خبير اقتصادي: مصر تحقق اكتفاءً ذاتيًا من الدولار لأول مرة منذ سنوات دون اقتراض


الجريدة العقارية الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 | 06:47 مساءً
هاني جنينة
هاني جنينة
محمد فهمي

قال هاني جنينة، الخبير الاقتصادي، إن الاقتصاد المصري بدأ يشهد تعافيًا فعليًا على مختلف المستويات منذ نحو ثلاثة أشهر، بالتزامن مع انتهاء الحرب في غزة، مشيرًا إلى أن المؤشرات الكلية والقطاعية تدل على تحسن ملحوظ في أداء الاقتصاد، بما في ذلك تدفقات النقد الأجنبي، وتحويلات العاملين بالخارج، ونشاط الشركات التصديرية.

 تعافٍ غير متوقع بعد الحرب في غزة

وأوضح جنينة في لقاء مع العربية بيزنيس، أن وقف الحرب في غزة كان بمثابة نقطة تحول، حيث بدأت تظهر شواهد قوية لتعافي الاقتصاد. وأشار إلى أن عددًا من الشركات الأجنبية بدأت تنقل أنشطتها من الصين وتركيا وإندونيسيا إلى مصر للاستفادة من موقعها الجغرافي واتفاقياتها التجارية مع أوروبا.

 طفرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج

ولفت إلى أن تحويلات المصريين بالخارج سجلت صعودًا كبيرًا بسبب توحيد سعر الصرف وتوافر فرص استثمارية، إلى جانب زيادة هجرة الكفاءات المصرية من المهندسين والأطباء والماليين إلى دول الخليج وأوروبا، ما عزز التحويلات الدولارية، مشيرًا إلى أن مصر باتت تصدر عمالة ماهرة مثل لبنان.

السياحة في أعلى مستوياتها.. و18 مليار دولار مستهدفة

أشار جنينة إلى أن قطاع السياحة شهد أداءً متميزًا، ومن المتوقع أن تصل إيراداته إلى 18 مليار دولار في 2024، وربما 20 مليارًا في 2025، في ظل نسب إشغال تتراوح بين 75% و80%، مقارنة بـ50% في العام السابق. وأكد أن التعافي السياحي يسهم بشكل مباشر في زيادة العملة الأجنبية وتعزيز ميزان المدفوعات.

 "لأول مرة منذ سنوات.. مصر تكتفي ذاتيًا من الدولار دون اقتراض"

قال جنينة إن مصر تحقق الآن اكتفاءً ذاتيًا من العملة الأجنبية للمرة الأولى منذ سنوات، وذلك عبر مصادر تصدير طبيعية مثل السياحة والتحويلات والتصنيع، وليس عبر الاقتراض الخارجي، مما يعزز الثقة لدى المستثمرين الأجانب، الذين بدأوا يعودون إلى الاستثمار في أدوات الدين وأذون الخزانة.

 انخفاض كبير في مخاطر الاقتراض

وأضاف أن هامش التحوط الائتماني (CDS) انخفض إلى 4% فقط، مقارنة بـ8% قبل أربعة أشهر، و20% خلال ذروة الحرب في غزة، مما يشير إلى تحسن الثقة الائتمانية في الاقتصاد المصري.

ماذا عن البطالة والفقر؟ جنينة يجيب بأمثلة واقعية

حول البطالة، خاصة بين الشباب والنساء وحملة الشهادات، قال جنينة إن الأرقام تحتاج إلى تحليل دقيق حسب التخصص والموقع الجغرافي. وأوضح أن قطاعات مثل المنسوجات والزراعة بدأت تخلق فرص عمل حقيقية، مستشهدًا بتجربة شركة "دايس" التي عينت أكثر من 1300 سيدة شابة في مصنعها بحلوان، بعد إحيائها لأرض مصنع نسيج قديم.

وأشار إلى أن القطاعات الزراعية باتت تعتمد على أنظمة ري حديثة وزراعة محاصيل عالية الهامش مثل النباتات العطرية والفاكهة، في ظل نقص المياه، ما يحسن ربحية القطاع ويفتح آفاقًا للتوظيف.

ماذا عن الفقر ومستوى المعيشة؟

ردًا على سؤال حول تأثير الأوضاع الاقتصادية على مستوى معيشة المواطن، قال جنينة إن الشركات حينما تربح، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على التوظيف والدخول. وأضاف أن الأجور قد تبدأ بالحد الأدنى، لكنها تتحسن مع الزمن نتيجة المنافسة واحتياجات السوق، مستشهدًا بدورات اقتصادية مشابهة في التسعينيات.

