تُعد الشركات العائلية مكونًا أساسيًا وحيويًا في الاقتصاد العالمي، حيث لا يقتصر دورها على إدارة الأعمال فحسب، بل تمتد لتشكل جزءًا محوريًا من الدورة الاقتصادية.
تكشف الأرقام عن حجم تأثيرها الهائل، ففي عام 2024، بلغت إيراداتها نحو 80 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 70% من الناتج الاقتصادي العالمي.
ولتوضيح ضخامة هذا الرقم، فإنه يعادل حجم الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة، وأوروبا، والصين، والهند، والبرازيل، وكندا مجتمعةً.
حقائق وأرقام: إمبراطوريات لا تُستهان بها
تُظهر البيانات أن هناك ما يقارب 300 مليون شركة عائلية على مستوى العالم، تشكل نحو 90% من إجمالي عدد الشركات، وتوفر وظائف لحوالي ملياري شخص، أي ما يعادل 60% من إجمالي الوظائف عالميًا.
أما أكبر 500 شركة عائلية، فقد حققت إيرادات بلغت 8.8 تريليون دولار في العام الماضي، وتوظف نحو 25 مليون موظف.
كما أن تاريخ هذه الشركات يمتد لقرون، حيث تُعد شركة المقاولات اليابانية "تاكيناكا" الأقدم عالميًا، بتاريخ يتجاوز 415 عامًا، تليها شركة الأدوية الألمانية "ميرك" التي تأسست قبل 356 عامًا.
هذه الأمثلة تؤكد قدرة الشركات العائلية على الصمود والاستمرارية عبر الأجيال.
تحديات داخلية: الخلافة والحوكمة
رغم قوتها، تواجه الشركات العائلية تحديات جوهرية، أبرزها غياب خطط الخلافة. وفقًا لـ عبودي ناجيا، الرئيس المشارك في "لومبارد أودييه"، فإن أقل من 1% من الشركات العائلية في منطقة الخليج لديها خطط واضحة لانتقال القيادة بين الأجيال.
هذه النسبة المنخفضة تشير إلى هشاشة حقيقية قد تُعرض مستقبل هذه الكيانات للخطر.
كما أن تحدي الحوكمة يظل قائمًا، حيث يرى ناجيا أن العديد من العائلات لا تفضل الشفافية والمحاسبة التي تتطلبها الحوكمة. ومع ذلك، يؤكد أن تغيير هذه العقلية أمر ضروري لضمان استدامة الأعمال وتجنب النزاعات الداخلية.
الجيل الجديد وتحولات المستقبل
لضمان استمرارية الشركات، يجب إشراك الأجيال الجديدة. وقد أكد ناجيا أن بعض الشركات بدأت بالفعل في إعداد الجيل القادم وتأهيله للمناصب القيادية، مع توقع أن يكون للأجيال الشابة توجه مختلف يركز على الاستدامة وابتكار أنماط إدارة حديثة.
من المؤشرات الإيجابية أيضًا أن نحو ثلث الأدوار القيادية في الشركات العائلية تشغلها نساء، وهو تحول إيجابي يتوقع أن يتزايد خلال السنوات القادمة.
أمام هذه الشركات فرصة كبيرة لإعادة تعريف دورها وضمان استدامتها، خاصة مع توقع انتقال ثروات هائلة تُقدر بـ تريليون دولار بين الأجيال بحلول عام 2030.
إن قدرة الشركات العائلية على مواجهة التحديات الداخلية، والانفتاح على التغيير والشفافية، ستحدد مدى استمرارها في لعب دورها المحوري في الاقتصاد العالمي.