خبير: الاحتياطي الأجنبي في وضع مطمئن رغم ما يعانيه العالم من ضبابية اقتصادية


الجريدة العقارية السبت 13 سبتمبر 2025 | 08:05 مساءً
البنك المركزي المصري - الاحتياطي النقدي
البنك المركزي المصري - الاحتياطي النقدي
محمد فهمي

أشاد الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه الأخير بشأن السياسة النقدية، مؤكدًا أن تصريحات الرئيس حملت مؤشرات إيجابية تعكس متانة الوضع الاقتصادي المصري، لا سيما فيما يتعلق بمستويات الاحتياطي النقدي الأجنبي، واستدامة نظام سعر الصرف المرن.

وفي مداخلة مع قناة إكسترا نيوز، أوضح عنبر أن الاحتياطي الأجنبي الموجود بالبنك المركزي المصري في وضع مطمئن، وهو ما يتيح للدولة الوفاء بالتزاماتها من واردات غذائية وسلع استراتيجية، في وقت يعاني فيه العالم من ضبابية اقتصادية بسبب التوترات الجيوسياسية وعدم استقرار الأسواق الدولية.

وأشار إلى أن التأكيد الرئاسي على استقرار الاحتياطي يُعد عاملًا حيويًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، فضلًا عن كونه إشارة إيجابية للقدرة على امتصاص الصدمات الخارجية.

الدين العام في النطاق الآمن.. والمشروعات القومية تلعب دورًا

وفيما يخص الدين العام، شدد الدكتور محمود عنبر على أن الدين لا يُقاس كرقم مطلق، بل يتم تقييمه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وأكد أن النسبة الحالية لا تزال ضمن الحدود الآمنة عالميًا، خصوصًا مع توجيه الجزء الأكبر من الدين العام إلى المشروعات الاستثمارية القادرة على توليد عوائد اقتصادية، ما يسهم في تمويل أقساط وخدمة الدين مستقبلًا.

وأضاف أن المرونة في السياسة النقدية، والاستثمارات في البنية التحتية والتشريعية، منذ بداية جائحة كورونا وحتى اليوم، لعبت دورًا محوريًا في صمود الاقتصاد المصري.

آليات رفع الاحتياطي الأجنبي: توطين الصناعة وزيادة التصدير

وعن سبل زيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي، أشار عنبر إلى أن كل ما يُعزز عرض الدولار في السوق المحلية يُعد أداة فعالة لتحقيق هذا الهدف، موضحًا أن توطين الصناعات وزيادة الإنتاج المحلي يقللان من الاعتماد على الواردات، وبالتالي يقل الطلب على الدولار.

وأكد أن توفير منتجات محلية تنافس نظيراتها الأجنبية يسهم أيضًا في زيادة الصادرات وتحقيق فائض في الميزان التجاري ومن ثم ميزان المدفوعات، وهي مؤشرات إيجابية على الأداء الاقتصادي العام.

كما نوّه إلى أهمية تحويلات المصريين بالخارج، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، الذي أنهى فعليًا الفجوة بين السوق الرسمية وغير الرسمية (السوق السوداء)، مما شجع على تحويل الأموال عبر القنوات الرسمية.

السياحة والاستثمار الأجنبي يدعمان العملة الوطنية

واعتبر عنبر أن السياحة تمثل أحد أهم مصادر النقد الأجنبي، لا سيما في ظل ما تتمتع به مصر من استقرار أمني وسياسي، إضافة إلى تطور البنية التحتية والتشريعية، وهي عوامل عززت جاذبية مصر كمقصد سياحي واستثماري إقليمي.

وأشار إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يزال أحد أبرز مصادر تدفق الدولار إلى السوق المصرية، موضحًا أن مصر تعد وجهة رائدة للاستثمار على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، بحسب تقارير دولية.

سعر الصرف المرن: ضرورة اقتصادية وثقة دولية

وفيما يتعلق بسعر الصرف، أكد الدكتور محمود عنبر أن التحول إلى نظام مرن هو توجه ضروري وصحي للاقتصاد، إذ يُمكِّن السوق من تحديد القيمة الحقيقية للجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية وفقًا لآليات العرض والطلب.

وقال: "كلما زاد المعروض من الدولار في الداخل مقابل الطلب عليه، زادت قيمة العملة المحلية. والعكس صحيح". كما اعتبر أن سياسة تثبيت سعر الصرف في الماضي كانت تستنزف الموارد الدولارية للدولة وتُضعف الثقة لدى المستثمرين.

وأوضح أن سعر الصرف المرن يبعث برسائل طمأنينة للمؤسسات الدولية، ويشجع على الاستثمار طويل الأجل، مشيرًا إلى أن التعويم المدار أو الكامل يعطي صورة واقعية عن أداء العملة، ويمنع تشوه السوق.

هل تنخفض قيمة الدولار في المرحلة المقبلة؟

فيما يتعلق بإمكانية انخفاض سعر الدولار خلال الفترة المقبلة، أكد عنبر أن الأمر مرتبط بعدة متغيرات خارجية، أهمها الأوضاع الجيوسياسية العالمية، والتغيرات في السياسة النقدية الأمريكية، خاصة مع اتجاه بعض الدول إلى تقليل الاعتماد على الدولار أو البحث عن عملات بديلة في التجارة الدولية.

ومع ذلك، أشار إلى أن ارتفاع موارد الدولة من العملات الأجنبية ونجاح سياسات ضبط السوق والاحتياطي النقدي من شأنه أن يدعم استقرار الجنيه المصري، ويحد من تقلبات سعر الصرف.

رسائل طمأنة قوية من القيادة السياسية

واختتم الدكتور محمود عنبر حديثه بالتأكيد على أن توجيهات الرئيس السيسي تعكس وعيًا كبيرًا بطبيعة التحديات الاقتصادية العالمية، وتؤكد أن مصر تمضي في الطريق الصحيح نحو إصلاح اقتصادي مستدام، يقوم على مرونة سوق النقد، واستدامة الدين، وتنوع مصادر النقد الأجنبي، وتحسين بيئة الاستثمار.