تتجه الأنظار، اليوم الإثنين، إلى مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في باريس، حيث يُجرى تصويت حاسم داخل المجلس التنفيذي للمنظمة لاختيار المرشح الذي سيخلف المديرة العامة الحالية الفرنسية أودري أزولاي، في خطوة تمهّد لتعيين المدير العام الجديد رسميًا خلال اجتماعات الجمعية العامة في نوفمبر المقبل بمدينة سمرقند في أوزبكستان.
ويُعتبر هذا التصويت بمثابة الانتخاب الفعلي للمدير العام الجديد، إذ جرت العادة ألا تخالف الجمعية العامة توصية المجلس التنفيذي في هذا الشأن. ويتنافس على المنصب مرشحان اثنان فقط بعد انسحاب المكسيكية غابرييلا راموس من السباق، وهما المصري خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، والكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، نائب المدير العام الحالي لليونسكو المكلف بالعلاقات الخارجية.
خالد العناني.. المرشح الأوفر حظًا
ويُنظر إلى المرشح المصري خالد العناني، البالغ من العمر 54 عامًا، على أنه الأوفر حظًا للفوز بمنصب المدير العام، بفضل خبرته الواسعة وعلاقاته الممتدة مع المنظمة الدولية خلال مسيرته الأكاديمية والوزارية.
العناني، وهو عالم مصريات بارز، تولّى حقيبة الآثار عام 2016، ثم وزارة السياحة والآثار بعد دمجهما في 2019 وحتى 2022، ونجح خلال تلك الفترة في تنفيذ مشروعات كبرى حظيت بتقدير عالمي، أبرزها افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية ونقل المومياوات الملكية في موكب عالمي تابعته ملايين الأنظار.
ويرى مراقبون أن ترشيح العناني يعكس ثقة المجتمع الدولي في الدور المصري في حماية التراث الإنساني، وأن فوزه المحتمل سيعزز من مكانة الدول النامية داخل المنظمة، ويمنحها صوتًا أقوى في قضايا الثقافة والتعليم والعلوم.
وأكد العناني في تصريحات سابقة عزمه على أن يقدّم لليونسكو "رؤية جديدة تتسم بالواقعية والتوازن"، مشددًا على أنه سيسعى إلى تعزيز تأثير المنظمة عالميًا، من خلال تفعيل التعاون الميداني، ودعم التعليم والثقافة كركائز للتنمية والسلام. وأضاف: "اليونسكو بحاجة إلى استعادة مكانتها كمنصة تجمع العالم حول القيم المشتركة، بعيدًا عن التسييس أو الانقسام".
منافسة مع مرشح الكونغو
أما المرشح الثاني، الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، البالغ 69 عامًا، فيُعد من أقدم كوادر المنظمة، حيث أمضى أكثر من 35 عامًا داخل اليونسكو، وتدرّج في مناصب عدة حتى أصبح نائبًا للمدير العام للعلاقات الخارجية. ويؤكد ماتوكو أن خبرته الطويلة داخل المنظمة تمكّنه من إدارتها بكفاءة في مرحلة تتسم بـ"اضطرابات سياسية وتحديات في نظام تعددية الأطراف"، على حد وصفه.
أهمية التصويت الحالي
وتكتسب هذه الانتخابات أهمية استثنائية في ظل التحديات التي تواجه اليونسكو، ومنها اتهامات بتسييس قراراتها وتراجع فاعلية منظمات الأمم المتحدة، فضلًا عن الارتباك الذي أحدثه إعلان الولايات المتحدة انسحابها مجددًا من المنظمة بنهاية عام 2026.
ويشارك في التصويت 57 عضوًا من أعضاء المجلس التنفيذي، فيما أعلنت واشنطن أنها لن تشارك في الاقتراع. وكان المرشحان قد أجريا خلال الأشهر الأخيرة جولات دبلوماسية مكثفة في عدد من العواصم بهدف حشد الدعم والتأييد.
ويرى محللون أن فوز العناني سيمنح العالم العربي وأفريقيا تمثيلًا مؤثرًا على رأس منظمة اليونسكو للمرة الأولى منذ عقود، ويشكّل انتصارًا للدبلوماسية الثقافية المصرية، التي عززت حضورها الدولي في ملفات التراث والتعليم والتنمية المستدامة.
ويُنتظر أن تُعلن نتائج التصويت مساء اليوم في باريس، وسط ترقب واسع في الأوساط الثقافية والتعليمية العالمية، حيث سيتحدد من سيقود المنظمة الأممية لأربع سنوات مقبلة، في فترة توصف بأنها حاسمة لمستقبل التعاون الدولي في مجالات الثقافة والعلم والتعليم.