وأكد أن المواطنين بدأوا بالفعل يشعرون بهدوء نسبي في أسعار بعض السلع، مثل اللحوم البيضاء والبيض، مشيرًا إلى أن معدل التضخم بدأ يتراجع، رغم أن الأسعار لم تنخفض بعد بشكل كبير، وهو أمر طبيعي في الدورات الاقتصادية.

 القطاع العقاري يواجه أزمة حقيقية.. والتباطؤ واضح في المبيعات

وحول أداء القطاع العقاري، قال هاني جنينة إن القطاع يمر حاليًا بـ"تباطؤ عنيف" في المبيعات، خاصة في الربع الثالث من العام، نتيجة ارتفاع أسعار الوحدات بشكل مبالغ فيه، بسبب ارتفاع تكاليف الأراضي والفائدة البنكية.

وأوضح أن تكلفة الأرض باتت تمثل 50 إلى 60% من تكلفة المشروع مقابل 30% سابقًا، إلى جانب تحميل العملاء بفوائد تمويلية مرتفعة على أقساط تمتد لـ10 سنوات.

الحلول المقترحة

وأكد أن الحل يكمن في خفض أسعار الفائدة تدريجيًا، لتخفيف الضغط على المطورين والمشترين، إلى جانب تنشيط تصدير العقارات للمغتربين والأجانب، باعتبارهم الفئة القادرة على تحمّل الأسعار الحالية.

 توصيات الأهلي فاروس لأسهم القطاع العقاري:

بالم هيلز: الأفضل حاليًا، بفضل استثماراتها في الساحل الشمالي وأبوظبي.

أوراسكوم للتنمية: تستفيد من انتعاش السياحة ونسب الإشغال المرتفعة في الجونة.

طلعت مصطفى: قوية ماليًا، لكن أداء سهمها بطيء بحكم حجمها الكبير.

القطاعات الصناعية والغذائية.. نجم البورصة القادم

قال جنينة إن قطاعات الأغذية والأدوية والصناعات الأساسية بدأت تجذب أنظار المستثمرين مجددًا. وأشار إلى الأسهم المفضلة: عبور لاند: شركة غذائية متكاملة ومربحة، جهينة: توسع في زراعة البرتقال والصادرات، إيديتا: مرونة في التسعير ونمو في الطلب، دومتي: محل اهتمام من شركة "أرلا" العالمية، ما يعكس جاذبية السوق المصري، ابن سينا فارما: مستفيد مباشر من خفض الفائدة بحكم اعتماده على تمويل رأس المال العامل، مصر للألومنيوم: تستفيد من نقص عالمي مرتقب في المعروض لأول مرة منذ 20 سنة، وتوقعات بارتفاع الأسعار عالميًا.

للمواطن المودع في البنوك:

طمأن جنينة المودعين بأن العائد الحقيقي على أموالهم سيظل إيجابيًا حتى مع انخفاض الفائدة، طالما أن معدل التضخم أقل من العائد، مؤكدًا أن الفائدة الاستثنائية المرتفعة في 2024 لم تكن مستدامة.

توقعات سعر الصرف: لا عودة للدولار فوق الـ50

قال جنينة إن سعر صرف الدولار "عادل" حاليًا في حدود 47 جنيهًا، متوقعًا أن يظل مستقرًا ما بين 45-47 جنيهًا خلال الفترة المقبلة. وأكد أن البنك المركزي لن يسمح بانخفاض الدولار تحت 45، حتى لا يتضرر المصدرون والمستثمرون الجدد في الصناعة.

وأشار إلى أن المركزي سيتدخل كمشتري في حال زيادة التدفقات الأجنبية، لاستخدام الفائض في زيادة الاحتياطي النقدي إلى ما فوق 100 مليار دولار.

 2025 عام الانفراجة.. والطبقة الوسطى بدأت تعود

اختتم جنينة حواره بالتفاؤل قائلًا: "نعم، لا تزال هناك تحديات، ولا يزال المواطن يعاني، ولكن الشركات بدأت تعمل بكامل طاقتها، والاستثمارات عادت، وسعر الصرف مستقر، والتضخم في تراجع. هذه إشارات قوية أن الطبقة الوسطى ستعود، والمواطن سيبدأ يشعر بتحسن حقيقي خلال عام واحد فقط".