لجنة أممية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة... والاحتلال يرفض ويصف النتائج بالمنحازة


الجريدة العقارية الخميس 18 سبتمبر 2025 | 07:35 مساءً
إبادة جماعية في قطاع غزة
إبادة جماعية في قطاع غزة
محمد شوشة

خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، هذا الأسبوع، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت إبادة جماعية في قطاع غزة، في حين رفضت إسرائيل النتائج ووصفتها بأنها متحيزة وتعتمد على أدلة لم يتم التحقق منها.

وتُعرف الإبادة الجماعية وفق اتفاقية عام 1948 بأنها الجرائم المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية كليًا أو جزئيًا، وتشمل خمسة أعمال رئيسية: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير، وخلق ظروف تهدف لتدمير الجماعة، ومنع الولادات، ونقل الأطفال قسرًا إلى مجموعات أخرى.

وتشير المحاكم الدولية إلى ثلاثة أمثلة تاريخية لإثبات الإبادة الجماعية: مذبحة الخمير الحمر في كمبوديا (1975-1979) التي أودت بحياة 1.7 مليون شخص، والإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994 التي راح ضحيتها 800 ألف شخص، ومذبحة سريبرينيتسا عام 1995 التي أودت بحياة نحو 8000 رجل وصبي مسلم في البوسنة.

إبادة جماعية في قطاع غزة

استندت اللجنة إلى 23 شهرًا من المقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء، وتحليل الوثائق المفتوحة المصدر وصور الأقمار الصناعية، لتخلص إلى أن السلطات الإسرائيلية وقوات الأمن لديها نية إبادة جماعية لتدمير الفلسطينيين في غزة كليًا أو جزئيًا، ووجدت اللجنة أن الاحتلال مسؤول عن ارتكاب الإبادة الجماعية، والفشل في منعها ومعاقبتها، وفقًا لوكالة رويترز.

وقالت اللجنة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت أربعة من الأعمال الخمسة للإبادة الجماعية: القتل، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير، وفرض ظروف معيشية تهدف لتدمير الفلسطينيين كليًا أو جزئيًا، وفرض إجراءات تهدف إلى منع الولادات، مؤكدة أن النتائج تتوافق مع استنتاجات رابطة كبار علماء الإبادة الجماعية ومنظمات حقوق الإنسان.

الأدلة المستند إليها التحقيق

تضمن التقرير عمليات قتل واسعة النطاق، وعرقلة المساعدات، والتهجير القسري، وتدمير مرافق الرعاية الصحية، بما في ذلك عيادة الخصوبة، كما استشهدت اللجنة بتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، بينها رسالة لجنود إسرائيليين في نوفمبر 2023 وصف فيها عملية غزة بأنها حرب إبادة كاملة مقدسة، وكذلك تصريحات وزير دفاع الاحتلال السابق يوآف جالانت في أكتوبر 2023 والتي أعلن فيها حصارًا كاملًا لغزة واصفًا الفلسطينيين بـ"حيوانات بشرية"، وكذلك تصريح رئيس الاحتلال إسحاق هرتسوج الذي قال في 14 أكتوبر 2023 إن أمة بأكملها هي المسؤولة.

إثبات نية الإبادة الجماعية

من أجل إدانة دولة أو أفراد بارتكاب إبادة جماعية، يجب على المحكمة أن تجد وقوع واحد على الأقل من الأعمال الخمسة الأساسية، وأن يكون الضحايا جزءًا من جماعة قومية أو إثنية أو دينية متميزة، كما يجب إثبات نية محددة للتدمير، وهو ما يجعل الإبادة الجماعية أصعب إثباتًا مقارنة بالانتهاكات الأخرى للقانون الإنساني الدولي، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ولتحديد النية، قالت لجنة الأمم المتحدة إنها حللت التصريحات التي أدلت بها السلطات الإسرائيلية ونمط سلوك قادة إسرائيل وقوات الأمن في غزة، وخلصت إلى أن نية الإبادة الجماعية هي الاستنتاج المعقول الوحيد الذي يمكن استخلاصه من طبيعة عملياتهم.

القضايا التي تنظرها المحاكم الدولية

في عام 2023، رفعت جنوب أفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة للفصل في النزاعات بين الدول، متهمة الاحتلال بارتكاب إبادة جماعية، ومن المتوقع أن تستغرق القضية سنوات للوصول إلى حكم نهائي، وفي الوقت نفسه أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية أثناء شن الحرب ضد مسلحي حماس في قطاع غزة.

وتتمتع محكمة العدل الدولية بالولاية القضائية على اتفاقية الإبادة الجماعية، وهي أول معاهدة حقوق الإنسان اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1948، والتي أكدت التزام المجتمع الدولي بمنع تكرار الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية.

كما تنظر المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المزعومة المرتكبة في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وقد أصدرت أوامر اعتقال في نوفمبر من العام الماضي بحق نتنياهو وجالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الصراع في غزة، لكنها لم تطالب بإصدار مذكرة بتهم إبادة جماعية في ذلك الوقت.

تبرير الاحتلال الإسرائيلي

زعم سفير الاحتلال الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في جنيف، دانييل ميرون، أن التقرير فاضح ومزيف، متهمًا اللجنة بانحياز سياسي ضد إسرائيل ورفض التعاون معها.

ورفضت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اتهامات الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، مستندة إلى حقها في الدفاع عن النفس بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أودى بحياة 1200 شخص وأسفر عن أسر 251 رهينة وفق الإحصاءات الإسرائيلية.

إبادة جماعية في قطاع غزة
إبادة جماعية في قطاع غزة