أظهرت بيانات رسمية صادرة اليوم الجمعة، 3 أكتوبر/تشرين الأول، أن معدل التضخم السنوي في تركيا ارتفع إلى 33.29% خلال سبتمبر، في أول صعود منذ مايو 2024، متجاوزاً توقعات الأسواق التي كانت تُشير إلى تراجع نسبي.
قفزات كبيرة في أسعار الغذاء والإسكان والتعليم
بحسب معهد الإحصاء التركي، جاء هذا الارتفاع مدفوعاً بشكل رئيسي بزيادات حادة في:
أسعار الغذاء والمشروبات غير الكحولية: ارتفعت بنسبة 36.1% سنوياً، و4.6% شهرياً.
أسعار الإسكان: قفزت بنسبة 51.4% على أساس سنوي.
قطاع التعليم: سجّل أعلى زيادة شهرية بنسبة 17.9%.
ويُعد هذا التسارع في التضخم هو الأول منذ بلوغ المعدل ذروته عند 75.4% في مايو 2024.
تضخم شهري يفوق التوقعات
على أساس شهري، سجّل التضخم العام 3.23% في سبتمبر، متجاوزاً التوقعات التي استقرت عند 2.6%، حسب استطلاع لوكالة رويترز. كما توقع الاستطلاع أن ينخفض المعدل السنوي إلى 32.5%، ما يزيد من حدة المفاجأة للأسواق.
سياسة نقدية مثيرة للجدل: خفض الفائدة رغم ارتفاع الأسعار
على الرغم من تسارع التضخم، أقدم البنك المركزي التركي في سبتمبر على خفض سعر الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس ليصل إلى 40.5%، وذلك بعد خفض آخر بمقدار 300 نقطة في يوليو، وهو ما اعتُبر أكثر جرأة من المتوقع.
الخطوة أثارت انتقادات من بعض الخبراء، حيث قال تيم آش، من شركة "بلو باي لإدارة الأصول"، إن البنك "تسرع في قراراته وخسر جزءاً من مصداقيته" التي أعاد بناءها بشق الأنفس.
الليرة عند أدنى مستوى على الإطلاق
تراجعت الليرة التركية إلى مستوى قياسي منخفض جديد عند 41.685 ليرة مقابل الدولار عقب صدور البيانات، بينما انخفضت أسهم البنوك، في رد فعل سلبي من الأسواق المالية على الأرقام المفاجئة وخيارات السياسة النقدية.
ارتفاع تكاليف الإنتاج أيضاً
كما أظهرت البيانات الرسمية أن مؤشر أسعار المنتجين المحليين ارتفع بنسبة 2.52% على أساس شهري، وبنسبة 26.59% سنوياً، ما يُشير إلى ضغوط تضخمية مستقبلية محتملة على أسعار المستهلكين.
الحذر سيعود إلى السياسة النقدية
رغم تلميحات البنك المركزي إلى احتمال التباطؤ في وتيرة خفض الفائدة، توقعت شركة "كابيتال إيكونوميكس" أن يستمر التيسير النقدي، لكنها حذّرت من أن الأرقام الجديدة قد تجبر البنك على تبنّي نهج أكثر تحفظاً.
بدورها، توقعت مورغان ستانلي خفضاً إضافياً بمقدار 200 نقطة أساس هذا الشهر، بشرط عدم ظهور مفاجآت جديدة في بيانات التضخم.
سياق سياسي واقتصادي معقّد
جاءت عودة البنك المركزي إلى سياسة التيسير النقدي منذ يوليو بعد توقف مؤقت في مارس، نتيجة الاضطرابات السياسية عقب سجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الخصم الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويرى مراقبون أن السياسة النقدية الحالية تُحاول تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي وضبط التضخم، إلا أن البيانات الأخيرة تضع هذا التوازن على المحك.