أكد الدكتور علي عبد الحكيم الطحاوي، الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية، أن التوجه الأمريكي نحو تشريع واعتماد العملات الرقمية المشفرة ليس مجرد تطور عابر، بل يمثل – من وجهة نظره – "خطة استراتيجية بعيدة المدى لتصفير الدين العام الأمريكي"، الذي تجاوز حالياً حاجز 35 تريليون دولار.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تسعى جاهدة لتصبح العاصمة العالمية للعملات الرقمية.
تصفير الديون عبر عملة "شبه وهمية"
أوضح الطحاوي، أن واشنطن تعمل حالياً على جمع الدولارات من العالم مقابل عملة مشفرة "شبه وهمية" يمكن التحكّم في خوارزميتها وكودها البرمجي.
وشبّه هذا التحول بما حدث سابقاً عندما تخلّت أمريكا عن الغطاء الذهبي للدولار واستبدلته بـ "البترودولار"، وهو ما شكل صدمة للأسواق العالمية في حينه.
وأشار إلى أن الخطة الأمريكية الواضحة اليوم تهدف إلى القضاء على الدين الأمريكي تدريجياً عبر نقل جزء كبير منه إلى العملات الرقمية المستقرة، ثم تخفيض قيمته بشكل ممنهج.
والهدف الأسمى من ذلك هو أن تبدأ واشنطن من الصفر في نظام مالي جديد تتحكّم فيه كلياً، وهو أمر "يجب أن يُدركه كل المتحمسين لفكرة العملات الرقمية".
وتابع أن هذه الخطوة تأتي أيضاً في إطار مواجهة صعود تكتل البريكس، الذي يسعى لتقليل الاعتماد على الدولار من خلال تعزيز استخدام عملات بديلة في التجارة الدولية مثل اليوان الرقمي، والاتفاق على إنشاء عملة جديدة لتسوية تجارة الطاقة والمعادن.
عواقب كارثية.. الذهب سلاح رقمي جديد
أكد الخبير الاقتصادي أن الولايات المتحدة اليوم "تُعيد كتابة قواعد سوق الذهب والعملات الرقمية"، لا بحثاً عن بديل للدولار فحسب، بل "لصناعة نظام مالي رقمي جديد تكون هي مركزه وصاحبته".
وحذّر الطحاوي من أن تنفيذ هذه الخطة الأمريكية بنجاح ستكون له عواقب كارثية على النظام المالي العالمي:
-فقدان الاحتياطيات: الدول التي تحتفظ باحتياطاتها من النقد الأجنبي بالدولار ستخسر نصف قيمتها فجأة.
-تضخم جنوني: ستقفز أسعار السلع عالمياً بشكل جنوني، لأن الدولار سيفقد استقراره بشكل كبير.
-سلاح العقاب الرقمي: شدد على أن "الدولار الرقمي سيكون سلاحاً رقمياً بيد أمريكا لمعاقبة الدول والشركات العالمية الكبرى بضغطة زر".
-ذوبان المدخرات: ستفقد البنوك المركزية حول العالم السيطرة على عملاتها المحلية، بينما "المواطن العادي في مختلف الدول سيفاجأ بذوبان مدخراته فجأة ودون سابق إنذار".
مقاومة البريكس واللجوء إلى الذهب
وأشار الطحاوي إلى وجود محاولات قائمة بالفعل من جانب قوى عالمية مثل الصين التي تدفع نحو تفعيل اليوان الرقمي، بالإضافة إلى تحرّك دول البريكس لتأسيس نظام مالي بديل.
ولفت إلى أن بعض البنوك المركزية الأوروبية والآسيوية بدأت بالفعل زيادة احتياطاتها من الذهب بدلاً من الدولار، كإجراء استباقي لتخفيف المخاطر.
واختتم الخبير الاقتصادي مؤكداً أن ما تقوم به أمريكا اليوم هو "أكبر عملية تلاعب في تاريخ النظام المالي العالمي"، تهدف لإعادة تقييم الذهب والدولار واستبدالهما بالعملات الرقمية، متسائلاً: "هل ستنجح واشنطن في تصفير ديونها عبر هذه الخطة؟ أم أن النظام المالي العالمي سينهار وتتفجر أزمة لا يمكن السيطرة عليها؟"