والبن والقهوة، وهي من أبرز صادرات إثيوبيا.

إثيوبيا تراهن على الصادرات لتعزيز موقفها التفاوضي

وفقاً لبيانات الحكومة الإثيوبية، سجلت البلاد رقماً قياسياً في إيرادات الصادرات بلغ 8.3 مليار دولار في السنة المالية 2024/2025، متجاوزة توقعات صندوق النقد التي لم تتجاوز 6.37 مليار دولار، وهو ما يمنح أديس أبابا موقفاً أقوى في المفاوضات المقبلة.

طريق طويل نحو إعادة الجدولة

ويقول الخبير الاقتصادي الإثيوبي المقيم في بريطانيا عبد المنان محمد إن عملية إعادة الجدولة مرشحة لأن تستغرق مزيداً من الوقت، داعياً الحكومة إلى تقديم شروط أكثر مرونة لجذب موافقة حملة السندات وتسريع مسار الحل.

وأضاف أن نجاح إثيوبيا في التوصل إلى اتفاق شامل سيعتمد على قدرتها على موازنة مصالح الدائنين الرسميين والخاصين مع الحفاظ على استقرارها المالي والاقتصادي الداخلي.