أظهرت مؤشرات الأسهم الأمريكية علامات إرهاق بعد مسيرة صعود قوية امتدت منذ انهيار شهر أبريل الماضي.
وتترقب الأسواق حاليًا محفزات جديدة، في ظل تنامي المخاوف من تباطؤ سوق العمل واستمرار التضخم.
ورغم نجاح مؤشر S&P 500 في تحدي سمعة شهر سبتمبر كونه الأقل أداءً، إلا أنه فشل في تحقيق مكاسب يوم الأربعاء.
وقد دفع هذا الزخم الإيجابي المؤشر لتسجيل ما يقارب 30 مستوى قياسيًا في عام 2025، متجاوزًا توقعات المحللين لنهاية العام، مما أثار تكهنات بدخوله مرحلة من التحرك الأفقي.
مخاطر متزايدة وراء صعود أسهم الذكاء الاصطناعي
أشار محللون إلى أن التقييمات الحالية في السوق أصبحت مرتفعة بشكل لافت. وفي هذا السياق، أكدت سافيتا سوبرامانيان من "بنك أوف أميركا" أن مؤشر الأسهم الأمريكية يتداول عند مستويات مرتفعة إحصائياً في 19 من أصل 20 مقياساً.
من جهته، حذر تشارلي ماكإليغوت من "نومورا سيكيوريتيز" المستثمرين من المخاطر الهبوطية المتزايدة، مشيراً إلى أن الاندفاع وراء أسهم الذكاء الاصطناعي قد دفع المشككين إلى الشراء عند مستويات سعرية أعلى.
وأوضح أن هذا السلوك، مع وصول العديد من المتعاملين إلى حدود تعرضهم القصوى، قد بنى مخاطر هبوطية متزايدة على سوق الأسهم.
وعلق كريغ جونسون من "بايبر ساندلر" قائلاً: "انتهت المهلة. لم تنتهِ موجة المكاسب القوية بعد، لكن ملف المخاطر والعوائد على المدى القصير أصبح أكثر انضغاطاً مع استمرار ارتفاع الأسهم بينما يتلاشى الزخم الأساسي".
توقعات وآفاق مستقبلية لأسعار الأسهم
رغم غياب القوة الدافعة مؤخراً، ظلت سوق الأسهم قريبة من مستوياتها القياسية، مدعومة بالاعتقاد بأن الاقتصاد لن ينهار وأن النمو سيتعزز بفضل تحسن أرباح الشركات وموجة الذكاء الاصطناعي.
وفيما يخص التقييمات المرتفعة للأسهم، قالت سوبرامانيان إن مكرر ربحية شركات مؤشر S&P 500 قد يكون مبرراً بالنظر إلى تحسن الرؤية الاقتصادية.
وعلقت: "ربما ينبغي أن نعتبر مكررات اليوم هي 'الوضع الطبيعي الجديد' بدلاً من توقع عودة المتغيرات إلى متوسطات عصر مضى".
من جانبه، أشار جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إلى أن أسعار الأسهم "مرتفعة إلى حد ما"، إلا أن هذا التعليق، وفقاً لمارك هاكيت من "نايشنوايد"، يُعد ملاحظة أكثر منه تحذيراً، مما يشير إلى احتمالية حدوث فترة من "التماسك" في المدى القريب.
العوامل المؤثرة والمخاوف المتبقية
تبقى المخاطر قائمة، من أبرزها احتمال استمرار التضخم وتباطؤ نمو سوق العمل الأمريكية.
وفي هذا السياق، قال مات مالي من "ميلر تاباك" إن الحديث عن الركود التضخمي يتجدد كل بضعة أشهر، مشيراً إلى أن بيانات الأسعار الرئيسية التي ستصدر يوم الجمعة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأسواق.
على الصعيد الإيجابي، أوضحت أولريكه هوفمان-بورخارد من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" أن دورة خفض الفائدة المرتقبة من الاحتياطي الفيدرالي ستكون داعمة للأسهم والذهب.
وتتوقع أن يواصل الفيدرالي الأمريكي خفض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في كل اجتماع حتى يناير 2026.
كما أشار محللون إلى أن التاريخ يشير إلى أن أي تراجع محتمل في الأسهم سيكون معتدلاً، خاصة وأن الارتفاع الحالي مدعوم بتفاؤل حذر وليس بمبالغة مضاربية، وهو ما يدعم رؤية بناءة للسوق على المدى الطويل.